لمصلحة من محاولات تعطيل العمل الحكومي وشل المؤسّسات؟
تساؤلات عن أسباب ربط التوافق في الحكومة بعقد جلسة تشريعية
لم يقتصر التعطيل على موقع الرئاسة الأولى الذي يعاني شغوراً قد يبدو طويلاً، وإنما تعداه إلى المجلس النيابي العاجز عن الالتئام لمعالجة قضايا الناس، وصولاً إلى الحكومة التي بدأت تعاني عوارض المرض مبكراً، في ظل خروج خلافات مكوناتها إلى العلن على خلفية العودة إلى لغة المحاصصة والمصالح الشخصية والفئوية، ما جعل رئيسها تمام سلام يهدد بعدم الدعوة إلى عقد جلسات جديدة للحكومة إذا استمرت الخلافات على التعيينات ولم تستعد الأجواء الوفاقية التي ميزت عملها منذ انطلاقتها.
وتبدي في هذا الإطار، مصادر وزارية كما تقول لـ«اللواء»، خشية كبيرة على الأداء الحكومي، إذا أصر بعض مكونات الحكومة على فرض توجهاته على عمل مجلس الوزراء وعدم الأخذ بمضمون الاتفاق الذي سبق وتم التوصل إليه حول منهجية العمل الحكومي لجهة أن كل القرارات التي تتخذ يجب أن تكون بالتوافق حرصاً على مصلحة البلد والناس في ظل الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان، ما يحتم على الجميع السير وفق هذه الآلية التي تم اعتمادها، مشيرة إلى أن ما جرى خلال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة كشف أن هناك من يريد الانقلاب على التوافق الذي حصل وعدم الالتزام به، ما دفع الرئيس سلام إلى التعبير عن استيائه ورفضه لما جرى، محذراً الوزراء من أنه لن يدعو إلى جلسة جديدة للحكومة إذا استمر غياب التوافق عن جلسات مجلس الوزراء.
واعتبرت المصادر أن أخطر ما يمكن تصوره هو تحذيرات البعض من أن تعطيل عمل مجلس النواب سيقابله تعطيل مماثل لجلسات مجلس الوزراء، في إمعان واضح بشل ما تبقى من مؤسسات دستورية بعد ضرب مؤسسة الرئاسة الأولى بمنع انتخاب رئيس الجمهورية، وهو أمر بالغ الخطورة سيأخذ البلد إلى مزيد من الشلل والاهتراء على كافة المستويات، معتبرة أن هذا الأسلوب في التعاطي بالنسبة لأداء الحكومة يخفي نوايا مبيتة للعرقلة، من خلال العودة إلى الشروط والشروط المضادة التي عطلت عمل الحكومات السابقة وجعلت البلد أسير أهواء ومصالح البعض في الحكومة وخارجها.
ورأت المصادر أن ما يحدث على صعيد حالة الشلل التي أصابت عمل المجلس النيابي وإمكانية انسحاب هذا الأمر على الوضع الحكومي لم يكن مستغرباً، بعدما بدأ المسلسل بعرقلة الانتخابات الرئاسية، باعتبار أن وجود رئيس للجمهورية يشكل الناظم لعمل بقية المؤسسات الدستورية، كونه يشكل رمز وحدة البلد وحامي الدستور، وتالياً فإنه أمر طبيعي أن تواجه المؤسستان التشريعية والتنفيذية مخاطر حقيقية على عملهما في ظل الشغور الرئاسي الحاصل، لأن الجريمة التي ارتكبها اللبنانيون هي في عدم انتخاب الرئيس العتيد في المهلة الدستورية.
وتشدد على أن مواجهة مخاطر التعطيل تتطلب النظر إلى مصلحة البلد قبل أي اعتبار آخر والسعي إلى إزالة العقبات من أمام استمرار مجلس الوزراء في عمله استناداً إلى التوافق الذي تم التوصل إليه عند تأليف هذه الحكومة لناحية استبعاد الموضوعات الخلافية لتسيير عجلة الدولة وحرصاً على مصلحة اللبنانيين، وبالتالي لا يجوز التفكير بأي منطق خلاف ذلك، ولا بد من أن يحصل تفاهم بين جميع المكونات الحكومية، على أن أي محاولة لممارسة ضغوطات من جانب أي فريق على الفريق الآخر لا يمكن أن تُجدي وستنعكس حتماً على أداء الحكومة وقد تدفع رئيسها إلى اعتماد خطوات لا يرغب باتخاذها، لأن العرقلة ستترك انعكاساتها على الجميع وستكون مصالح الناس هي الضحية الأولى بعودة التناحر بين القوى السياسية. ولذلك لا بد من أن تكون الأولوية لتهيئة المناخات من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية بأسرع وقت، باعتبار ذلك مدخلاً لإعادة تصحيح مسار الأمور وتفعيل عمل وأداء المؤسسات وتحصين السلم الأهلي وحماية الاستقرار الداخلي.