IMLebanon

لماذا يريد السُنّة سمير جعجع رئيساً للجمهورية؟

من الخطأ ومن الخطير اختصار التحالف القائم بين الشارع السُني العريض و«القوات اللبنانية» على قاعدة خصام النظام السوري.

لا، ليس اغتيال رفيق الحريري وحده ما جمع بينهما، ولا نشوب الثورة على نظام الأسد أبقاهما متضامنين. أنا كمسيحي مرتاح الى أمر أبعد، ألا وهو التغيير الفريد الذي أحدثه الحريري الأب والحريري الابن، ورجالات هذا التيار الأساسيين. تغيير يشمل نواحي الحياة الاجتماعية والسياسية، وحتى الدينية.

لا، ليس «الإعتدال الحريري» هو السمة الأبرز في اطمئناني كمسيحي. ثمة معتدلون مسلمون ومسيحيون يثيرون ريبتي أكثر من متطرفين. اختصارًا، ما يُمتِّنُ التحالف السُني والقواتي هو نهج الحياة التي يريدان أن يعيشاها ويُمارسها في هذه الدولة. حياة قائمة على الاستقرار والكرامة والإقتصاد.

إذا أصبح سمير جعجع رئيسا للجمهورية، ماذا سيربح المواطن السُني العادي الذي يشكل دعامة «تيار المستقبل»؟ ففي النهاية لا يستطيع أن يدعم «تيار المستقبل» سمير جعجع رئيسًا للجمهورية، وفق الحسابات الاستراتيجية فقط. عليه أن يأخذ بالاعتبار «ناسه» والمحازبين والناخبين.

المواطن السُني في لبنان، وفي كل العالم العربي، مفطور على حب المؤسسات واحترامها. ربما غير السُني يجد حيثيته السياسية في عصيان منطق المؤسسات، ولكن السُنة عامة، معتادون على ممارسة الحكم تاريخيًا، ويعرفون قيمة المؤسسات، وكيف ينسجمون مع منطقها. هل سمير جعجع، قادر على بناء المؤسسات؟ وعلى فرض منطق المؤسسات؟ حتى أخصامه يعترفون له بقدرة التنظيم والتخطيط والتنفيذ. أكانت المؤسسة التي يضع يده فيها أو عليها، مؤسسة إجتماعية أو إقتصادية أو إعلامية أو سياسية، وحتى عسكرية!

السُنة يحبون الحياة وكرامتهم السياسية متصلة بخيوط كثيرة، منها خيط الإقتصاد. هل سمير جعجع محبٌ لمنطق «هانوي» أو «هونغ كونغ»؟ أخصامه يقرون بأنه في عز الحرب جعل مناطق «القوات اللبنانية» متمتعةً بحركة إقتصادية مستقرة ونشيطة. فما بالك والزمن زمن سلم وعلم وتواصل؟ سمير جعجع كان قائد مقاومة عسكرية. وكان مؤمناً بأن الإقتصادَ مقاومةٌ، وربما أفعل من قصف صاروخ هنا أو إغارة على موقع عسكري هناك. سمير جعجع لا يحب المنطق القائم على قاعدة «أن كل شيء في سبيل المقاومة يهون»، بل يعتقد بأنه يجب أن لا تخسر شيئا من الأشياء لتكون مقاومتك رابحة.

المواطن السـُني لا يُسَلِّمُ بسهولة، ولا يأمَنُ جانب الآخرين بسرعة. ماذا لو غدر به سمير جعجع؟ فما أن يصل الى الرئاسة حتى ينقلب على حليف الأمس أو يحاول التفرد بالسلطة على حساب كل الأحزاب وكل والطوائف؟ في هذه النقطة الخطيرة، حتى أخصامه يعترفون له بأنه لم يبدل الأعداء. فمن هو الخصم أو العدو الذي سينقلب حليفاً ويحل محل «المستقبل»؟ «حزب الله»؟ النظام السوري؟ إيران؟ إسرائيل؟ عمليًا تبيّن دائمًا أن ثمة أطرافا مسيحيين ومسلمين بدّلوا. أما «القوات اللبنانية»، على ما ورد في القرآن الكريم: «…ما بدّلوا تبديلا».