IMLebanon

لماذا استهداف الجيش في زمن الانتحاريين؟

لبنان غير المتماسك سياسياً.. ممسوك أمنياً

لماذا استهداف الجيش في زمن الانتحاريين؟

مَن يدفع الوضع في لبنان الى الهاوية؟ وأي واقع يُراد فرضه في هذا البلد عبر تصدير الانتحاريين إليه؟ ولماذا استهداف الامن العام بمحاولة اغتيال مديره العام اللواء عباس ابراهيم ومن ثم استهداف الجيش اللبناني على ما جاء في بيان سراج الدين زريقات، والذي تناغم بشكل مريب مع تحريض متعمّد على المؤسسة العسكرية من قبل بعض السياسيين الذين يتظللون بغطاء تيار «المستقبل»؟

 التشاؤم هو السمة العامة، واللبنانيون قلقون من محاولة إدخال لبنان في حلقة جهنمية من الاستهداف الارهابي، وبقدر هذا القلق، كانت الريبة من مسارعة خليجية لدعوة الرعايا الى مغادرة لبنان، وكذلك من بيان السفارة الأميركية بعد تفجير ضهر البيدر، ومضمونه الذي يرسم مسبقاً خارطة أحداث لاحقة من «تظاهرات عفوية» الى «نزاعات طائفية قد تتفاقم بسرعة».

مما لا شك فيه أن الأميركيين يعرفون ما لا يعرفه اللبنانيون، ولذلك الاحتياط واجب على اللبنانيين أياً كانت الروايات والوقائع والظروف، وعلى ما يقول احد المراجع، فلا جدال في حرص تلك الدول على رعاياها، لكن المسألة تختلف أن استبطن هذا الحرص انخراطاً في محاولة وضع لبنان على منصة الإعدام ورميه في مهب الإرهاب والفوضى.

واما بيان السفارة الاميركية، والكلام للمرجع المذكور، فخطورته تقتضي مقاربته بوصفه «جرس إنذار» لتوخي الحذر والاستعداد لمواجهة الخطر وأيضاً بوصفه «معلومة» لدى الاميركيين عن امتلاكهم معطيات حول شيء ما يُحضَّر للبنان.

وعلى الرغم من تقلب البلد على جمر الارهاب في الايام الاخيرة، فإن للمرجع المذكور مقاربة لا تنفي الخوف مما يجري، الا انها لا تذهب الى حد الرعب مما يجري او الاستسلام له، بل ترتكز على مجموعة خلاصات فيها اكثر من دلالة:

– وجود خلايا نائمة للجماعات الارهابية، لها ارتباطها المباشر بجهات خارجية تمولها وتوجهها، وجدت في المستجدات العراقية «الداعشية»، فرصة للاستيقاظ والعودة مجدداً الى مسلسل التخريب للامن الداخلي، واشاعة مناخات الفتنة بين اللبنانيين.

– كثير من الانتحاريين خليجيون. فهل على لبنان أن يكتفي بتذكير حكومات الخليج بانها ضحية الارهاب وتحاربه وتعاني منه، او ليس على لبنان ان يحتج او يعبر لتلك الدول ولو عن تحفظه على تصدير الانتحاريين اليه، او ليس عليه ان يسأل لماذا لا يتم التنسيق الامني الاستخباري معه حول إرهابيين معروفين في دولهم ويسمح لهم بالسفر الى لبنان؟

– لبنان غير متماسك سياسياً وأمنياً، الا انه ممسوك أمنياً وسياسياً. ففي الامن، تتبدى يقظة الاجهزة الامنية والعسكرية واحترافها، والتنسيق في ما بينها، ونجاحها في افشال اهداف الارهابيين. ويسجل للامن العام إنجازاته الاخيرة على هذا الصعيد.

واما في السياسة، فلا تشنجات او حملات، ولا خطاب طائفياً ومذهبياً. والمظلة السياسية للاستقرار الداخلي متوافرة، برعاية دولية وإقليمية ترغب بتحييد لبنان عن الازمات الاقليمية والحفاظ على استقراره، وهذا ما يتبين من الجهد المخابراتي الخارجي في مساعدة الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية والتبليغ عن الارهابيين.

– المنطقة مقبلة على تفاهم دولي، وكل الدروب تؤدي الى الاتفاق الاميركي ـ الايراني، والمتضررون من ذلك يسعون الى تجميع أوراق قوة، لكنهم اصطدموا بقرار دولي يمنع ضرب الاستقرار في لبنان الذي يبقى، وحتى إشعار آخر، حاجة لكل الجهات.

– لقد أدرج لبنان ضمن خريطة دولة «داعش»، كجزء من بلاد الشام. وما عملياتها الارهابية الاخيرة وتصدير الانتحاريين، سوى اختبار للساحة اللبنانية وجسّ نبضها في ما اذا كانت مهيأة للاستجابة لمنطق الارهاب والانسياق معه وجعل ساحة لبنان مسرحاً لعملياته.

وفي سياق ذلك، يأتي تصويب الإرهابيين على الجيش اللبناني بوصفه مؤسسة الوحدة والانصهار الوطني، الحامية أمن اللبنانيين والضامنة عدم وقوع فتنة وحرب أهلية، وتحظى بإجماع الشعب اللبناني حولها. وتشكل، مع القوى الأمنية الأخرى، رأس الحربة ضد المشروع الإرهابي، و«الخرطوشة» الأخيرة دفاعاً عن الدولة، أو ما تبقى منها.

إلا أن ما يُخشى منه أن يجد جيش الفقراء نفسه اليتيم الوحيد في لبنان ما لم يُرفد بالحد الأدنى من التحصين أمام محاولات النيل منه وضرب هيبته ومعنوياته من قبل بعض التكفيريين السياسيين، إذ عندما تسقط هيبة الجيش وتُضرب معنوياته لا يبقى منه شيء، وعندها على البلد السلام.