على الرغم من الشغور في منصب رئاسة الجمهورية، فإنّ المجتمع الدولي يواصل دعمه للبنان وللاستقرار فيه. لا بل انّ القلق الدولي على مصير الاستحقاق الرئاسي يجعل الدول أكثر تمسكاً بالأمن في لبنان. ومن هذا المنطق تستمر التحضيرات الدولية لانعقاد المؤتمر الدولي لدعم الجيش اللبناني الذي حدّد موعده في روما في 17 حزيران المقبل. وقد وجّهت ايطاليا الدعوات إلى عدد كبير من الدول، وكذلك إلى الأمم المتحدة والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، والدول العربية.
المؤتمر مبرمج منذ مدّة وقائم. حكومة لبنان لديها صلاحيات الرئيس، ولم تصبح حكومة تصريف أعمال لأنّه لم يتم انتخاب رئيس جديد. لذلك انّ العلاقة الدولية معها ستكون عادية وطبيعية. مع الإشارة إلى أنّ الدول الكبرى تُشجّع على انتخاب رئيس، وأنّ الدول كما تعلن ليست مع طرف دون آخر، لا بل هي مع مصلحة لبنان واستقراره.
وتكمن أهمية المؤتمر في أنّه الأوّل من نوعه بالنسبة إلى الاهتمام العالمي لحشد الدعم الدولي للجيش، فضلاً عن أنّه يعبّر عن دعم سياسي دولي له ومن خلاله للبنان من أجل أن تتعزّز قوّته الشرعيّة وتبسط سلطتها بمزيد من القدرة على كافة الأراضي اللبنانية وتكافح أي نوع من أنواع الإخلال بالأمن والاستقرار، ما يعني أنّ المؤتمر لا يعبّر فقط عن دعم تقني للجيش إنّما أيضاً عن دعم سياسي دولي له. والدعم التقني جرى من خلال مؤتمر نيسان في روما.
وسينعقد المؤتمر على مستوى وزيرَي الخارجية والدفاع، ويجري لبنان تحضيراته بالتوازي مع التحضيرات الدولية. وكان سُجِّل ارتياح دولي وعربي في الآونة الأخيرة لما يحقّقه لبنان من استقرار بعد نجاح خطتَي طرابلس والبقاع الأمنيتين. وتطالب الدول بإجراء الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت، بعدما تعذّر إجراؤها خلال المهلة الدستورية، ولا تزال الضغوط الدولية والعربية قائمة لتحييد الوضع اللبناني عن أوضاع المنطقة وسوريا. وإلى حدّ ما نجحت هذه الضغوط وتسجّل حالة استقرار مقبولة يؤمل أن تدوم بالتوازي مع المساعي المبذولة على أكثر من مستوى داخلي وخارجي لإتمام الاستحقاق الرئاسي بسرعة.
وكان قد سبق المؤتمر، مؤتمر تحضيري في نيسان الماضي على مستوى تقني، شارك فيه خبراء من الدول الكبرى المهتمّة بالتعاون لمساعدة الجيش، والأخرى ذات البرامج القائمة مع الجيش.
وأكدت مصادر ديبلوماسية أنّ ايطاليا التي وجّهت الدعوات، عملت على دعوة أكبر عدد ممكن من الدول التي لديها استعداد لدعم لبنان وجيشه. وثمّة تركيز بالتحديد على الدول التي لديها مع لبنان برامج تعاون عسكري للجيش، فضلاً عن الدول العربية التي تدعم دائماً لبنان وجيشه واستقراره، وكذلك الدول التي دعمت سابقاً الجيش وفي مقدّمها المملكة العربية السعودية، وهي قدّمت هبة الثلاثة مليارات دولار، وهناك اتصالات سعودية فرنسية لبنانية لتأمين تنفيذ الهبة كون التجهيزات ستكون من فرنسا. كما دُعيت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا لأنّ لديها برامج تعاون مع لبنان، ودُعيت الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن، لا سيما وأنّها كانت وراء تأسيس مجموعة الدعم الدولي للبنان في أيلول الماضي، ودُعيت الدول التي لديها تعاون مع الجيش وشاركت في «اليونيفيل» مثل تركيا وكوريا الجنوبية وايطاليا واسبانيا واندونيسيا، كما تمّت دعوة دول أخرى على أساس أن يكون هناك شركاء جُدد في التعاون مع الجيش، ويتولّى الجيش تقدير مجموع ما سيطلبه من احتياجات له، إن على المستوى التقني أو المالي، وفق الخطة الخمسية التي وضعها، والتي على أساسها سيتم الدعم الدولي. لذلك لن يكون المرتجى من المؤتمر مالياً فقط، إنّما دعم تقني في مجال التجهيز والتدريب والسلاح.
المهم أنّ قيادة الجيش هي التي ستبلغ الدول ماذا تريد، والمهم أيضاً وجود استعدادات دولية للمساعدة. على أن يتبع المؤتمر اجتماعات تنسيقية مباشرة مع الجيش لبحث التفاصيل وتحديدها، في اطار آليات تعاون.
وعلم أنّ إيران ليست مدعوّة إلى المؤتمر، الذي ينبثق عن مجموعة الدعم الدولية للبنان، ويعبّر عن تنفيذ هدف من أهدافها الأربعة، وهي: دعم الاستقرار ودعم الجيش، وهذان الهدفان يجري تنفيذهما، ثم المساعدة في مسألة النازحين السوريين والدعم الاقتصادي، اللذين يجري البحث فيهما لكنهما ليسا فاعلَين، ويحتاجان إلى عمل كثيف ودؤوب.