لم يؤمن وليد عيدو يوماً بالاقتتال بين أبناء الوطن الواحد، لأنه لم يكن يؤمن بأن فريقاً يستطيع أن يفرض خياراته السياسية عن طريق القوة، ولأنه آمن بأن القتال شرف وأن الاقتتال جريمة». لقد عاش وليد عيدو حياته قاضياً ينتصر للعدالة فأمسك بميزانها «وأعطى ما لقيصر لقيصر وما لله لله». وحبّ وليد عيدو للعدالة جعله يسعى الى نقل مفهومها من البعد الاجتماعي الى البعد السياسي، فسلك درب السيادة والحرية والاستقلال سبيلاً لتحقيق أهدافه الوطنية.
إلا أن مفهوم العدالة عند الظلاميين يأبى إلا أن يبقى مرتكزاً على شريعة الغاب حيث البقاء للأقوى. فعلى الرغم من امتلاك هؤلاء لعنصري القوة والبطش فقد أخافتهم كلمات وليد عيدو وأفكاره، فأطلقوا عليها النار على أمل إسكاتها وشطبها من قلوب الناس قبل عقولهم غير مكترثين بدماء الشباب البريئة والواعدة التي سالت معها. لكن وليد عيدو وكلماته ومبادئه باقية لتدوّي أبداً في كل استحقاق يواجه الوطن.
لقد كان وليد عيدو متمرداً على الغدر صادقاً في سعيه الى تحقيق أحلام الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومشروعه في بناء الدولة السيدة الحرة المستقلة العادلة والقادرة متابعاً ذلك مع حامل الأمانة الرئيس سعد الحريري. لذلك، فإنه كان يعتبر أن الحياة من دون كرامة موت، وأن الاستشهاد في سبيل الكرامة حياة، وأن العنفوان اكليل غار على رؤوس العباد متى فقد الناس علّة وجودهم وبقائهم على هذه الأرض.
فلو قُدّر لوليد عيدو أن يكون بيننا اليوم، فماذا يمكن أن يقول للذين أمعنوا في مقاطعة جلسات انتخاب رئيس جديد للجمهورية واضعين البلاد والعباد والجمهورية على طريق المجهول والفوضى؟
ولو قُدّر لوليد عيدو أن يكون بيننا اليوم، ماذا كان يمكن أن يقول لأهل بيروت الذين طال انتظارهم لتطبيق الخطة الأمنية فيها وجعلها مدينة منزوعة من السلاح، إلا سلاح الشرعية؟
ولو قُدّر لوليد عيدو أن يكون بيننا اليوم، ماذا كان يمكن أن يقول للطلاب الذين وضعت امتحاناتهم وتصحيحها ونتائجها في مهبّ مطالب نقابية محقّة وعجز الدولة عن تأمين مصادر تمويلها؟
ولو قُدّر لوليد عيدو أن يكون بيننا اليوم، ماذا كان يمكن أن يقول للمواطن الذي ضاقت به سبل العيش بعد أن تعثرت الدورة الاقتصادية وندرت فرص العمل؟
ولو قُدّر لوليد عيدو أن يكون بيننا اليوم، ماذا كان يمكن أن يقول لشركاء في الوطن صدّروا رجالاً وسلاحاً الى الساحة السورية، بدلاً من أن يقفوا على حدود الوطن للدفاع عن سلامته وناسه وأرضه؟
ولو قُدّر لوليد عيدو أن يكون بيننا اليوم ماذا كان يمكن أن يقول لرفاق ثورة الأرز بعد أن لاحت على هذه الثورة عوامل الزمن وبدأت تشيخ قبل أوانها؟ فالتنوع أو حتى الاختلاف في الرأي دليل قوة وغنى إذا لم يتجاوز حداً معيناً يصبح بعده الاتفاق صعباً.
أبا خالد،
لا نزال بحاجة الى كلماتك التي تخترق جدار الصمت الذي يغلّف الظلم والقهر والفراغ.
كلماتك أمضى من سيوفهم، فالرجولة عندك موقف، وعند غادريك تقتيل وتدمير.
وعدلك أصلب من جورهم، لأن ميزانك حقّ وميزانهم «غاب».
وشهادتك شمس الحرية التي تعمّد الشرفاء بنورها وتحرق الظالمين بنارها.
وروحك ستبقى ملهمة للأحرار في نضالهم من أجل السيادة والاستقلال.
فاهنأ في جنّة عرضها السماوات والأرض، ودع قاتليك يشتهون الموت من ثقل العذاب.
فأنت حيّ فينا، وهم أموات على هامش الحياة.
() نائب سابق