لمصلحة من التشكيك بالجيش؟ ولماذا الحملة على قائده؟
مواجهة الإرهاب مسؤولية القوى السياسية في دعم المؤسّسة العسكرية وتجنيد الطاقات
تأتي الحملة على الجيش وقائده العماد جان قهوجي، في الوقت الذي تواجه فيه المؤسسة العسكرية مواجهة شرسة مع الإرهاب، لتثير الكثير من الأسئلة حول أسبابها ودوافعها، تارة من خلال التشكيك بأداء الجيش وتارة بالدعوة إلى تشكيل لجنة تحقيق في أحداث عرسال، مع ما لذلك من تداعيات بالغة السلبية على قيادته وضباطه وأفراده.
ولا ترى أوساط نيابية بارزة في قوى «14 آذار» كما تقول لـ»اللواء»، مبرراً للحملة التي تستهدف الجيش وقائده في هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان، حيث يواجه حملة شرسة من جانب إرهابيي «داعش» و»النصرة»، الأمر الذي يفرض على جميع القوى السياسية توفير الدعم المطلوب للمؤسسة العسكرية في المواجهة التي تخوضها مع هؤلاء الإرهابيين لمنعهم من زعزعة استقرار لبنان والاعتداء على سيادته، وبالتالي فإن التشكيك بأداء عناصر الجيش يثير استياءً عارماً في الأوساط السياسية والشعبية، باعتبار أن أي محاولة انتقاد للدور الذي تقوم به المؤسسة العسكرية يضعف أداءها ويؤثر على معنويات عناصرها، خاصة في ظل هذه الظروف البالغة الخطورة التي يواجهها لبنان من جانب المجموعات الإرهابية التي حاولت استهداف عرسال ولا تزال تتحين الفرص للانقضاض مجدداً على السلم الأهلي في لبنان وإثارة أجواء فتنة طائفية بين اللبنانيين، على غررا ما يجري في سوريا والعراق.
وشددت الأوساط على أن مواقف العماد قهوجي التي أعلنها أزالت كل التباس ووضعت النقاط على الحروف وحددت بشكل دقيق طبيعة المهمة التي كان يقوم بها الجيش في عرسال دفاعاً عن السيادة اللبنانية وفي مواجهة الجماعات الإرهابية التي كانت تريد أن تقيم لها إمارة في منطقة البقاع وصولاً إلى عكار، وهو ما واجهه الجيش بحزم وأفشل مخططات هؤلاء بكل صلابة وشجاعة، متسائلة: ألا يجدر بعد إنجازات الجيش أن يقف الجميع صفاً واحداً خلف المؤسسة العسكرية وقيادتها لدعمها ومساندتها في حربها على الإرهاب لحماية البلد من الغرق في أتون الفتنة المدمرة التي يسعى إليها أصحاب المشروع التفتيتي، كما هو حاصل في سوريا والعراق، بدل توجيه السهام إلى صدور العسكريين واتهامهم بالتقصير في الأحداث الأخيرة؟ وأشارت إلى أنه يبدو أن هناك من له حسابات سياسية يريد أن يصفيها على حساب دماء العسكريين الذين افتدوا لبنان وشعبه بأرواحهم، لا يبدو الاستحقاق الرئاسي بعيداً منها، مع ارتفاع حجم التأييد السياسي والشعبي للعماد قهوجي الذي عرف بخبرته وحنكته كيف يوفر الظروف الملائمة للجيش للانتصار في معركة عرسال رغم الثمن الكبير الذي دفعه، لكن ذلك لا يمنع من القول إن الالتفاف الشعبي حول المؤسسة العسكرية شكل مظلة أساسية كانت بأمس الحاجة إليها لدحر الإرهابيين والحفاظ على السيادة اللبنانية من الأخطار الداهمة.
ولا تخفي الأوساط قلقها من أبعاد هذا الاستهداف للجيش، في إطار حملات القوى التي تريد تعميم الفراغ على كافة المؤسسات، فبعد إفراغ الرئاسة الأولى من دورها وشل عمل مجلس النواب، جاء دور الجيش لتشويه إنجازات قائده الذي ارتفعت أسهمه للوصول إلى الرئاسة الأولى، لأنه حمى لبنان مما يتهدده من مخاطر، في حين أن هناك من يعمل على ضرب المؤسسات الدستورية وشل عملها، وصولاً إلى المؤسسة العسكرية التي لا تزال صامدة في وجه المؤامرات التي تريد النيل من وحدة الوطن ومؤسساته السياسية والأمنية.