IMLebanon

لماذا خبّأت الـ CIA صُوَر تحضيرات «داعش»؟

لم تكد طهران تلتقط أنفاسها فرحاً بما حققته في سوريا وتستعّد لصرفه على طاولة مفاوضاتها الإيجابية مع واشنطن، حتى تلقّت ضربة قوية في العراق أعادت خلط الأوراق الأمنية والعسكرية والسياسية في المنطقة، خصوصاً وأن لبنان وسوريا والعراق أصبحت ساحة واحدة مترابطة ومسرحاً للقتال على الخريطة السياسية الجديدة للشرق الأوسط، وتنازُعِ النفوذ عليها.

وبالفعل، بدأت إيران سحب قوات من الميليشيات المحسوبة عليها من سوريا الى العراق، لمواجهة غزوة «داعش» والقوى المسلحة السنّية المتعاونة معها، بعدما كانت أعادت نشر بعض قواتها مثل «كتائب حزب الله» و»عصائب أهل الحق» من سوريا الى العراق قبل فترة، لأن طهران تخشى أن تواجه مرة أخرى تهديداً كبيراً على حدودها الغربية، إذا ما سقط نظام المالكي المتحالف معها.

إلّا أن إيران لن تنسحب كلياً من سوريا، بل ستقيم توازناً دقيقاً بين متطلبات صدّ الإجتياح الداعشي في العراق وبين عدم المغامرة بتعريض النظام السوري للخطر نتيجة مفاجأة أخرى قد تكون حضّرتها داعش على الجبهة السورية، على غرار ما خطّطت له، وتدرّبت عليه، وأمّنت له الأسلحة اللازمة خلال أشهر، في منطقة الرقّة السورية قبل إنطلاقها الى اجتياح الموصل ثاني أكبر مدينة في العراق والعاصمة السياسية والإقتصادية للمجتمع السنّي، وغيرها من المدن والقرى العراقية.

وإذا كانت إيران فوجئت، إلّا ان الولايات المتحدة لم تُفاجأ، لأن الأقمار الصناعية كانت تنقل لأجهزة مخابراتها العسكرية صوراً وأفلاماً عن التدريبات والإستعدادات الضخمة لـ «داعش» أولاً بأوّل. وهي لم تفعل شيئاً في المقابل، ولن تفعل في المستقبل القريب على الأرجح، لأنها ستستفيد من هذا الواقع الميداني الجديد، لإفهام إيران على طاولة المفاوضات أنها لم تربح معاركها الإقليمية بعد، وأنها لا تستطيع وحدها السيطرة على المنطقة وضمان أمنها واستقرارها، وبالتالي لا تستطيع فرض شروطها على غيرها من القوى الإقليمية، وأن الحل هو في التعاون والتنازل للوصول الى تسوية مقبولة، وليس في الحسم العسكري.

وتدرك طهران تماماً أنها على رغم زيادة دعمها للقوات الحكومية العراقية وإعادة إحياء الميليشيات الشيعية في العراق، لن تستطيع احتواء الأزمة الميدانية المتجدّدة بمفردها، وعليها التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية وتركيا والأكراد، خصوصاً وأن المالكي لم يترك له صديقاً لا مع قوى الإعتدال السنّي، ولا مع الأكراد، ولا حتى مع بعض القوى الشيعية.

اليوم يواجه العراق خطر التقسيم والتفتيت أكثر من أي يوم مضى، وتعيش سوريا هاجس خلط الأوراق مجدداً، ويلهو اللبنانيون بالمونديال!