لا يبدو حتى اليوم أن أي جديد طرأ على الملف الإنتخابي الرئاسي بحيث لا تزال المواقف على حالها، وذلك على الرغم من الإتصالات والمشاورات المكثّفة الجارية على أكثر من محور، إن في عين التينة حيث يعمل الرئيس بري لبلورة توافق ما مع القيادات السياسية يحرّك العملية الإنتخابية، أو في «بيت الوسط» حيث يجهد الرئيس سعد الحريري لحلحلة العقد التي لا تزال تكبّل هذه العملية.
وفي هذا السياق، بات أمراً محسوماً أن لرئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط أجندته الخاصة تقول مصادر مقربة من المختارة في ما يتعلّق بالإستحقاق الرئاسي، وبالتالي فإنه لا يتفق مع العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، أو حتى مع الرئيس الحريري، في سياق نظرة مشتركة عمن سيكون الرئيس العتيد. فالنائب جنبلاط أكد، ومن «بيت الوسط»، تمسّكه بترشيح النائب هنري حلو، في حين أن للرئيس الحريري موقفاً مشتركاً وثابتاً مع كامل قوى 14 آذار بأن جعجع لا يزال مرشّح هذا الفريق حتى الآن، وإن كان هنالك توجّه نحو حصول لقاء موسّع لهذا الفريق في فترة ليست ببعيدة وإعلان موقف من هذا الإستحقاق، قد يكون بسحب ترشيح جعجع لصالح مرشّح آخر من قوى 14 آذار كالنائب بطرس حرب أو الرئيس أمين الجميّل، أو ربما ترك الباب مفتوحاً دون تسمية أي مرشّح من هذا الفريق، بحيث يأتي رئيس الجمهورية الجديد لا من 8 ولا من 14 آذار، وهذا الموقف ينسجم مع موقف البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي ومع النائب جنبلاط الذي يميل إلى هذا الخيار، وعندها يقوم بسحب مرشّحه النائب حلو من السباق الرئاسي الذي يبقيه للمناورة، وعندما تدقّ ساعة الحقيقة، فإن الزعيم الجنبلاطي سيتّخذ الموقف المناسب، وبالتالي لا زال هذا الترشيح مناسباً وورقة لا يستهان بها في يد سيد المختارة لحشر الأفرقاء الآخرين ولا سيما عون وجعجع.
واشارت المصادر الى أن اللقاءات المقبلة للنائب جنبلاط مع الرئيس أمين الجميل والدكتور جعجع والنائب سليمان فرنجية ستبلور أموراً كثيرة في إطار المعطى الجنبلاطي بشأن هذا الإستحقاق، وكي لا تسجّل حالات عتب عليه من قبل الزعماء والقيادات المارونية بغية وضعهم في هواجسه وما يقلقه جراء الشغور الرئاسي ومستقبل المسيحيين في لبنان على ضوء ما يحصل في المنطقة بشكل عام.
من هنا، ما زال الموضوع الرئاسي يدور في حلقة مفرغة وضمن اللقاءات والمشاورات، والتي ستبقى على وتيرتها إلى حين نضوج الحل، وهنا يكشف مرجع سياسي في مجالسه الخاصة بأنه سيكون للبنان رئيس جديد للجمهورية غير محسوب على أي فريق من الأفرقاء وتوافقي، ومن خارج الأسماء المتداولة، ولكن ليس قبل تشرين الأول المقبل وربما بعده بقليل، باعتبار أنه ليس في الأفق أي تسوية إقليمية أو دولية لتسويقها لحلّ المعضلة الرئاسية في لبنان، إذ ستأتي هذه التسوية أو الحلّ بعد الإنتهاء من حرب العراق، بمعنى ترتيب الأوضاع في هذا البلد، الأمر الذي سيستغرق بعض الوقت، بما يعني أن الأولوية لدى المجتمع الدولي تنحصر حالياً في ما هو حاصل في العراق وبعده سوريا وغزّة، وإن كان الموضوع الأوكراني له أهميته دولياً وإقليمياً، وبالتالي له تأثيراته على الداخل اللبناني.
وفي سياق هذه الأوضاع غير الواضحة المعالم تقول مصادر نيابية في 14 اذار ان الإتصالات السياسية بين المرجعيات الأساسية، وعلى الرغم من المواقف والتصريحات والمزايدات، فإن البحث يجري راهناً على إيجاد صيغة للتمديد للمجلس النيابي، والذي بات محسوماً، إنما المشاورات جارية على مدة التمديد، لكن الأجواء تؤشّر على أنها لن تكون أقلّ من سنة، وعليه فإن الموضوع الرئاسي ذاهب في إجازة طويلة، والجميع بات في الأجواء لأن عملية سحب المرشحين الكبار لن تكون بهذه السهولة، بل ستشهد مدّاً وجزراً وخلافات وفرز تحالفات جديدة، أي أن كلفة سحب الترشيحات ستكون كبيرة وباهظة لا سيما على خط الرابية، بحيث سيصل «حزب الله» إلى هذه المرحلة، وعندها سيفاتح حليفه العماد عون بالمعطيات الإقليمية والدولية والظروف التي تحتّم عليه للقبول بمرشّح إجماع وطني، وبالتالي سحب ترشيحه على غرار ما جرى في «الدوحة» حين اقدم الحزب على هذه الخطوة مكرهاً، وإن ترك ذلك حينها غضباً وعتباً شديداً لدى جنرال الرابية.