لقاء الراعي مع سفراء عواصم القرار جرس إنذار
وليس محاولة إستدراج عروض خارجية للتدخّل في الإستحقاق الرئاسي
يأتي اللقاء اللافت الذي جمع البطريرك بشارة الراعي في بكركي، أمس، مع سفراء الدول الكبرى المعتمدين في لبنان، في إطار الجهود التي تقوم بها البطريركية المارونية من أجل الضغط باتجاه إجراء الاستحقاق الرئاسي في أقرب وقت بعد دخول الشغور في مقام رئاسة الجمهورية شهره الثاني، في ظل مخاوف من إطالة أمده بعد تعذر توافق القيادات المارونية على الانتخابات الرئاسية، بالرغم من الجهود المضنية التي قام بها البطريرك الراعي وعلى مدى شهور لحث النواب المسيحيين تحديداً على عدم مقاطعة جلسات الانتخاب وضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن، الأمر الذي أصاب سيد بكركي بخيبة أمل كبيرة من أداء بعض النواب المسيحيين الذين لم يلتزموا بما تعهدوا به، ما أدى إلى حصول الشغور في موقع رئاسة الجمهورية مع ما لذلك من انعكاسات خطيرة على وضع المسيحيين في لبنان وعلى الاستقرار بشكل عام.
واستناداً إلى المعلومات المتوافرة لـ»اللواء»، فإن البطريرك الراعي شرح للسفراء ما قام به من اتصالات ومشاورات مع القوى السياسية المعنية بالاستحقاق الرئاسي بهدف إجرائه في موعده الدستوري، لكن كل ذلك لم يؤت ثماره لأسباب عديدة من بينها رفض حضور عدد من النواب لجلسات الانتخاب، ما أدى إلى تعذر اكتمال النصاب وبالتالي عدم انتخاب رئيس للجمهورية خلفاً للرئيس ميشال سليمان.
وأشارت المعلومات إلى أن البطريرك شرح أيضاً لسفراء عواصم القرار مخاطر بقاء البلد دون رئيس للجمهورية وما لذلك من إخلال بالميثاقية التي يقوم عليها العيش المشترك في لبنان، وهذا من شأنه أن يفقد المسيحيين دورهم الريادي في لبنان الذي عرفوا به منذ الاستقلال.
وقد دعا البطريرك السفراء إلى الطلب من دولهم العمل على مساعدة لبنان في إزالة العقبات من أمام انتخابات الرئاسة الأولى وتعبيد الطريق أمام وصول رئسيس يعبر عن تطلعات اللبنانيين ويملأ الفراغ الذي يهدد المؤسسات الدستورية في حال طال أمده، مع ما قد يتركه ذلك من سلبيات على الاستقرار الأمني الذي بدأ يعاني اهتزازات قوية مرة جديدة، خاصة وأن المتربصين شراً بلبنان يحاولون استغلال الفراغ الرئاسي للقيام بأعمال إجرامية وإثارة أجواء الفتن بين اللبنانيين.
وفي المقابل، أكد السفراء الأجانب للبطريرك أن دولهم حريصة على استقرار وأمن لبنان، وبالتالي فإنها تدعم انتخاب رئيس جديد للجمهورية يكون صناعة لبنانية ودون تدخل أحد، خاصة وأن استمرار الفراغ مؤشر سلبي ويمكن أن يحمل أخطاراً كبيرة على البلد، مشددين على أن موضوع الانتخابات الرئاسية أمر يهم اللبنانيين وحدهم وهم المسؤولون عن إيجاد الحلول له وإن واجبات جميع النواب حضور جلسة الانتخاب وعدم التغيب.
وتجدر الإشارة إلى أن لقاء البطريرك بسفراء الدول الكبرى يأتي بعد لقاءيه بمرشح «14 آذار» المعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ومرشح «8 آذار» المعلن المستتر رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون الذي أكد للبطريرك الراعي خلال اجتماعه به بحضور عدد كبير من المطارنة الموارنة وبشكل صريح أنه لن يُخلي المعركة من أجل أحد وأنه مصر على خوضها للوصول إلى قصر بعبدا لأنه الأقوى على الساحة المسيحية، وهو لن يتنازل لأحد ولن يدعو نوابه لحضور جلسات الانتخاب إلا إذا تم التوافق عليه رئيساً، وإلا فإن الفراغ سيطول مهما اشتدت الضغوطات، من بكركي أو من غيرها.