لبنان يرفض طلبا دوليا لإقامة مخيمات للاجئين السوريين على أراضيه
درباس: على المنظمات التعامل مع الأمر الواقع
بيروت: كارولين عاكوم
رأى وزير الخارجية والمغتربين في لبنان جبران باسيل أنّ {أي شكل من أشكال شرعنة مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان، هو نوع من التوطين}، منبها من حصول {فتنة لبنانيّة – سوريّة} بسبب العبء المتزايد للجوء السوري إلى لبنان، ومؤكّدا رفضه القاطع لإقامة المخيّمات وشرعنتها داخل الأراضي اللبنانيّة، «لأنّ ذلك يعني إنشاء بلدات سورية داخل لبنان}.
وبعد أن رفضت المنظمات الدولية إنشاء مخيمات على الحدود اللبنانية – السورية في البقاع والشمال للمحافظة على سلامة النازحين، عد باسيل أنّ إقامة المخيمات في المناطق العازلة وتحديدا بعد نقطة المصنع في البقاع، هو قرار لبناني بحت ولا دخل للمنظمات فيه.
ويأتي موقف باسيل بعد حسم التباين في الآراء بين اللبنانيين بشأن مكان إقامة هذه المخيمات بين الداخل اللبناني أو على الحدود. وفي هذا الإطار، أعلن وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس أنه كان يؤيد إقامة مخيمات للنازحين السوريين في عكار بالشمال، مشيرا في الوقت عينه إلى أنّ «قسما من اللبنانيين يرفض هذا الاقتراح لأن هذا اللجوء يذكر باللجوء الفلسطيني، وبالتالي لا يمكن تطبيقه في ظل الرفض الذي يواجهه}.
وأوضح درباس لـ{الشرق الأوسط} أنّه ليس هناك خلاف بين الأفرقاء السياسيين بهذا الشأن إنما كان اختلافا في وجهات النظر، والجميع اليوم متفق على إنشاء مخيمات في المناطق العازلة مع التشديد في تطبيق القرارات التي سبق للحكومة اللبنانية أنّ اتخذتها، والمتعلقّة بتحديد معايير لدخول السوريين إلى لبنان بصفة نازح. وأكّد درباس أنّه عندما تتوفّر الظروف المناسبة لإنشاء هذه المخيمات في المناطق العازلة ضمن الأراضي اللبنانية فعندها ستقوم الحكومة بواجبها وعلى المنظمات الدولية أنّ تتعامل عندها مع الأمر الواقع. ولفت إلى أنّ هذه الظروف تتمثّل بالدرجة الأولى بالضمانة الدولية للأمن والتمويل إضافة إلى الإدارة الدولية لهذه المخيمات.
وكانت الحكومة اللبنانية قد اتخذت قرارات للحد قدر الإمكان من تزايد عدد اللاجئين من خلال إسقاط صفة النازح عن كل من يخرج من لبنان والذي نتج عنه عدم عودة 50 ألف نازح سوري، إضافة إلى منع دخول المقبلين من مناطق بعيدة عن الحدود، أو تلك القريبة من الحدود التي لا تشهد قتالا، ورأى درباس أنّه «إذا التزمت الدولة بهذه السياسة ستصبح الأمور أفضل}.
وفي مؤتمره الصحافي، دعا باسيل إلى تشجيع النازحين في لبنان إلى العودة، قائلا {نحن مع إعفاء السوريين من التكاليف المترتبة عليهم مقابل خروجهم وعدم عودتهم إلى لبنان}، مضيفا: {السوريون لن يدخلوا بعد اليوم إلى لبنان بصفة نازحين، ونحن لم نتكلّم عن إغلاق حدود أو منع تنقّل بل السوري الذي يأتي إلى لبنان لا تنطبق عليه صفة نازح}.
وأكّد باسيل أنّ {قرار مجلس الوزراء بإقامة مخيّمات للنازحين واضح}، مضيفا: {حقوق الإنسان لا تتجزأ ومن مسؤوليتنا أن ننظر أولا للإنسان اللبناني وهذا سبب من أسباب عدم القبول بالمخيمات}.
وعد وزير الخارجية أنّ {كل المساعدات التي تصل مباشرة إلى النازح السوري تشجعه على البقاء في لبنان»، وفيما وصف قرار الحكومة الحالية بشأن النازحين بأنّه {نوعي}، رأى باسيل أنّه {يلزمه تطبيق فعلي}، وأكّد أنّ {لبنان أعطى كل التسهيلات للاجئين السوريين والأمور بدأت تصل إلى حد الانفجار»، ورأى أنّ {المجتمع الدولي أخفق بشكل كامل بتحمل مسؤولياته تجاه أزمة النازحين السوريين مع العلم أنّه هو المتسبب بها}.
ودعا باسيل إلى {التطلّع إلى حقوق المواطن اللبناني التي تُنتهك يوميًا، خصوصا أن نسبة اللاجئين السوريين تتجاوز 35 في المائة من سكان لبنان}، لافتا إلى أنّ {المستشفيات تسجل 80 حالة ولادة سورية مقابل 40 ولادة لبنانيّة، كما أنّ لبنان يعطي اللاجئين السوريين كهرباء بقيمة 100 مليون دولار شهريا}، مشيرا إلى أنّ {تكرار الولادة للنازح 3 مرّات يلغي صفة النزوح السياسي والأمني ووزارة التربية أحصت عدد الطلاب السوريين في الابتدائي بـ88 ألفًا مقابل 85 ألف طالبٍ لبناني}.
وكانت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة قدرت، في تقرير صدر عنها ليل أمس أن {يتجاوز عدد اللاجئين السوريين في لبنان مع نهاية العام الحالي المليون ونصف المليون، أي أكثر من ثلث السكان}، محذرة من {العبء الثقيل المتزايد الذي يعاني منه اقتصاد البلد الصغير ذي الموارد المحدودة نتيجة ذلك}.
وأشار التقرير إلى أن {لبنان يستضيف 38 في المائة من اللاجئين السوريين في المنطقة، وهي النسبة الأعلى}، مشددا على {ضرورة تأمين تمويل بقيمة 1.6 مليار دولار خلال العام الحالي للتعامل مع هذا العبء». ولفت التقرير إلى أن {23 في المائة فقط من التمويل المطلوب لهذه السنة قد جرى تأمينه}.
وبينما ألقى وزير الخارجية اللوم في مؤتمره الصحافي أمس، على الحكومة السابقة التي اعتمدت سياسة النأي بالنفس وطريقة مقاربتها لملف النازحين، ردّ رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي على باسيل في بيان له، وعد أنّ {سياسة النأي بالنفس كانت الحل الأفضل لإبعاد لبنان عن النيران السورية، خصوصا في ظل الانقسام السياسي الذي كان حاصلا في تلك الفترة والحملات التي كانت تشن على الحكومة من أكثر من جهة للانخراط بالأزمة السورية وتأييد هذا الفريق أو ذاك}. ولفت ميقاتي إلى أنّ «باسيل كان من ضمن فريق سياسي أساسي في الحكومة السابقة ويدرك جيدا ظروف عملها والأسباب التي حتمت عليها اتخاذ هذا الموقف}.