IMLebanon

ليتّفق قادة الموارنة على مرشّح مستقل

كان والدي السفير الراحل محمد علي حماده الذي تصادف اليوم ذكرى غيابه الـ27 يقول في معرض استنتاجات توصّل اليها بعد تمعّن في قراءة تاريخ لبنان ولا سيما في القرن التاسع عشر الذي شهد حروبا اهلية – اممية في جبله بالتحديد: “ان قادة الموارنة اثبتوا في المفاصل التاريخية انهم يميلون عموما الى الانتحار الجماعي، اما بالتناحر في ما بينهم في ادق المراحل، واما بالاصطدام بالطوائف الاخرى حينما لا ينبغي، واما بالسير عكس منطق التاريخ”.
استعيد هذا الاستنتاج المجتزأ من قراءة اكثر توسعاً، لأذكّر القادة الموارنة مرة جديدة بأنهم وكنيستهم في مسار انحداري لا لبس فيه، وانهم فيما يتناحرون، ويطعنون بعضهم بعضاً اكانوا حلفاء أم خصوماً، فإن المآل الاخير لكل هذه “المحنة الرئاسية” التي نشهد عليها اليوم، هو مزيد من تآكل الدور المسيحي، الماروني تحديدا، وترسخ اقتناع لدى الاثنين الكبيرين السنة والشيعة بأنهما قادران على الاستغناء عن الشريك الثالث الذي يثبت قادته، علمانيين وروحيين على حد سواء، انهم في طور التحول الى شتات بالمعنى السياسي والتاريخي على ارض لبنان.
استنادا الى ما تقدم، نعود لنذكّر القادة الموارنة، من كل الاطراف، بحقيقة مفادها، انهم حتى اليوم فشلوا في ادارة موقعهم في التركيبة اللبنانية من خلال فشلهم في ادارة ملف الرئاسة، إذ يتنافس كثيرون منهم، وبينهم قادة رأي بينهم، في التباكي على الشركة، وفي تحميل الشركاء الآخرين و”شبقهم” الطائفي مسؤولية “الشغور” على مستوى الرئاسة. هذا صحيح بحدود، فالاطراف الاخرى “شبقة” سلطويا، وطائفيا. ولكن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق “الرعاة” الموارنة وادائهم الغريب لاستحقاق رئاسي كان يمكن ان يكون مناسبة حقيقية لتحقيق وحدة امام استحقاقات مصيرية كاستحقاق رئاسة الجمهورية اللبنانية، من هنا تشديدنا على ان يقوم هؤلاء بمراجعة ادائهم، ليس بداعي حماية الطائفة ومصالحها التاريخية والسياسية في التركيبة اللبنانية فحسب، بل حماية لمنطق التوازنات الدقيقة في الكيان اللبناني الذي يتعرض راهنا لأخطر التحديات من كل صوب.
ينبغي ان يكون الاستحقاق الرئاسي مناسبة لإعادة التفكير مليا في مصير الرئاسة الرمز والموقع السياسي والمعنوي الكبير. وفي خضم التنافس الذي لن يوصل احدا منهم الى سدة الرئاسة، قد يكون مفيدا ان يعيدوا كرة الاستحقاق الرئاسي اليهم عبر الاتفاق في ما بينهم على حصر طموحاتهم الرئاسية باختيار الرئيس وليس بالوصول الى الرئاسة. وعندما نقول “اختيار الرئيس” فإننا نعني بذلك ان يتفقوا في بينهم على اختيار شخصية من خارج صفوفهم تكون حلا وسطا في ما بينهم، وتمثل نقطة تقاطع بينهم.
ان الاستحقاق الرئاسي، مع قبول المسيحيين بـ”قراءة” الرئيس نبيه بري الخاصة بالنصاب، صار رهينة الآخرين مثلما هو رهينة طموحات شخصية يستحيل ان تصل الى مكان. اما المكان الوحيد الذي ستصل اليه فهو مزيد من الاهتراء.