IMLebanon

لماذا؟

– 1 –

… وماذا لو لم تفاوض الدولة الخاطفين في جرود عرسال؟

لا بد ان رافضي التفاوض يعرفون الجواب، ويعرفون ان الخاطفين الداعشيين “نوع آخر من المخلوقات”، كما وصفهم النائب “المقاوم” محمد رعد، ما يسمح بالاستنتاج، الذي توصل اليه رعد نفسه، وهو أنهم “مجرد وحوش تقتل كل من يغايرها”.

بناء على “حكمة” رعد، فإن رفض التفاوض والمقايضة الذي يرفعه “الحزب المتسلط”، ليس سوى دعوة ضمنية الى قتل المخطوفين اللبنانيين. والحال هذه، يجب سؤاله لمَ لا ينجد المخطوفين، اليوم، كما ادعى، وفعل، بالأمس، حين “أنجد” لبنانيي سوريا، ولماذا لا تقوم ميليشياته، من “قوات التعبئة”، و”سرايا المقاومة”، بالتصدي للخاطفين، وهي التي قاتلتهم كرمى للنظام الأسدي، ودفعتهم الى الاراضي اللبنانية، بديلا لهم من القصير والقلمون ويبرود وغيرها. واذا كانت بهذه القوة “الملحمية” التي تزعم، لماذا لا تبادر، بدل دفع الجيش الى مواجهة يعرف المهلّلون لها أن كلفتها الانسانية ستكون عالية، وان نتائجها غير مؤكدة.

تفاوض الدولة اليوم، عبر الوسيط القطري، على حياء شهدنا مثله في ثمانينات القرن الفائت، حين خضعت دول كبرى لموجات خطف أبنائها في لبنان، ولم تكن مصالح طهران ودمشق الأسدية بعيدة عنها عبر الحزب اياه، أو عبر “شاشات” ابتدعها. يومذاك بذلت دول كالولايات المتحدة وفرنسا المال والمصالح والتنازلات لإنقاذ أبنائها، ولم تلحق إهانة بجيوشها نتيجة ذلك.

حتى الحزب نفسه ساوم اسرائيل على أسراه لديها، وكان آخرهم سمير القنطار الذي خاف الأمين العام على دمعة والدته، ولم تهزه دموع 1200 أم استشهد ابناؤهن في حرب تموز 2006.

اذاً، لِمَ استهجان التفاوض وكأنه من المنكرات؟

– 2 –

لماذا التظاهرات وقطع الطرق تأييداً للجيش، وكأن هناك آخر يعادي الجيش، ولماذا اطلاق بعض “الأهالي” في البقاع تهديدات بـ “فتنة كبرى” (حرفياً وفي نقل متلفز)، كأن الآخر يتضامن مع “داعش”، وهو الذي عاد أبناؤه من الخطف، في أكفانهم؟

باختصار، لماذا افتعال الانقسام الوطني، وادعاء احتكار محبة الجيش والوطن، ومنعهما عن الآخر؟ ولماذا طرح غياب القرار السياسي بتحريك الجيش لمواجهة “داعش”، كأنه خيانة وطنية، بينما الحكمة السياسية هي أخذ للخسائر والارباح في الاعتبار؟ وهل هي الحرب للحرب، أم لانقاذ اللبنانيين المختطفين؟

لربما المطلوب الحرب للحرب، لفرض إعادة تلازم المسار والمصير مع النظام الأسدي، وإشهار التنسيق بين الجيش والميليشيات، وهما أمران لم يوارب الحزب في طلبهما.

إنها حياة لبنانيين في ميزان، إبرته الحكمة، أولا، والقرار العاقل ثانيا، ولو كان التفاوض