IMLebanon

لماذا السعودية تدعم السيسي؟

بعد أكثر من نصف قرن من «النضال» وصل الإخوان المسلمون الى السلطة في مصر والتهموها كلّها:

أخذوا رئاسة الجمهورية،

ثم أخذوا رئاسة الحكومة… ومعظم الحقائب الوزارية،

من ثم أخذوا مجلس الشعب رئيساً وأعضاء،

ولم يفتهم أن يزرعوا كوادرهم في الإدارة بمواقعها القيادية.

وماذا كانت النتيجة؟

سقطوا سقوطاً مروّعاً.

لماذا؟

لأنّهم أثبتوا أنّهم غرباء عن هموم وطموحات وآمال وهواجس الشعب المصري.

مصر بلد السياحة بامتياز… فقرّر الإخوان إقفال شارع الهرم بما فيه من النوادي والمنتديات السياحية خصوصاً الليلية منها، فوجهوا ضربة قاضية الى الاقتصاد المصري الذي يمدّه قطاع السياحة بمقومات الصمود والبقاء.

عزّزوا المشاعر الطائفية ونفذوا عملية اضطهاد ممنهجة: اعتدوا على الكنائس، دمّروا العشرات منها، وجّهوا أسلحة جلاوزتهم وميليشياتهم الى المسيحيين العُزل وأوقعوا منهم الكثيرين قتلى وجرحى.

تصدّوا للمتظاهرين في غير موقع وميدان.

اعتدوا على القوى الأمنية والعسكرية ورجال الشرطة، وأوقعوا فيهم القتلى والجرحى… وما زالوا يعتدون عليهم فيغدرون بهم يومياً من سيناء الى الاسكندرية مروراً بالقاهرة وسائر المناطق المصرية.

أخذ الإخوان مصر كلها رهينة، ارتهنوا الدولة، وارتهنوا الشعب، وارتهنوا الاقتصاد.

حققوا كل ما يبتغون، ولكنهم فشلوا في أمرٍ أساسي جداً: فشلوا في أن يدخلوا قلوب المصريين… والعكس صحيح: فقد أثاروا حفيظة الناس، واستعدوهم، وأفقروهم…

وذلك كلّه في فترة زمنية قياسية!

ولم يفهموا أنّ مصر لا يمكن أن تكون تابعة لإيران… وقد كان المشهد غير مقبول أن يبادر الرئيس المخلوع محمد مرسي للذهاب الى إيران في مطلع عهده وكأنّه يعطيها صكّ براءة من كل إساءاتها الى العالم العربي وإلى أهل السُنّة.

واحتضن الإخوان الإرهاب الذي لا يستهدف مصر وحدها، بل يستهدف أيضاً البلدان العربية الأخرى بدءاً بالمملكة العربية السعودية.

فكان أن ثار الشعب ضدّهم.

نزل المصريون الى الشوارع فملأوها… نزلوا ثلاثين مليوناً فغصّت بهم الشوارع والكباري والساحات والميادين وأسطح المباني وحتى الحدائق العامّة.

وكان على الجيش أن يتخذ الموقف التاريخي، والخيار كان واضحاً: مع الشعب أو ضدّ الشعب، تلك كانت المعادلة.

واختار وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي أن يقف الى جانب الشعب الذي أسقط حكم الإخوان في الشارع ما أدّى الى الزج بقادتهم في السجن.

وفي استعادة للتاريخ القريب الى وصول الإخوان الى السلطة لتذكرنا أنّ المملكة العربية السعودية كانت منذ البداية متحفظة… وذلك ليس من فراغ إنّـما لأنّ تجربتها مع الإخوان كانت تجربة فاشلة، فـ»الإخوان» همّهم الوصول الى السلطة بدءًا من مصر حتى آخر بلد عربي.

و»الإخوان» لا مشكلة لديهم في استعمال العنف للوصول الى أهدافهم… بينما السعودي مسالم بطبعه يهمّه السلام والوئام.

ولا شك في أنّ مصر، وهي تقريباً نصف العالم العربي من حيث عدد السكان (نحو مئة مليون) بينما المملكة هي القوة المالية: فتتممان بعضهما البعض، وبالتالي فلا استقرار في العالم العربي إلاّ بالتفاهم بين هاتين القوّتين الكبريين بشرياً ومالياً واقتصادياً.

من هنا كانت مبادرة الملك عبدالله الذي سارع الى تقديم المساعدات المالية الضخمة لأنّه كان حريصاً على استقرار مصر، وعلى السلطة والديموقراطية في مصر، فدعم السيسي الآتي من مؤسّسة الجيش وفيها نظام ومعروف عنها الانضباط والمناقبية.

ولا بد من الإشادة بدور الإمارات ودور الكويت لجهة مساعدة مصر، ولا شك في أنّ الإمارات تعاني من الإخوان وموقفها منهم واضح ومُعلن.

أمّا أمير الكويت الذي هو أهم وأقدم الديبلوماسيين في العالم العربي فيعرف جيداً أهمية مصر وأهمية الاتفاق بين القاهرة والرياض.

ولو عدنا في التاريخ مرّة ثانية الى «اتفاق كامب دايڤيد» الذي انتزع مصر من العالم العربي لأدركنا أنّه كان السبب في تمدّد المشروع الإيراني في العالمين العربي والإسلامي من أفغانستان الى لبنان مروراً بالعراق وسوريا.

وعندما تعود مصر الى دورها سوف يتراجع المشروع الإيراني شاء مَن شاء وأبى مَن أبى، وتعود إيران الى إيران.. وحسب. وما حدث في الموصل هو بداية نهاية المشروع الإيراني، وهذه رسالة واضحة الى إيران بأنّها لا تستطيع أن تحكم العراق الذي لا يحكمه إلاّ العراقيون العرب الذين وحدهم القادرون على إعادة وحدة أرضه وشعبه وحضوره في أمته.