كل المؤشرات تدل على ان «لا جلسة»اليوم في المجلس النيابي، وان الجلسة الثانية المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية لن تحمل مفاجآت انتخابية وانها ستكون نسخة طبق ألأصل عن الجلسة السابقة بعدم اكتمال النصاب والتأجيل للمرة الثالثة حيث يسير فريق 8 آذار الى تعطيل النصاب بعد تعذر الوصول الى مرشح توافقي كما اعلنت هذه القوى في بداية المفاوضات الرئاسية بانها لن تشارك اذا لم يحصل التوافق بين كل المكونات السياسية على اسم الرئيس المقبل . وكل المؤشرات تدل ايضاً على فشل المفاوضات بين الحريري وعون او الصفقة التي ستأتي بعون رئيساً للجمهورية وسعد الحريري رئيساً للحكومة وبان سمير جعجع كان وسيبقى مرشح 14 آذار، لكن ما لا يمكن فهمه بعد جلسة اليوم هل سيكون جعجع مرة جديدة مرشح 14 آذار في الجلسة المقبلة، ولماذا تستمر قوى 14 آذار بمن فيهم «المستقبل» ومرشحو هذا الفريق الذين قطع ترشيح جعجع احلامهم الرئاسية بدعمه والسير بترشيحه، وبالتالي لماذا يرضخ كل من الرئيس الأعلى للكتائب امين الجميل والوزير بطرس حرب والنائب روبير غانم وينتخبون «خصمهم» الرئاسي الذي يضيّع عليهم فرص الترشح وهم الذين تكبدوا على غرار الجميل مشقة التحضير للانتخابات الرئاسية بالتهيئة السياسية والانفتاح على الآخر ؟
يدرك القاصي والداني في كل من فريقي 8 و14 آذار ان لا رئيس للجمهورية في المدى القريب وان مشروع الرئيس اللبناني يسبقه انتخاب الرئيس السوري وكثير من المحطات والاستحقاقات في الدول المتداخلة في السياسة مع الداخل اللبناني، والقناعة السائدة عند الطرفين ان المناخ الإقليمي لا يسمح في الوقت الراهن بإجراء الانتخابات الرئاسية وان الحل الإقليمي لم ينضج بعد. وبالنسبة الى الفريق المسيحي في 14 آذار فان القناعة ايضاً ان لا سمير جعجع سيحصد اكثر من 48 صوتاً ولا ميشال عون سيصبح رئيساً في التاريخ القريب. وبالنسبة الى المرشحين المسيحيين في هذا الفريق فان جعجع فرض ترشيحه امراً واقعاً عليهم وبالتالي لا يمكن لأحد في هذا الفريق ان يخرج عن التوافق الآذاري وان كان رغماً عنهم بانتظار تسلسل الأحداث والظروف التي ستفرض المرشح التوافقي. من جهة أخرى فان ما لا لبس فيه ان هؤلاء المرشحين يدركون ان حجمهم التمثيلي وقوتهم لا يوازيان قوة زعيم معراب المسيحية، اما من جهة الرئيس الأعلى للكتائب فالأرجح انه يتفادى الاصطدام بترشيح جعجع وهو يفضل التريث عل سير الأحداث يفرض إعادة نظر فريقه السياسي بالترشيحات الآذارية .
اما من جهة «المستقبل»، فان في حساباته ايضاً ان ترشيح جعجع لن يوصله باي دعم خارجي او داخلي الى كرسي بعبدا، لكنه مستمر بدعمه إيفاء لدين سياسي قديم بينهما ولأن الحريري غير قادر في الوقت الراهن على تنفيذ انقلاب في السياسة يطيح بحلفائه المسيحيين وفي مقدمهم زعيم معراب الذي لم يخطئ ابداً تجاه المستقبل. كما ان الحريري تقول مصادر المستقبل، ليس مستعداً للتضحية بحلفائه وتسهيل اختراق ثورة الأرز وانهاء حالتها الوجودية عبثاً وبدون الحصول على اثمان سياسية وضمانات تتعلق بمستقبله السياسي وبحياته في حال عودته الى الربوع اللبنانية. من هنا فان المستقبل الذي يعي تماماً اهمية الرئاسة بالنسبة الى زعيم الرابية يسعى الى قطف ثمار ما يجري من تفاهم مع زعيمها، وفي هذا الاطار ثمة كلام كثير يقال في لقاءات الصف الأول بين التيار الوطني الحر والمستقبل وبين الحريري وعون من جهة، او جبران باسيل والحريري، او بين زعيم الرابية ونادر الحريري، وهو كلام يتجاوز بابعاده الانتخابات الرئاسية الى مسألة العودة وسلاح حزب الله.
وبالمحصلة فان فريق 14 آذار يتعاطى بمنطق «لا حول ولا قوة» او «مرغم اخاك لا بطل» مع ترشيح سمير جعجع الذي لا يملك ادنى الحظوظ في السباق الى قصر بعبدا، ولكنه مستمر لإحراق اوراق عون الرئاسية ولإحراج الحريري ودفعه الى الابتعاد او التخلي عن الورقة العونية، فلا حاجة للقول ان زعيم معراب منزعج لا بل منزعج جداً مما يحصل على خط زعيمي الرابية والمستقبل.