IMLebanon

لهيب المنطقة يلفّ لبنان!

تفجر العراق بخروج معظم مناطق الشمال و الغرب العراقيين على سيطرة الحكومة المركزية في بغداد التي يرئسها نوري المالكي، وكانت سوريا تفجرت بخروج معظم اراضيها على سيطرة نظام بشار الاسد، وفي الحالتين شكل غلو الحكم في العراق وجنون النظام في سوريا المحرض الاساسي في تمرد فئات واسعة من الشعب على الحكام الذين لم يروا في حالة نوري المالكي ان الاقتصاص من سنّة العراق وتدفيعهم ثمن مرحلة صدام حسين بسلوك استفزازي مستمر وبأبعاد مذهبية متخلفة، سيدفع بملايين العراقيين السنّة الى ثورة عارمة عند اول مناسبة سانحة، وهذا ما حصل عندما ركب تنظيم “داعش” موجة الغضب العارمة ليسقط بقوة هذا الغضب قبل قوته العسكرية المحدودة اربعين في المئة من مساحة العراق في قبضة التمرد ذي الجناحين (“داعش” والعشائر ) اللذين التقيا حول مصلحة مشتركة. وفي حالة بشار الاسد ادى غباء الحاكم و غروره في طريقة معالجة قضية اطفال درعا الى تفجير البلاد وتمرد ملايين السوريين سلميا اولا، ثم عسكريا وصولا الى تحول سوريا ارض جهاد عالمي وسقوط مئات الآلاف من الضحايا. في كلتا الحالتين العراق وسوريا، انتهت الدولة الوطنية الى غير رجعة، تفجر الكيانان ولن يعودا الى سابق عهديها الموروثين عن الانتدابين البريطاني والفرنسي. واذا كان الحديث يكثر بعد تفجر العراق عن سقوط تقسيمات “سايكس – بيكو” التي اتت على انقاض السلطنة العثمانية، فلأن سقوط الحدود الوطنية من العراق الى لبنان مرورا بسوريا اعاد ايضا خلط الاوراق في المنطقة بأسرها، وقد يمضي وقت طويل قبل ان تستقر على صيغ جديدة، وخصوصا ان تفجر الكيانين السوري والعراقي فتح درب تغيير الوقائع الديموغرافية في العمق. فالعنصر المسيحي الى اضمحلال بشكل عام، والعنصر الكردي الى مرحلة تكوين متقدمة مع انها قد تتسم بالدموية في مرحلة من المراحل، والعيش الواحد الاسلامي بين السنّة والشيعة صار من المستحيلات، وسينقضي وقت طويل من الصراعات الدموية بين المكوّنين الاسلاميين سيغير خريطة المنطقة وتقاليدها وانماط العيش فيها. هذا في العراق وسوريا حيث بحور من الدماء والدموع وصولا الى لبنان الذي سيغرق في هذه البحور اذا لم يدرك قادته المحليون ان لبنان يقف على الحافة تماما، ومن السهل سقوطه، او دفعه الى السقوط.

اذا كانت المسؤولية جماعية، فإن المسؤولية الاولى تقع اولا على عاتق “حزب الله” المدعو اكثر من اي وقت الى ان يدرك انه بإرهابه ضد فئات لبنانية، وسفكه دماء سورية، ثم عراقية، فلا اجهزته الامنية ولا اجهزة الدولة اللبنانية ستقدر على ان تحميه وبيئته الحاضنة او تقي البلاد الشر المستطير من لهيب الصراع الكبير في المنطقة المحيط بلبنان من كل جهة. عليهم ان يدركوا انهم في هذا الصراع مجرد وقود لنار يشعلها الآخرون. وفي الانتظار، لا ينقطع سيل جنازات المساكين العائدين من سوريا، ومستقبلا من العراق.