لماذا كلما اهتز الامن في المشرق العربي يصبح الوجود المسيحي في دائرة الخطر؟ سؤال طرحه احد السياسيين اللبنانيين، ولا ينتظر جوابا من الولايات المتحدة الاميركية، ولا من اوروبا المخادعتين بل من المسلمين الذين بات اسلامهم في خطر تتهدده الوهابية وفراخها من «قاعدة» و«داعش» و«نصرة».
ففي عام 1975 ومع اندلاع الحرب الاهلية في لبنان وسيطرة ياسر عرفات على الساحة الوطنية وتهديده المناطق المسيحية وتهجيرها، ونموذج دير الاحمر في البقاع الذي وقف بوجهه الامام المغيب السيد موسى الصدر، ولا يزال الموقف الذي اطلقه حينذاك يستذكره كل لبناني، والذي جاء فيه «من اطلق رصاصة على دير الاحمر، كأنما اطلقها على صدري وعمامتي، مما اضطر ابو عمار وقتها لفك الحصار عنها.
وتابع السياسي اللبناني «كاشفا» قصة المبعوث الاميركي دين براون والذي ابلغ القيادات المسيحية الفاعلة آنذاك. ان الولايات المتحدة ليس لديها ما تقدمه للمسيحيين في لبنان سوى، تسهيل الهجرة الجماعية في بواخر اعدت لهذه الغاية وكانت موجودة في عرض البحر، وبدأ بعض المسيحيين بتوضيب حقائبقهم، وما ان اطلت الدبابات السورية من منطقة المصنع حتى اطمأن المسيحيين وعادوا عن قرارهم، وها هو الخطر الوجودي على المسيحيين في المشرق العربي يعود من جديد يقض مضاجعهم بعد ان اهتز الامن سوريا، لذلك لفت السياسي اللبناني، انه كلما كانت سوريا قوية تشكل عامل اطمئنان للمسيحيين في الشرق بشكل عام، فهل عودة سوريا السريعة الى دائرة القوة تجنب المسيحيين تجرع كأس الشرق الاوسط الجديد بمفردهم، كما استطاعت بدخولها لبنان عام 1976 من اسقاط حلم ابو عمار باقامة الدولة الفلسطينية في لبنان، وحلم الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل بتصفية القضية الفلسطينية منذ ذلك التاريخ، وابقاء المسيحيين في قراهم ومدنهم وبيوتهم واسواقهم.
وتساءل السياسي اللبناني ايضاً، لماذا دائما الخطر على المسيحيين في المشرق العربي، يأتي من دول البترودولار وادواتها، واجنحتها العسكرية في المنطقة، كما هو حاصل في سوريا والموصل على ايدي «داعش» و«النصرة» وكل هؤلاء المتأسلمين، ولماذا اصرار دولة خليجية نافذة في لبنان على ضرب المسيحيين من خلال سياسات التهميش التي يتبعها تيار سياسي يأتمر باوامرها، واصراره على ملئ الشغور بالمكان وليس بالمكانة، لجهة انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية.
وابدى السياسي اللبناني خشيته الجدية جراء استهداف المسيحيين في المشرق العربي خدمة لاسرائيل، ليهودية الدولة، من عدم قدرة القيادات المسيحية الفاعلة على اقناع المسيحيين في لبنان الذين بدأوا يستشعرون الخطر الحقيقي من الهجمة «الداعشية» المدعومة من تلك «الدول» الخليجية على وجودهم الذي يزعج الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، الذي يحاكم بجرم الفساد والرشوة، والذي لم يخجل عندما زاره البطريرك الراعي في باريس، متجاوزا كل مستويات الوقاحة حين سأل الراعي ماذا تنتظرون لتغادروا انتم المسيحيين لبنان والمنطقة الى اوروبا وكندا واستراليا.
وبات واضحاً ان ساركوزي وعلى الطريقة العامية «مش تعبان بدق ريحان المسيحيين في المنطقة»، لكن مستقبل اسرائيل يقلقه ولا بد من تسويق فكرة يهودية الكيان الصهيوني.
وختم السياسي اللبناني آملاً ان تعود دمشق قوية الى دائرة المقاومة والممانعة التي لم تغادرها، لكن أبالسة الارض شغلتها، قبل ان يقع المسيحيين بين اشداق التنين.