IMLebanon

لقاء نصرالله – جنبلاط يخرق الجمود

السياسة لا تهدأ في لبنان حتى في زمن الأعياد، إذ فيما كان يتوقّع أن تجمّد الملفات السياسية وتدخل في إجازة إلى ما بعد عيد الفطر، شكّل اللقاء بين الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله ورئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط، بحضور مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا، اختراقاً مهماً في جدار الجمود السياسي وتحديداً الرئاسي، إذ ما كان هذا اللقاء ليُعقد لولا بروز مؤشرات تتطلب تواصلاً ونقاشاً على هذا المستوى، خصوصاً بعد إعلان الرئيس سعد الحريري الانتقال إلى المرحلة الثانية رئاسياً، وتقاطع هذا الموقف مع ما أعلنه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس عن السبب وراء «إقصاء وإهمال وتغييب» الشخصيات المارونية خارج فريقي 14 و8 آذار في وقت «أصبح واضحاً أنّ فريق 14 لا يريد رئيساً من 8، والعكس صحيح». ومن الواضح أن هناك تزخيما للحراك السياسي الرئاسي على أكثر من مستوى بدءا من بكركي مرورا بقوى 14 آذار وصولا إلى رئيس «الاشتراكي» الذي وجد مناخا مواتيا من أجل المبادرة في محاولة لإنهاء الشغور الرئاسي، حيث من المتوقع أن تعود الملفات السياسية، ما بعد العيد، إلى مقدمة القضايا الوطنية بعد الحلحلة النسبية التي شهدتها الملفات المعيشية.

أكد النائب جنبلاط، في حديث تلفزيوني، أنّ اللقاء مع السيد نصرالله «إيجابي جداً»، وشدّد على أن «فلسطين تجمعنا». وكان صدر عن العلاقات الإعلامية في «حزب الله» ومفوضية الإعلام في «الحزب التقدمي الإشتراكي» بيان مشترك أفادا فيه أنه «تمّ التباحث خلال اللقاء في الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة ولا سيما ما يجري في غزة، حيث أكد الطرفان أنّ فلسطين تبقى القضية المركزية وهي تعلو فوق كل الخلافات السياسية».

وتناول الجانبان ما يجري في العراق، وبالتحديد ما تشهده منطقة الموصل من تهجير للمسيحيين وقتل لهم وللمسلمين على أيدي التكفيريين، اﻷمر الذي كان موضع استنكار الطرفين، وبحثا أيضاً في الأوضاع الداخلية ولا سيما موضوع العمل الحكومي وأهمية تفعيله وتنشيطه، مشددين على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية لإنهاء حالة الشغور القائمة، وتوافقا على ضرورة الحفاظ على التماسك الداخلي وتعزيز الإجراءات المتخذة من أجل تمتين حالة الاستقرار التي تعيشها البلاد من خلال رفع مستويات التنسيق بين اﻷجهزة اﻷمنية.

وتطرّق البحث إلى موضوع العلاقات الثنائية بين «حزب الله» و»الحزب التقدمي الاشتراكي»، حيث عَبّر الطرفان عن رضاهما عن حسن سير هذه العلاقة، وأكدا ضرورة تطويرها بما فيه مصلحة الطرفين والمصلحة الوطنية العامة.

وكان نصرالله قد تلقى اتصالاً من وزير خارجية الجمهورية الإسلامية في إيران محمد جواد ظريف، تداولا فيه آخر المستجدات في غزة، وأوجه العمل، وأشكال الدعم المطلوب لوَقف العدوان ولرفع الحصار عنها، كما استقبل معاون وزير خارجية الجمهورية الإسلامية السيد أمير عبد اللهيان والوفد المرافق له، بحضور السفير الإيراني السيد محمد فتحعلي.

أجواء اللقاء

وكشفت مصادر أطلعت على أجواء اللقاء لـ»الجمهورية» أنّ جنبلاط، ولدى الحديث عن الاستحقاق الرئاسي وضرورة انتخاب الرئيس العتيد، لم يتمكن من أن ينال من نصرالله تعهداً بسَحب ترشيح العماد ميشال عون من السباق الرئاسي. وقالت المصادر انّ بعض اللقاءات التي سيجريها الأمين العام لـ»حزب الله» في الأيام القليلة المقبلة ستشكل مفاجأة سياسية، ولكن من دون أن تكشف عن اللقاء المقبل ومدى أهميته.

وأفادت مصادر مقرّبة من حزب الله لـ»الجمهورية» أنّ جنبلاط الذي طلب اللقاء وتبلّغ باقتراب موعده خلال تقديمه واجب العزاء لمعاون الأمين العام الحاج حسين خليل، كان مَهّد له بسلسلة من المواقف والتحركات التي قرّبت المسافات مع الحزب، ومن بينها رعايته للحوار بين تيار «المستقبل» وحركة «أمل»، كما سَعيه الى حوار مماثل بين «المستقبل» و»حزب الله»، والذي علّق بطلب من الرئيس نبيه بري بانتظار أن يثمر هذا الحوار على الخط الأول قبل الانتقال إلى الخط الثاني.

واحتفظت المصادر بالكثير ممّا دار في هذا اللقاء، وفضّلت عدم الدخول في التفاصيل بانتظار الأيام المقبلة التي ستشهد ترجمة للحديث الذي جرى وما عَكسه من تفاهمات بين الطرفين.

ترّو لـ«الجمهورية»

وفي هذا السياق رأى عضو كتلة «اللقاء الديموقراطي» النائب علاء الدين ترّو لـ»الجمهورية» أنّ «ظروف الأمين العام لـ «حزب الله» هي التي حالت سابقاً دون لقائه رئيس «اللقاء الديمقراطي»، في وقت نرحّب دائماً بلقاء جميع القوى السياسية، ولا سيما «حزب الله»، لافتاً الى أنّ «كل المستجدّات في البلد من تعطيل للاستحقاق الرئاسي الى تعطيل مجلس النواب وصولاً الى كل ما يجري في المنطقة، يستدعي الى هكذا لقاءات بين الفريقين، علماً أنّ اللقاء الأخير جاء تتويجاً للقاءات المتواصلة بين الحزبين».

وإذ لفت الى أنّ «الأمور الجدية التي يبحث بها لا يُكشف عنها بطبيعة الحال في الاعلام»، أكد «أنّنا أطلعنا تيار «المستقبل» على تفاصيل اللقاء، فلا أسرار لدينا في لقاءاتنا واتصالاتنا مع القوى السياسية كافة، بل اننا نتداول فيها مع كل الأفرقاء، لعلّنا نساهم في تخفيف حدّة الاحتقان القائم في البلد».

الراعي

وفي سياق ضغطه المتواصل لإتمام الانتخابات الرئاسية حذّر الراعي من أنّ «الاستغناء عن رئيس للجمهورية، ومحاولة نسيانه واعتباره غير ضروري يستبطن هدم كيان الدولة لغايات مبيّتة».

وندّد مجدداً بمخالفة النواب للدستور، وقال: «بدلاً من أن يلتئم المجلس يومياً لانتخاب الرئيس، فإنّ رئيسه (نبيه بري) لا يدعو إلى انعقاده، وعن غير وجه حق، إلّا في كل أسبوع أو اثنين أو شهر». وسأل: «بماذا ينعت كل هذا التصرّف وماذا يعني؟ وما هي أهدافه؟»

غيّاض

وفي هذا الإطار أكّد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غيّاض لـ»الجمهورية»، أنّ «موقف الراعي واضح، وهو لا يضع «فيتو» على أيّ مرشّح من 8 أو 14 آذار، أو أي ماروني مستقلّ، ويشدّد على أنّ المجلس يجب أن ينتخب الرئيس والذي يفوز نُبارك له»، نافياً «وجود لائحة مرشحين لبكركي يعمل البطريرك على تسويقها من خلال كلامه في العظة».

ودعا الى «عدم تحريف كلامه أو تأويله، لأنّ هدف الراعي انتخاب رئيس في هذه الظروف الإستثنائية، وسط صعوبة التحديات في المنطقة، مع تأكيد على نوعيّة الرئيس».

وعَمّا إذا كانت أحداث الموصل وتهجير المسيحيين تُسرّع اتفاق الموارنة على انتخاب الرئيس، استغرب غيّاض كيف أن «كل شيء استثنائي في لبنان إلّا مجلس النوّاب الذي يجب أن يكون مستنفراً لانتخاب رئيس لأنّ المرحلة غير عادية»، مؤكداً أنّ «الرئيس هو لكل لبنان ويؤمّن الشراكة الفعليّة، والإتصالات مستمرّة مع كل الزعماء المسيحيين لإنقاذ موقع الرئاسة».

وأشار الى أنّ «الكلام عن ذهاب البطريرك الى واشنطن أو باريس لإجراء مشاورات رئاسية غير صحيح». وشدّد على أنّ «الفاتيكان يتابع عمله في هذا الملفّ عبر السفير البابوي غابريال كاتشيا وعبر ديبلوماسيته التي تنشط في عواصم القرار العالمي، لكنّ أزمات المنطقة المتسارعة جعلت اهتمام الفاتيكان منصبّ الآن على مسيحيي العراق».

ومن جهّة أخرى، اعتبر غيّاض أنه «حصل سوء فهم لكلام الراعي عن الحوار مع «داعش»، وهو طلب من المسلمين المعتدلين لعب دورهم في حماية المسيحيين، والراعي كان يتساءل عن دور الإعتدال الإسلامي في الكلام مع داعش»، لافتاً الى أنّ «الإتصالات متواصلة مع الرئيس الحريري، وبكركي تُثني على خطابه الأخير عن محاربة التطرّف والإرهاب».

ديب

وتمنّى النائب حكمت ديب «لو أنّ الراعي لم يدخل في تفاصيل اللعبة السياسية بهذا الشكل»، وقال لـ»الجمهورية» إنه «كان عليه أن يقدّر ويثني على الصدمة الإيجابية التي أحدثناها عبر مقاطعتنا جلسات الرئيس»، لافتاً الى أنّ «هذه المقاطعة هدفها القول إنّ المسيحيين لا يقبلون برئيس كيفما كان، بل يريدون أخذ حقوقهم».

ورأى ديب أنّ «البطريرك كان يجب أن يقف متضامناً معنا ويدعمنا في سَعينا لتصحيح الاعوجاج، لكن للأسف دخل في زواريب السياسة والمرشحين».

كرم لـ«الجمهورية»

وبدوره، رأى النائب فادي كرم أنّ «المشكلة هي في تأمين النصاب». وقال لـ»الجمهوريّة»: «إذا أمّن نوّاب «التيار» و»حزب الله» النصاب، يترشّح مَن يشاء، والمسألة لم تعدّ مسألة أسماء، لكن ذهنية التعطيل عند الفريق الآخر لا تسمح بأن ينتخب رئيساً عبر الأصول الديموقراطية».

ولفت الى أنّ «القوّات مع تسهيل انتخاب الرئيس، لذلك طرحت مبادرة هدفها تأمين النصاب وإنقاذ الرئاسة من الفراغ الذي فرضه فريق التيار وحلفائه».

وفد رسمي الى مالي

وعلى خط آخر تواصل الاهتمام بكارثة الطائرة الجزائرية، حيث غادر وفد رسمي الى مالي لمتابعة التحقيقات واسترجاع جثامين الضحايا، وقد نشطت الإتصالات بين المسؤولين اللبنانيين والفرنسيين، حيث طلب لبنان من باريس المساعدة في استرجاع جثامين الضحايا اللبنانيين، فأكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند «استعداد بلاده الكامل للمساهمة في تسهيل نقل جثامين الضحايا اللبنانيين»، موضحاً أنّ «ظهور نتائج فحوص الحمض النووي تمهيداً للتعرّف الى الجثث، يحتاج بضعة أيام، يبدأ بعدها إعداد الجثامين تمهيداً لنقلها».

مجلس الوزراء

ومع دخول البلاد عطلة عيد الفطر السعيد تجمّدت الحركة السياسية والديبلوماسية لأيام ثلاثة على الأقل، الأمر الذي دفع رئيس الحكومة تمام سلام، الذي سيغيب عن السمع حتى مساء الأربعاء، الى عدم دعوة مجلس الوزراء الى الاجتماع هذا الأسبوع على رغم أنّ يوم الخميس سيكون يوم عمل عاديّ على المستوى الرسمي.

وعلمت «الجمهورية» أنه للسنة الثانية على التوالي سيؤدّي مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني صلاة عيد الفطر السعيد وخطبته من دون حضور رسمي، فيما باشرت وحدات الجيش تنفيذ تدابير امنية استثنائية حول دور العبادة ومحيطها والطرق الرئيسية واماكن التسوّق والمرافق السياحية.

السيد حسين لـ«الجمهورية»

وبعد إنجاز ملف الجامعة اللبنانية أبدى رئيس الجامعة الدكتور عدنان السيد حسين ارتياحه للخطوات التي اتخذها مجلس الوزراء ولَو جاءت متأخرة عشر سنوات على الأقل.

وقال لـ»الجمهورية»: كان لا بد من هذه الخطوة، لأنّ عمداء الكليات يمارسون مهامهم بالإنابة أو بالتكليف طيلة هذه الفترة. وعن اللوائح الخاصة بالأساتذة المتفرغين، قال انّ رئاسة الجامعة تنتظر اللائحة النهائية من وزير التربية الياس بو صعب لتعميمها على الجامعات والكليات بحسب اختصاصاتها، وإبلاغ الأساتذة المتفرغين القرارات الخاصة بهم وترتيب أوضاعهم النهائية.