لقاءات باريس توصل عون إلى بعبدا أو تسقطه من السباق؟
ظروف الانتخاب لم تنضج و”المستقبل” لم يتخلّ عن جعجع
أثار كلام رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع من باريس أمس عقب لقاءاته مع الرئيس سعد الحريري في شأن طرح الاخير العماد ميشال عون مرشحا توافقيا، التباسا لما احتمله من تفسيرات حيال موقف “تيار المستقبل” اولا من الاستحقاق الرئاسي، وهو الذي أعلن تبنيه جعجع مرشحا لقوى 14 آذار وصوّت له في الدورة الانتخابية الاولى، ثانيا مما اذا كان طرح الحريري لعون مرشحا توافقيا يعني تخليه عن جعجع، مع ما يعنيه مثل هذا الموقف من انعكاسات على وحدة تحالف قوى 14 آذار وتماسكه وما يتهدده في ظل الرفض الذي قابل به رئيس القوات لطرح رئيس “المستقبل”.
غاب الكلام الذي قاله جعجع في لقائه مع جمعية الصحافيين العرب في باريس طيلة يوم أمس عن المواقع الاعلامية، وفي مقدمها الموقع الرسمي لـ”القوات اللبنانية”، مما عزز التأويلات والتفسيرات، خصوصا أنه لم يصدر عن ذلك الموقع الا بيان مقتضب يعد بالنص الحرفي لكلام جعجع فور وروده.
تأخر الكلام عن الصدور، فاتحاً المجال أمام قراءات متعددة للمضمون الاولي الذي ورد. وقد قرأت فيه بعض الاوساط السياسية بلورة لملامح تسوية خارجية برعاية سعودية اميركية تفضي الى توافق على عون رئيسا للجمهورية (رغم الاشارات السعودية – والاميركية السلبية بعدم استقبال وزير الخارجية جبران باسيل).
عزّز هذا الانطباع توجيهات عون لأعضاء تكتله بضرورة المشاركة في جلسة الانتخاب الخميس، علما أن القرار النهائي في هذا الشأن سيصدر عن عون في اجتماع التكتل اليوم، وهو ما سيبلور نتائج التواصل الحريري – العوني ويحسم الجدل حول مضامينه.
ولكن ليس بالضرورة ان تعني مشاركة التكتل في جلسة الخميس أن النصاب توافر وأن الجلسة ستفضي الى انتخاب، لكنها من دون شك ستخفف حدة النقمة في الشارع المسيحي، ولا سيما لدى الجمهور البرتقالي على زعيمه المتهم بتعطيل نصاب الانتخاب.
أما في الاوساط المستقبلية، وعلى رغم التكتم الذي يحوط اللقاءات الباريسية حيث يجري البحث عن الرئيس التوافقي، فان المعلومات المتوافرة لا تذهب في الاندفاعة العونية المتمادية، بل تحرص على تأكيد المعطيات الآتية:
– ان اللقاءات بين الحريري وجعجع تهدف الى البحث في كيفية مواجهة الاستحقاق في الفترة الفاصلة عن انتهاء المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس.
– ان قوى 14 آذار لا تزال في مربع ترشيح جعجع وتبنّيه.
– ان القرار في شأن الرئيس التوافقي ليس عند الحريري بل عند المسيحيين الذي يعود اليهم اختيار مرشحيهم، وعلى القوى الاخرى احترام هذا الاختيار.
– اما كلام جعجع عن طرح الحريري لعون مرشحاً توافقياً، فهو يؤكد أن هناك نقاشاً جدياً في الخيارات الاخرى التي قد يتطلبها الاستحقاق الرئاسي في حال فشل قوى 14 آذار في ايصال مرشحها الى الرئاسة، وأن مرحلة التفاوض بدأت من جانب جعجع كما من جانب عون الذي يوفد باسيل للتفاوض باسمه، ولكن ليس عليه.
– ثمة من رأى في هذا التفسير “براءة ذمة” وفرها جعجع للحريري باعتبار ان مثل هذا الكلام يحرر الحريري من أي التزام حيال عون أو من يتبناه، وأن المشكلة مسيحية والرئيس لا يكون توافقيا اذا لم يحظ بقبول كل القوى وليس فقط الثنائية السنية – الشيعية.
وفيما تجزم اوساط مستقبلية ان هذا هو سقف كلام جعجع ولا يحتمل أي تفسير آخر وخصوصا التفسير الرامي الى اعتبار طرح الحريري مقدمة لتهيئة المناخ لدى جمهور 14 آذار للسير بعون مرشحا توافقياً، اكدت مصادر سياسية أن حركة الاتصالات الداخلية والخارجية لم تغير بعد في المعطيات القائمة حيال الاستحقاق الرئاسي، مستبعدة تأمين النصاب في جلسة الخميس، ومشيرة الى ان المرحلة اليوم هي مرحلة عون بعد جعجع.
واذ تستبعد أن تؤدي التسوية الجارية الى ايصال عون الى الرئاسة، على خلفية ان الظروف الاقليمية لم تنضج بعد لانضاج الاستحقاق، وان تعميم الفراغ لا يزال هدفا لدى قوى سياسية تمهيدا لارساء توازن جديد للقوى، لا تقلل من حظوظ “معجزة” توصل عون الى بعبدا. لكنها تطرح السؤال متى وبأي أجندا وبأي ثمن على تحالف 14 آذار أولا وعلى البلاد ثانيا؟