IMLebanon

لماذا حكومة سلام.. والتمسّك بها؟  

يشاع ان الذين حاكوا «تخريجة» حكومة تمام سلام، وأخرجوها من سبات عميق قبل حلول صياح الديك، هم جماعة من الخارج، على خلاف مبين، مانوا على جماعة من الداخل، على خلاف مبين ايضاً، فوضعواً خلافاتهم جانباً، واتفقوا على تشكيل حكومة تبيض ذهباً للجماعتين، لانها وفق معلوماتهم، ستكون حكومة مسلّحة بمسؤوليات رئيس جمهورية، وسوف تحكم طويلاً، دولة مقطوعة الرأس، على اعتبار انه زمن قطع الرؤوس، والقطع قد يتم بحدّ السيف كما يفعل «داعش»، او بسيف الفراغ والتعطيل، كما يفعل الفريق الذي استغلّ الفراغ في منصب رأس الدولة، ليعمّمه تعطيلاً على باقي مؤسسات الدولة، وليس ادّعاء باكتشاف البارود، ان ذكّرت بملامح الكارثة التي سيواجهها لبنان في القريب العاجل بسبب العقم في التفكير والمبادرة والتحسّب لدى المسؤولين المعنيين، ولدى بعض القيادات التي لا ترى ولا تسمع ولا تنطق الاّ بالزور، وبسبب سياسة التسويف والتعطيل والتأجيل والتمديد التي تنسحب على جميع الملفات المطروحة، والتي تمسّ مباشرة حياة جميع اللبنانيين من دون استثناء، مثل ملفات الماء والكهرباء، والغلاء والتربية، والاضرابات، والأمن، والاقتصاد، واللاجئين السوريين والفلسطينيين، وقانون الانتخابات، والتمديد للنواب، والنفط، وجميعها ملفّات يتمّ امّا «تصبيرها» الى ما شاء الله، وامّا معالجتها بالمسكّنات والمخدّرات، وامّا بتحويل هذه المطالب الاجتماعية الى اشتباك طائفي او مذهبي او سياسي، لتمييعها من جهة، ونفض اليد منها من جهة ثانية، حتى ان معالجة قضية الجنود المخطوفين لدى المنظمات الارهابية، تتم على «ريتم» الخاطفين الارهابيين، وليس تبعاً لقواعد ثابتة تحكم مثل هذه الحالات وتنفّذها الدولة من دون ابطاء، وبعيداً من التجاذبات والاعتبارات، والشروط، الى درجة ان الجهات الخاطفة «انذرت» الدولة بأن «وقت التفاوض ليس مفتوحاً» وكأنها تعرف اسلوب الدولة في بتّ القضايا العالقة، امّا موضوع النازحين السوريين والفلسطينيين فهو أدهى وأصعب وأخطر من جميع الملفات المفتوحة، لأنه يضرب لبنان في صميم تركيبته السياسية والطائفية والاجتماعية والكيانية، ومن غير المسموح ابداً ان تتغلّب المشاعر الطائفية والحسابات المذهبية على القنبلة الموقوتة التي سببها تدفّق ملايين النازحين، والعبء الكبير الملقى على لبنان، اقتصادياً، وامنياً، وصحياً، وتربوياً، وديموغرافياً، خصوصاً في ظل غياب مشبوه عربي اولاً، ودولي ثانياً، لأي اهتمام جدّي بالأمر على جميع الاصعدة، ولا اعرف اذا كان احد من المسؤولين المعنيين بهذه الكارثة، استمع امس الى المقابلة التي اجراها الزميل انطوان سعد على شاشة M.T.V مع ستيفن هايدمن نائب رئيس معهد الدراسات للسلام، الذي قال بوضوح تام وصراجة فجّة، ان على اللبنانيين ان يعرفوا كيف يعالجون مشكلة النازحين، لان الغرب لن يتدخل للتخفيف من هذه المشكلة، لا من قبيل فتح باب الهجرة الواسع امامهم ولا بالتدخل مع الدول الاخرى، وان حسابات الغرب ليست بالضرورة حسابات اللبنانيين.

* * * *

في خضمّ هذا الواقع المأسوي الذي يمرّ به لبنان، والخوف من انهيار الدولة، بسبب الفراغ والتعطيل الضاربين عميقاً في بنيتها، من المستهجن والمستغرب ان يقف وزير او نائب او مسؤول، لنعي امكانية انتخاب رئيس للجمهورية، او نعي امكانية اجراء انتخابات نيابية، بل هناك هروب وهرولة الى التعطيل والتمديد، او ان يتقدم فريق من النواب في هذه «الحشرة» بالذات، باقتراح تعديل دستوري، يتطلب حضور ثلثي نواب الأمّة، وهو لا يهتم باحترام الدستور والشعب والكنيسة، والتوجّه الى مجلس النواب وتأمين نصاب الثلثين، وانتخاب رئيس للجمهورية، يكون مدخلاً لتشكيل حكومة جديدة واجراء انتخابات نيابية، تفرز مجلساً جديداً ينظر بأي تعديل دستوري في جو مقبول، ودم بارد، بدلاً من اقحام البلد في اشكالات جديدة.