قد يكون حزب الله بحاجة إلى متابعة البحث عن طريقة لتحويل المأزق الذي وقع فيه في سوريا وامتد إلى العراق، بما يستدعيه من تداعيات أمنية معقدة واجتماعية متعبة وسياسية محتملة في لبنان، وما زال ممكناً الوصول الى تصور لهذا الطريق، نظراً إلى ما يملكه الحزب من أرصدة وأرقام نوعية في مجالات عديدة. ويخشى أن تتجمد أو تتأكل في جرد عرسال الورد ويبرود وبقية الجرود وصولاً إلى وادي جهنم… وما زال بالإمكان تحويل المأزق، باللازم من الشجاعة والحكمة والحيلة إلى منعطف تصحيحي إيجابي، من دون داع إلى حصر الجدل في مسألة الخروج من سوريا أو البقاء فيها، لأن ذلك ليس المؤشر الوحيد أو النهائي على مستقبل الحزب ودوره المتوقع أو المنتظر، فضلاً عن مطالب لا تخلو من تعجيز (سحب السلاح).. وإلا فنحن في لبنان إلى مزيد من غياب أو تفكك الدولة، من دون أن يكون في ذلك مصلحة لأي طرف، قوي أكثر من اللازم، وضعيف أكثر من اللازم أو الواقع، وكلما أمعنا في تغييب الدولة، فإن القوى الحقيقية أو المبالغ فيها لأي طرف سوف تؤول إلى ضعف، والضعف إلى ضعف أكبر… والحل، لإبقاء الجميع أقوياء بقوة الدولة العتيدة، هي أن تبادر الطبقة السياسية إلى تجديد العقد بينها وبين المجتمع وتحقق التسوية التاريخية المطلوبة. إن دور حزب الله في لبنان يتأثر قطعاً بالحدث السوري، وقد تأثر حتى الآن كثيراً، كما يقول همس، يصبح جهوراً في حالات مختلفة، امتد من حلقات المراقبين لأداء الحزب عن حب وقرب أو بعد وريب، إلى حلقات الأنصار والمؤيدين لأسباب مذهبية أو سياسية، إلى حلقات الناس المعنيين من أهل المقاتلين والمقتولين والمفقودين والمجروحين… إلى غزة التي رسمت مؤشراً جديداً وحولت مشاركة حزب الله في سوريا، بعد حياد حماس وخروجها من دمشق، إلى ما دون التزاماته بتحرير فلسطين وفاء لأفعال النظام السوري على المقاومة، التي لا تعادل إلا قليلاً من فضل المقاومة على هذا النظام، وقليلاً من فضل حماس مقابل فضله عليها.
وقد لا نكون بحاجة إلى أدلة كثيرة لإثبات أن حزب الله يعاني بشكل متصاعد ببطء أو سرعة من إرباكات أو انتكاسات ميدانية في حربه على الارض السورية، وبأسلوب في التحرك (عدم الاعتبار للحدود) قد تكون له عواقب غير محمودة مستقبلاً، غير أن هذه الإرباكات قد أخذت تتحول إلى تعقيد نوعي بعد ازدياد الخسائر البشرية، حيث تتكاثر مصاعب الضبط أو السيطرة، مع تراجع عشوائية داعش، وتقدم التنسيق والحشد بين فصائل المعارضة السورية الأخرى. ومن هنا عاد القلق من عودة المتفجرات بعد متفجرة الغبيري، بعدما قيل لنا إنه تم تجفيف منابعها ومجاريها، حتى بتنا كأننا أمام حالة من توازن الرعب الطويل الأمد، ما يفسر استخدام حزب الله أسلحة وأسلوباً قتالاً لا يتلاءم مع دعوى السيطرة على الأرض، أو دعوى أنها حرب أهلية ومحسومة النتائج.. هذا بالإضافة إلى تطور شديد الدلالة والخطورة في المشهد السوري، كما يتشكل ساعة بعد ساعة في يبرود وحولها امتداداً إلى مواقع وجهات مختلفة من درعا إلى طول الحدود مع العراق ولبنان والأردن.. هذا التطور يلوح علامات فوضوية بدأت تظهر في حزب الله، ميدانياً، مع غموض سياسي قد يكون الاضطراب الميداني سببه، معطوفاً على مبالغة الحزب في تقدير قوته وضعف المعارضة السورية، إلى ما هو معروف مع قليل أو كثير من المبالغة، من إعجاب الحزب وغيره بتنظيمه المحكم مقابل فوضوية المعارضة السورية.. ولكن الذي استجد هو واقع أو مظهر البداية في انتظام اقسام فاعلة من المعارضة السورية (الجيش الحر والنصرة ومن حولهم) بما يستدعي ذلك من ترميم لوجستي مالاً وسلاحاً وعهدة وإدارة وتنسيقاً ميدانياً وتحشيداً وتموضعاً جرفياً. وأخذت الآثار تظهر يومياً تقريباً، عمليات وجرحى وقتلى من الطرفين، متعادلين في العدد أو متقاربين، ما أدى بالحزب الذي كان عليه أن لا يفاجأ، إلى الجنوح بعد الطمأنينة المفرطة وربما بسببها، إلى شيء من الفوضى التي يصعب علاجها بالتصعيد العسكري، وتحتاج إلى انعطافة شجاعة ومحسوبة بدقة، لا تكون من إنتاج الحزب وحده، بل بمشاركة أصدقائه وبعض خصومه الذين يحملون هم التسوية والانقاذ، مع ما يقتضي من التفاهم العربي الايراني على الحل في لبنان، وأثره العملي على الأوضاع الإقليمية.
والمعروف أن الأجسام الكبيرة والأشد صلابة تتأثر في الهزات بتصدعات أكثر وأعمق من التصدعات عن الكيانات الأقل صلابة أو الأكثر مرونة.. وهذا الواقع، ولو لم يكن بتمام الصورة المعطاة عنه، من شأنه أن يلزم حزب الله بإعادة نظره والتدقيق في حساباته وتوقعاته وانتظاراته الاستراتيجية التي جعلته لا يقيم اعتباراً مناسباً لمقتضيات التكتيك وضروراته.. وكأننا في معركة أحد!!
هذا في حين عادت سوريا من عرس تجديد الزواج المؤقت الطويل الأجل سابقاً، القصير الأجل الآن، بين النظام وبين العاصمة، مع ارتباك إداري ملحوظ في أماكن السيطرة بسبب البراميل التي تسقط من السماء على كل إنسان وكل شيء وكل أمل بمستقبل النظام وراسه.. مع عدم احتمال بقاء إيران مباشرة أو عبر العراق الذاهب إلى التغيير وإن بصعوبة شديدة، على استعداد أو قدرة على الدعم المالي، ولعل التراجع المحتمل في الاندفاع الإيراني هو ما كان وراء تصريح وليد المعلم الذي وضع روسيا وحدها تحت عنوان الداعم الأكبر للشعب السوري (اي النظام) من دون ذكر إيران! التي تحمس عدد من مسؤوليها العسكريين الكبار في الكلام عن دورهم في نصرة النظام السوري، إلى حد شعور النظام السوري بالحرج واضطراره إلى الرد على بعض الكلام الإيراني من قبيل القول: إننا نحن ـ إيران ـ الذين انتصرنا في سوريا عسكرياً واقتصادياً وإدارياً وسياسياً… وفكرياً! أو أن الحكومة السورية تشكو من عيب كبير لأنها بعثية! أو نحن الذين خططنا ونفذنا ورقة الدفاع الوطني الشعبي مولناه! أو أن حدودنا الإقليمية اصبحت على شاطئ المتوسط وحدود فلسطين! أو أننا نحارب الصهوينية والعروبة، بحرف العطف (الواو) الذي يعني المساواة التامة بين المعطوف والمعطوف عليه! وزاد بعضهم منتشياً بنتائج انتخابات الرئاسة السورية التي باركها مفتوناً بسلامتها، السيد البروجردي علاء الدين، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن القومي في البرلمان الإيراني (شوراي ملي إيران).. زاد بأن عبر عن عزمه على تثبيت السيد نوري المالكي مرة ثالثة كرئيس للحكومة العراقية العتيدة، أسوة بتثبيت الأسد على رأس سوريا وصدرها. وإن كان الإيرانيون أخيراً، ومن أجل عدم رفع نسبة التعقيد في المحادثات النووية مع واشنطن، قد عدلوا من فكرة تمسكهم بالمالكي حتى الآن، الى الشروع في البحث عن بديل يقلل خسائرهم في العراق وفي حدود الامكان التي لا تقلق أصدقاءهم أو شركاءهم الجدد في واشنطن، ما يعني انهم سوف يجددون التفاهم على العراق كما حدث عندما دخل الجيش الاميركي الى بغداد من البصرة وسار على الضفة العراقية لشط العرب وعلى بعد مئة متر من الضفة الإيرانية… فهل نتوقع ان نسمع مسؤولاً إيرانياً بعد أسبوع أو شهر أو اشهر.. بعد توقيع الاتفاق النووي والبدء برفع الحصار الاقتصادي عن إيران وعلى مدى طويل مسؤولاً إيرانياً رفيعاً أو ارفع يقول: إننا عزفنا عن تثبيت الرئيس السوري في رئاسة سوريا كما عزفنا عن تثبيت الرئيس نور المالكي على رأس حكومة العراق للمرة الثالثة؟
هذا.. وأكثر المراقبين روية وبعد نظر وخبرة، يحتملون أن لا تكون نهايات الحدث التراجيكوميدي الفاجع في العراق، خيراً على الحركة من طهران إلى دمشق، أو من سوريا إلى لبنان، ما قد يقود إيران والعرب وتركيا والأمم المتحدة والمعارضة والنظام السوري (جنيف واحد) مع بعض التعديلات الضرورية للتسوية، تجنباً للباب المسدود وتقليلاً للخسائر المتفاقمة بوتيرة مخيفة على إيران وسوريا النظام والشعب وعلى حزب الله وسلاح المقاومة وخطابها وأهلها وتراث الحرير.. وعلى كل الشركاء والمعنيين بسوريا من قريب أو بعيد.
الى ذلك فإن هناك همساً خفيفاً يتعالى على مهل ولكنه شديد الوقع في الآذان التي تحسن الإصغاء للأصوات المكتومة أو المكبوتة في صدور أهل والمقاتلين والمقتولين والجرحى والمفقودين، من صغار السن الذين أخذوا من أجل التطعيم الميداني، فصاروا طعماً، إلى القائد الفذ بسام طباجة، إلى ديك المقاومة الجميل الوديع قاتل قائد غولاني (غولد شتاين) وإلى آخره.. الأهل المقهورين ولكنهم مؤدبون أو مجبرون على الصمت وحصر الاعتراض او السؤال في خدمات عيونهم ورجفة شفاهم خوفاً من الوقت في الخطأ القاتل!! وخائفون من انقضاض أو سقوط الانقسام السياسي الذي صار عسكرياً وأمنياً شاملاً وطويل الأمد، على الاقتصاد والمعيشة والعلم والعمل والزراعة والصناعة والتجارة، والزواج والطلاق ألخ بحيث تصبح الفتن والبغضاء طقساً يومياً لجميع اللبنانيين وتصبح انشغالاتها ولغتها وتفاصيلها شأناً شيعياً يزاحم الصلاة وسائر العبادات والمعاملات على الوقت في المنازل والجوامع والأعراس والمآتم!! ومن لا يصدق أن هذه الصورة آخذة في التشكل فليذهب إلى مدننا التي كانت متواصلة متآصرة متكاملة كالأواني المستطرقة، يسأل النبطية وبنت جبيل وصور عن صيدا أو يسأل صيدا عنها، ويسأل صيدا عن الحارة والحارة عن صيدا، ويسأل حي اللجا والبسطا والمصيطبة وعايشة بكار!!!
والهمس الآخر الذي يصل إلينا منه شيء يشبه الرذاذ ولكنه مكتمل الدلالة يقول: إن الصورة في سوريا كانت تقوم على أن حزب الله وإيران هما صاحبا الإمرة، والنظام السوري مأمور ومذعن وإن كانت له آمرية فهي تأتي من كونه ملتزماً ثانياً أو ثانوياً ومن الباطن، تجاه الملتزم الأول، أو الشركة القابضة ووكيلها الاقليمي الحصري… أما الآن فقد أصبح النظام السوري أو رئيسه يهجس بضرورة تغيير هذه المعادلة، خاصة بعد النتائج الباهرة للانتخابات الرئاسية! وبعد تطورات العراق وانتهاء الاندفاعة الإيرانية فيه إلى طريق تضيق فتحاته ومساربه يوماً بعد يوم، ما يشجع النظام السوري على المطالبة بتغليب الالتزام بالتراضي من الظاهر والباطن بدل الظروف المختومة والمناقصات المفضوحة!!! وهناك همس حتى في وسط الحزب مع حذر شديد، عن مزيد من الخسائر المخفية والمحتملة، بعدما انكشف عدد ونوع البائسين من إمكانية إتمام حياتهم، أي عشرات الآلاف من الشبان السوريين نزلاء العراء والفراغ وموت البيت وأهله والحقل وشجره والحبيبة واحتمالات الأبوة والأمومة الهانئة.. ويحلو لهم الموت لأنه اقل مرارة من الحياة! فمن يضبطهم وكيف ومتى.. وهل يمكن التفاوض وعقد الصفقات مع أسيادهم كما حصل في النبك وكسب مع داعش! وفيهم من لا رابط له سوى افراد غير معروفين يمارسون هواياتهم المفضلة في إعداد الانتحاريين في الفتن بثمن أو من دون ثمن!
وضبط مثل هذه الحالة يصعب على الدول الكبرى بحجمها وإدارتها وتجهيزاتها وأجهزتها كما اتضح من (11 سبتمبر الى كل المحطات في أوروبا وأميركا) مروراً بسبعين بالمئة من عمليات التفجير الكبرى التي تمت بمساعدة من النظام السوري في العراق ـ كما اعترف واستبدل بالوثائق رئيس وزراء العراق نوري المالكي ثم غيّر رأيه!
ومرة، وبعد متفجرة مركز التخطيط الفلسطيني في الطريق الجديدة، ومركز عمليات فتح في صيدا، سألنا أبا جهاد ما الحل: فقال أمنياً مستحيل… الحل سياسي. الحل سياسي.
وإذا لم يكن حزب الله أمام احتمال أن يوضع وضعه وسلاحه في سلة شروط الاتفاق على الملف النووي الإيراني والعقوبات ومستقبل العلاقات، فهل يكون مخطئاً في تقديره! في تقديري أنه لن يقع في الخطأ، فهو حزب قوي وضروري ومفيد جداً للجميع إذا حصل التفاهم وكان شاملاً، وحزب الله ليس لعبة في سوريا وإن لعب وليس لعبة في العراق وإن لعب، ولم يكن لعبة في لبنان، بل هو لاعب أساس أو أول، وليس المطلوب منه ان يكف عن اللعب، بل أن يخفف اللعب حتى لا يرهق ولا يستنفد قوته في الضرب على حيطان الدولة والوطن التي تهتز ولا تقع، بل تقع منها شظايا على الملعب واللاعب القوي والضعيف وعلى المتفرجين والمحمسين.. ونحن متضامنين بشروطنا، لا نقبل استعمال تعبير تجريد أو سحب سلاح حزب الله.. نقبل بالقول تنظيم سلاح حزب الله.. والسلاح الذي قاوم وحرر بالشراكة مع الجميع، القرى والمدن إلى ساحة الدولة والوحدة.
ليصبح حجراً من حجارة الزاوية في بناء عمارة لبنان التعددي، الذي يسمح بنسبة من الغلبة لطرف على طرف أو أطراف، ولكنه لا يسمح بالغلبة الكاسرة التي تعود لتكسر من يدعيها أو يسعى إليها… وهنا يستطيع حزب الله أن يأخذ قراره التاريخي المساعد لإيران على استكمال هندسة علاقاتها الدولية مقدمة للتفرغ لمحاولة تحقيق وعود الثورة بالتقدم والرفاه! وليس بإمكان الأميركي المستفيد من تفاهمه مع إيران أكثر من استفادتها، أن يفصل الفرع الإيراني، حزب الله عن الأصل، خاصة وان هذا الفرع (حزب الله) على فرعيته، حقق حضوراً اصلياً في لبنان رفعه من احتمال البيرقة إلى مقام الشراكة المتقدم في العقل السياسي حتى خارج حدود لبنان.. وليست قوة حزب الله مرشحة لأن تصبح ضعفاً أو هزالاً أو عدماً، هذا خيال لا يتفق مع سنن التاريخ.. أما انها لا بد ان تتراجع، فهذا أمر ممكن واستبعاده خيال آخر، غير انها يمكن ان تعوض ما تخسره من مظاهرة القوة العضلية بقوة العقل، أي السياسة أي الإسهام الفاعل والمميز في إعادة أو استئناف بناء الدولة في لبنان (الرسالة) والكف عن التعطيل للمؤسسات بالشراكة الراجحة من لونها مع اصدقائها وحلفائها ومعارضيها معاً، والكف عن البحث عن مرشح حصري للرئاسة أملا بالإملاء عليه وضمان اذعانه، هذا سلوك مؤذ للبنان والشيعة وحزب الله.. إلى الكف عن العمل سراً أو علناً والتشجيع لألسنة تحسن الهذر والهذيان عن مؤتمر تأسيسي في لبنان! الذي يحتاج في كل مرحلة إلى مؤتمر تجديدي، تجديد العقد بين المجتمع والدولة لإعادة إنجاز الكيان على المسلمات التي تأسس عليها، وسويا اصطناع بعضها من مسوغات أو أسطورة التأسيس، ثم تجاوز إلى الرسوخ أو أسطورة التأسيس، ثم تجاوز إلى الرسوخ على قلق معروف.. وبواسطة كتلة تاريخية ثمرت تعدده وصانت وحدته.
وفي الختام، وعلى أمل اللقاء أن يكون التفكير جدياً وعميقاً ومتأنياً ومتروياً وهادئاً يجمع لا متوتراً يفرق الواحد عن الواحد، في استراتيجية دفاعية، تحول السلاح حزب الله بمشورته وشراكته في الإمرة، بما يجعله أرقى في علاقته بالدولة تحت سقف الدستور، من علاقة كل اشكال المجتمع المدني بدولها، وتحويله من إمكانية انحصاره في التكتيك على طريق المواجهة الطويلة مع اسرائيل، بسبب عسر الاستراتيجية وظروفها المعقدة، وواقع الانقسام الإقليمي الذي بدأ بسرعة بفرز حساسيات عربية إيرانية معيقة ويمكن التغلب عليها بتفاهمات لا يحسن تعقيدها بالشعار الفلسطيني الذي هو ملك أهله في فلسطين، كما قالت غزة بفصاحة وبلاغة، ودور الباقيين من عرب وغير عرب، ان لا يكونوا محسنات بديعية في خطاب النضال الفلسطيني، بل مادة وروحاً تحيي ولا تصادر. وهنا يتم ترحيل فعل السلاح وهيبته إلى رصيد الدولة اللبنانية. الجامعة، وترحيل جزء من عديده وكل ادواته وعتاده، إلى مخازن الاحتياطي الذهبي للمعركة القومية مع اسرائيل والتي يحدد موعدها العرب، أو الفاعلون المعروفون منهم بالتشاور التام مع الشعب الفلسطيني.. هذا ليس دعوة للخروج من سوريا او البقاء فيها، إنه دعوة للعودة إلى سوريا من ابواب عديدة وجديدة، على ما جرى لإخوة يوسف الذين أخطأوا في حق أحبتهم كما أوصاهم أبوهم النبي الرائي بعين الله.. والدخول إلى سوريا من بوابة سوريا هو ضمان العودة إلى لبنان وعودة لبنان شقيقاً ونداً ودوداً لها.