قامت الدنيا ولم تقعد بعد لمجرّد أنّ رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» د. سمير جعجع ترشح لرئاسة الجمهورية.
لقد ارتكب أكبر جريمة في العالم… فكيف يحق له أن يتقدّم بالترشّح لمنصب رئيس جمهورية وتاريخه أنّه كان قائد ميليشيا؟!.
الفرق بينه وبين جميع قادة الميليشيات أنّهم نالوا الحظوة والمغانم بينما هو أُودع السجن في زنزانة وزارة الدفاع الوطني.
من إيلي حبيقة الذي كان معروفاً جداً بمجازر صبرا وشاتيلا وبتعامله مع إسرائيل وأنّه الرجل الأوّل للمخابرات الإسرائيلية (الموساد)، مجرّد أنّه تاب وذهب الى المخابرات السورية فقد محوا كل تاريخه وأصبح بطلاً وعُيّـن وزيراً مكافأة له!
الى وليد جنبلاط الذي يعيّـن وزيراً ويلغي وزيراً وهو بيضة القبّان في كل حكومة وفي كل انتخابات رئاسية…
الى القائد الملهم الجنرال السابق ميشال عون بطل حرب التحرير وحرب الإلغاء الذي يريد أن يكسر رأس حافظ الاسد، لأنّه تحالف مع السوريين… وعاد من المنفى بعد 15 عاماً في باريس معززاً مكرّماً، طبعاً صعبة العيشة في باريس ولو في أحد القصور في الريف (الفرنسي)، فدبّر له جميل السيّد واميل اميل لحود وكريم بقرادوني «عوداً ميموناً» في صفقة سرعان ما بدأت عناصرها تتضح تباعاً.
الى قصر العدل وبالأخص رجل القضاء العالمي عدنان عضوم الذي كان يعمل ليلاً ونهاراً لكي يُعفى الجنرال من جميع ارتكاباته وجرائمه… فأرجعوا له الفلوس والتعويضات والإكراميات وجميع ما يوجد من فذلكات مالية… لكي يرضى الجنرال.
الى الرئيس نبيه بري قائد «التنمية والتحرير» ورئيس حركة المحرومين أُعطي منصباً متواضعاً: فقط رئيس مجلس النواب… ولكن الى أبد الآبدين ودهر الداهرين إكراماً للطائفة الشيعية الكريمة.
أرجو أن لا أكون قد نسيت ما كان يفعله جميل السيّد، فلا أحد يستطيع أن ينكر ذكاءه وألمعيته في المخابرات وتدبير المكائد والأفلام البوليسية… وليست قصة أو فيلم أبو عدس إلاّ أحد تجلياتها!
سهر الليالي مع اللواء رستم غزالي من أجل أن يركبا فيلماً ملوّناً (غير شكل) عن كنيسة سيّدة النجاة، وها هي التهمة أنّ سمير جعجع فجّرها! لأنّه رفض أن يكون وزيراً يريدان أن يفجّر كنيسة، يريدان أن يقتل المسيحيين بينما هم يصلون! فعلاً عقل جميل السيّد جهنمي، نعم جهنمي!
وقد حصل ذلك كله في عهد اميل لحود الذي جاءوا به رئيساً فقط لكي ينفذ أوامر وتعليمات الوصاية السورية.
أخيراً وليس آخر، هذا الهجوم المفاجئ… فبعد 30 سنة تذكر زعماء طرابلس من أبو عبد كبارة الى أخي وصديقي توفيق سلطان المغفور له الشهيد رئيس الحكومة الأسبق الرئيس رشيد كرامي.
أولاً شقيقه الرئيس عمر كرامي أمد الله في عمره عندما طلب منه تشكيل حكومة في عهد الرئيس الياس الهراوي عيّـن د. سمير جعجع وزيراً في حكومته، ولكن ماذا نفعل وسمير جعجع ارتكب مجزرة جديدة: رفض أن يكون وزيراً مع الرئيس عمر كرامي؟ ألَيْست هذه جريمة، وأود أن أذكر هنا أنّ مدّعي عام التمييز في حينه الرئيس منيف عويدات المشهور بنزاهته وحصافته وصدقه قد تنحّى عن التحقيق في القضية بعدما اكتشف بأنّ لقوى الهيمنة والوصاية علاقة بها!
أقول هذا من دون أن يفوتني للحظة واحدة أنّ الشهيد رشيد كرامي كان رجل دولة من طراز رفيع، كان نموذجاً في الحكم من حيث الإستقامة والمسؤولية والحرص على المال العام… وكانت قامته تتجاوز طرابلس ولبنان لتصل الى سائر ديار العروبة والإسلام حتى باكستان، كان شخصية فذّة في الذكاء والصبر وحسن الإدارة وتحمّل المسؤولية، رحمه الله رحمات واسعة.
وبقدر ما هي الخسارة كبيرة فيه عائلياً وسياسياً ووطنياً، بقدر ما يقتضي الإنصاف القول بأنّ حرب لبنان وتداعياتها أسقطت غير شهيد بين الزعماء والقادة والرؤساء طبعاً: أمثال الرؤساء رينيه معوّض وبشير الجميّل ورفيق الحريري وطبعاً رشيد كرامي، والقادة أمثال كمال جنبلاط وطوني فرنجية (…) والمفتي حسن خالد…
وتلك كانت ضريبة فادحة دفعها الشعب اللبناني.
وأعود الى عنوان هذه العجالة فأكرر السؤال: لماذا يخافون من سمير جعجع في الرئاسة؟ فأجيب بداهةً: لأنّ الرجل صاحب مشروع شامل قاعدته العدالة والديموقراطية ودولة القانون في وطن سيّد حر مستقل.