يحدثوننا هذه الايام عن الخوف من فتنة سنية – شيعية فيما يتناسون الفتنة المسيحية – المسيحية التي منعت حتى الان انتخاب رئيس للجمهورية حتى اشعار اخر، لاسيما ان الفتنة الاولى مرشحة لان يستخدم فيها الطرفان ما يملكان من اسلحة بينما يستخدم فيها الطرفان الاخران ابشع انواع العهر السياسي الذي يكاد يجعل من البلد حالا مأسوية تجعل من لبنان البلد الوحيد في العالم الذي لا رئيس فيه، خصوصا ان عقدة العهر متلازمة مع عقد نفسية لمجرد ان احدهم يريد الرئاسة من غير ان يبذل جهدا متكلا على ماء وجهه الذي يرى فيه مجالا وحيدا لان يصل من خلاله الى قصر بعبدا؟!
السؤال المطروح الى اي مدى يمكن ان تصل الفتنة المسيحية – المسيحية التي تمنع انتخاب رئيس للجمهورية طالما انها مرتبطة بالفتنة الاولى من غير حاجة الى استخدام سلاح للدلالة على ان رئيس تكتل التغيير والاصلاح رئيس التيار الوطني العماد المتقاعد ميشال عون يصر على منهجية تصعيد مواقفه لمنع التئام مجلس النواب عبر المقاطعة القائمة حتى الان على افقاد جلسات الانتخاب نصابها، الى دلالة اخرى جعلت البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي يفقد زمام السيطرة السياسية والادارية على الجماعة المارونية، ربما لان عون قد وعد نفسه بأن يصل الى الرئاسة الاولى على اساس انه يرى ان خصمه غير مؤهل من دون ان تعود به الذاكرة الى ما سبق له ان وقع فيه من مطبات اقل ما يقال فيها انها كفيلة بابعاده عن الوسط السياسي مرة واحدة ونهائية، لانه ارتكب ما لا يجوز لعسكري ان يفعله في حياته جراء فراره من ارض المعركة؟!
الذين مع عون يعولون على مقولة ارتكابات خصمه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، حتى وان كان الاخير في غير موقع رسمي والمقصود بذلك انه لا يجوز لجعجع ان يكون مبشرا في الوقت الذي يتولى مقاتلة اعدائه، في زمن ورث قيادة ميليشيا قدمت الالاف من الشهداء لما فيه مصلحة لبنان واستقلاله وسيادته وحريته، ولولا جعجع ومن ضحى من المقاومة اللبنانية لما بقي لبنان ولا بقي جيشه والسلطة، بدليل انفراط عقد الجيش يوم كان المقاومون المسيحيون يقفون في وجه جيوش جرارة من الميليشيا اللبنانية المرتبطة بالخارج، اضف الى ذلك جيوش جرارة من المقاومة الفلسطينية التي كانت تبحث عن وطن بدعم من سوريا والعراق، اضافة الى ما كانت تقدمه دول عربية واجنبية اخرى لكسر شوكة المسيحيين، من غير ان ننسى المقاومات المسيحية الاخرى التي ضحت بالكثير قبل ان تنقلب على خطها الوطني لمصالح خارجية؟!
واذا سلمنا جدلا بان «مقاومة المردة» تحولت الى خصم لدود للقوات اللبنانية فليس معنى ذلك انها لم تعد مقاومة لبنانية ولم تضح بالمئات من مقاتليها ضد احزاب وتجمعات لبنانية بالاسم، فيما لا ينسى احد كيف كانت مناطق الثقل المسيحي في الشمال تتعرض للقصف على مدار الساعة قبل ان تتغير السياسة السورية التي وضعت يدها الاحتلالية وقدمت جوائز ترضية لمن كان خصما للقوات اللبنانية وليس من ينسى كيف اغتيل اول قائد للقوات اللبنانية الشيخ بشير الجميل وبأي سلاح تمت ازاحته ليس لانه وصل الى رئاسة الجمهورية بل لانه كان عدوا للمحتل السوري وعرف كيف يقضي على شوكته في عدد كبير من المناطق اللبنانية؟!
ان موضوع الفتنة المسيحية ليست جديدة بقدر ما كانت عليه في اعقاب المتغيرات التي طرأت على القوات اللبنانية جراء الاغتيال المجرم والجاني للرئيس بشير الجميل، اضافة الى ان من يدعى البراءة والعفة (العماد ميشال عون) كان واحدا من ضباط بشير الجميل الذي خطط معه لعدد لا يحصى من المعارك الحربية، ومن هنا يصعب ادعاء عون انه لم يكن ضالعا في القوات اللبنانية مثله مثل سمير جعجع والفرق بين الاثنين ان عون «فتحها الله امامه» يوم تعيينه قائدا للجيش في زمن رئاسة الرئيس امين الجميل الذي زاد على ذلك تعيين عون رئيسا للحكومة العسكرية قبل ان يسمح لمجلس النواب بانتخاب رئيس جمهورية الى ان تبين ان الذي لم يسمح لمجلس النواب بالانعقاد انذاك هي مدافع وراجمات «جيش عون» الذي كان «يمشط ذقنه» على امل ان يبقى في بعبدا من غير حاجة للقول انه مغتصب سلطة؟!
من حيث المبدأ لا مجال للخوف من حدوث فتنة شيعية – سنية، ربما لان الفتنة المسيحية – المسيحية قد حلت محلها وحالت الى الان دون انتخاب رئيس جمهورية لان الضابط في القوات اللبنانية ميشال عون توصل الى رتبة جنرال بقرار من شقيق بشير الجميل الذي عول (الشريك) على من يتكل عليه لتجنب شرذمة المقاومة اللبنانية الى عدة مقاومات الى ان تبين العكس تماما يوم انقلب عون على مسيحيته سعيا وراء منصب الرئيس.