لم تتحرك دول “المجموعة الدولية لدعم لبنان” التي أنشئت في منتصف ايلول 2013 وتعهدت الحفاظ على الاستقرار السياسي والامني للبلاد في ظل الازمة السورية التي لها تداعيات سلبية في كل الميادين، وعلى الاخص العدد الهائل من اللاجئين السوريين الذي بلغ حتى الآن مليوناً و300 الف مسجلين لدى المفوضية العليا للاجئين وفي حاجة الى مليارات الدولارات لتسديد ما نسبته 25 في المئة من الميزانية التي رصدت لهذا العام.
لم تقدم “المجموعة” على المساهمة الفعلية في إزالة عوائق انتخاب خلف للرئيس ميشال سليمان، وكل ما فعلته انها أصدرت بيانا سلمه المنسق الخاص للأمم المتحدة ديريك بلامبلي الى رئيس مجلس النواب نبيه بري في اليوم التالي للشغور الرئاسي مؤداه الدعوة الملحة الى انتخاب رئيس للجمهورية، وان المعلومات التي تولى المسؤول الاممي نقلها الى المسؤولين وراح يكررها في وسائل الاعلام، هي ان ليس هناك مرشح تدعمه “المجموعة الدولية”، ولا عائق دوليا يحول دون وصول أي مرشح رئاسي. وهذا يقود الى ان الخلاف قد يكون اقليميا بين السعودية وايران، وان دعوة وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل نظيره الايراني محمد جواد ظريف الى زيارة المملكة بعد مرور اشهر على توجيهها لم تلبّ بعد، والتفسيرات عديدة، والمهم أن بعض الزعماء في البلاد ينتظرون التقارب السعودي – الايراني من اجل اجراء الانتخاب، فيما آخرون كانوا ينتظرون ما اذا كان الرئيس بشار الاسد سيعاد انتخابه. لقد حصل ذلك وأقسم اليمين أول من أمس الاربعاء، والنصاب لم يتأمن، والمرشح الوحيد الذي أعلنت قوى 14 آذار دعمها له هو سمير جعجع يقابله العماد ميشال عون الذي يريد أن يترشح، شرط أن ينسحب له رئيس حزب “القوات اللبنانية”، وأن يكون عون مرشح تسوية. هذا الواقع لم يتبدل منذ خلو قصر بعبدا من الرئيس. وسارع سفراء من دول “المجموعة”، الاميركي ديفيد هيل، والفرنسي باتريس باؤلي، والبريطاني طوم فلتشر، الى اقناع بعض رؤساء الكتل بضرورة انجاز الاستحقاق، إذ لا يجوز ابقاء قصر بعبدا خاليا، لأن الفراغ الرئاسي أدى الى شلل في مجلس النواب.
يستفيق اللبناني كل يوم على تبادل التهم بعرقلة انتخاب رئيس للبلاد. الجميع يريدون انتخابه في اقرب وقت ولكن لا أحد يتنازل ليسهل العملية التي باتت قضية مطروحة على جدول محادثات أي مسؤول، سواء في الخارج أو في الداخل. حتى أن بري اتهم النواب بأنهم “خيال صحرا” ونسي أنه رئيس لهذا المجلس، وأنه مع انتخاب رئيس من دون أن يقدم على أي خطوة عملية تساعد على اتمام هذا الاستحقاق. حتى في طوكيو يهتمون به وقد فاجأ أحد الصحافيين كارلوس غصن بسؤاله عما اذا كان مرشحا للرئاسة، فنفى ذلك على الفور.
ومن الثابت ايضا أن “المجموعة” مقصّرة حيال لبنان الذي يشهد اهتزازا أمنيا مقلقا، ليس فقط بمجيء انتحاريين فجروا أنفسهم في أكثر من منطقة وموقع، بل بمحاولة بعض الفلسطينيين فتح جبهة مع اسرائيل وبروز جبهة جديدة على الحدود الشرقية بين “حزب الله” و”النصرة”. والسؤال: ماذا تنتظر دول تلك “المجموعة” لصون الاستقرار السياسي والامني التي وعدت به وأنشئت من أجله؟