IMLebanon

ليس القضاء على داعش بل اعادتها الى بيت الطاعة الأميركي !

 

تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام داعش هو احدى ركائز الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط الكبير. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة هي من أكثر الدول في العالم في رسم الاستراتيجيات بعيدة المدى بالاستناد الى دراسات معمقة يضعها خبراء من كبار الأدمغة في مجالات اختصاصهم، الا انها رغم كل ذلك تقع في أخطاء تقدير وفهم بعض الحقائق البسيطة التي تكاد أن تكون بديهية بالنسبة لغيرهم. وهذا ما سقطت فيه أميركا في الخطأ مع رعايتها لتأسيس تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن أولاً، ثم باحتضانها لقيام تنظيم داعش حالياً بقيادة الخليفة أبو بكر البغدادي ثانياً.

***

ما فهمته أميركا عن الفكر الاسلامي الأصولي التكفيري هو أنه يصلح لاستخدامه كرأس حربة لمقاتلة العدو الشيوعي بشراسة عقائدية سابقاً، وانه مناسب جداً اليوم لنشر الفوضى الخلاقة في البيئة العربية والاسلامية بما يسهل في اعادة رسم خريطة المنطقة وفقاً للتصور الأميركي. وهذه هي الحقيقة البسيطة التي فهمتها أميركا عن القاعدة سابقاً وداعش راهناً. غير ان الفكر الأصولي التكفيري هو حقيقة مركبة أكثر تعقيداً. وعندما تستخدم أميركا قادة هذا التنظيم لتحقيق أهدافها، فانه يفوتها أن هؤلاء القادة يستخدمون أيضاً أميركا لتنفيذ أهدافهم! وفي العمق يلتقي الفكر التكفيري الموصوف بأنه اسلامي، مع الفكر الايديولوجي اليهودي، وكل منهما يعتبر أنه وحده هو شعب الله المختار، وانه هو وحده على حق وكل من يخالفه على ضلال.

***

لم تفهم أميركا أن قادة الفكر الداعشي يستخدمون أميركا لاقامة دولة الخلافة الخاصة بهم وتوسيعها لتشمل العالمين العربي والاسلامي، وبعدها الخروج الى العالم لاخضاعه بحد السيف، بالمعنى الحرفي للكلمة وعن طريق تقطيع الرؤوس! وليست مجرد صدفة تركيز داعش على اغراء جهاديين من أوروبا وأميركا وأستراليا وروسيا ودول العالم شرقاً وغرباً… فهؤلاء هم خميرتها، وهم سيوفها التي سترتد على البلدان التي أتوا منها وقتالها بأشرس وسائل العنف وأكثرها همجية باعتبارهم من الكفار اذا كانوا من غير المسلمين، ومرتدين اذا كانوا مسلمين ولم يبايعوا الخليفة الداعشي! وما يفعله الرئيس باراك أوباما اليوم في مواجهة داعش يدعو الى السخرية! وهو تارة يدعو الى اضعاف داعش بضربات جوية وتقليص مساحات سيطرتها على الأرض. وتارة يدعو الى تحالف دولي قاعدته الأطلسي، مع حلفاء يبلغ مجموعهم أكثر من ٥٥ دولة عظمى وكبرى في العالم، لمحاربة داعش، ومع ذلك يزعم الرئيس الأميركي أن القضاء عليها يحتاج الي وقت! وقد قررت أميركا اسقاط نظامين عربيين واعدام رئيسين عربيين هما صدام حسين والقذافي، وفعلت ذلك في وقت غير طويل نسبياً، ودون أن تتحدث عن الحاجة الى الوقت! وحقيقة ما يفعله الرئيس الأميركي اليوم هو انه لا يريد القضاء على داعش، وانما يريد الضغط عليها والضرب على يديها هنا وهناك ومن أجل اعادة داعش الى بيت الطاعة الأميركي، وليس أكثر!