IMLebanon

مؤشرات رئاسية سلبية.. ولا موعد أميركياً لباسيل

“التنسيق”: “سلسلتهم” إعلان حرب.. ونحن لها

مؤشرات رئاسية سلبية.. ولا موعد أميركياً لباسيل

شفعت سواعد العسكريين ورجال الإطفاء والدفاع المدني بأهل الحوار. كاد الحريق الآتي من الشرق أن يصل الى عتبة القصر الجمهوري، بعدما داهم أرضه ومواقف السيارات فيه. لفحت رياح الخماسين أهل الحوار، فكان بيانهم بارداً.. وعلى صورة الجلسة الوداعية الأخيرة برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان(ص 3).

لن يشهد القصر حركة مواكب كتلك التي شهدها أمس، في انتظار الرئيس الجديد الذي لن يأتي إلا عبر ممر الفراغ الإلزامي. سيعقد مجلس الوزراء جلسات جديدة برئاسة سليمان، وستكون هناك برامج استقبالات يومية، ولكن ذلك لن يعكّر صفو مشهد جمع الأمتعة يوميا، من بعبدا الى عمشيت، بعدما تعذر إنجاز القصر الرئاسي الجديد في اليرزة، وهي حالة أغلب المستشارين، ممن بدأوا يلملمون أوراقهم وملفاتهم ويبرئون ذممهم “بالورقة والقلم”.. حتى يأتي رئيس جديد، لا أحد يستطيع منذ الآن التنبؤ بهويته.. إلا اذا كان قدر الطبقة السياسية أن تعلن عجزها للموسم الثالث على التوالي، فيأتي رئيس للجمهورية من غير بطانتها كلياً!

وبين حريق طبيعي من جهة، وحوار استثنائي من جهة ثانية، وانتخابات رئاسية مستحيلة حتى إشعار آخر من جهة ثالثة، يفرض الملف المطلبي نفسه على جدول أعمال المجلس النيابي والهيئات النقابية، وذلك مع إنجاز اللجنة النيابية تعديلاتها على مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب، ليصبح السؤال: كيف ستتلقف الهيئة العامة للمجلس كرة نار تتدحرج منذ أكثر من عقد ونصف من الزمن.. وفي الوقت نفسه، كيف ستتعامل “هيئة التنسيق النقابية” مع “الترشيق” الذي حذف حوالي ستمئة مليار ليرة من جيب المستفيدين من السلسلة وفي الوقت نفسه، يكاد يكبدهم، بفعل الواردات المقترحة، أكثر مما سينالون؟

أما الحكومة، فإنها تواجه اختبار انتزاع تعيينات جديدة، اذا ظلت سياسة الأبواب المفتوحة سارية المفعول، وهي على الأرجح ستبقى كذلك، خصوصا في ظل المؤشر السعودي والخليجي الواعد بموسم اصطياف لبناني يعوّض المواسم الثلاثة الماضية.

ومثلما واجهت الحكومة اختبار النأي بالنفس في ملف أوكرانيا، عبر الالتزام بـ”الوصفة الأميركية” بالغياب عن جلسة الأمم المتحدة، الأمر الذي استوجب تنويهاً أميركياً بأداء وزير الخارجية جبران باسيل، قال ديبلوماسي أميركي معني بالملف اللبناني لـ”السفير” إن الحكومة الأميركية بعثت برسائل واضحة الى الحكومة اللبنانية تطلب فيها عدم تسهيل تصويت مئات آلاف الناخبين السوريين المقيمين على الأراضي اللبنانية في الانتخابات الرئاسية التي حدد النظام السوري موعدها في الشهر المقبل.

وأشار الديبلوماسي نفسه الى أن المطلوب من وزير الخارجية اللبناني عدم إصدار أي موقف داعم لهذه الانتخابات الرئاسية السورية باسم الحكومة اللبنانية، وذلك التزاما منه بإعلان بعبدا وبسياسة النأي بالنفس التي تنتهجها الحكومة الحالية استمرارا لنهج الحكومة السابقة برئاسة نجيب ميقاتي.

وأشار الديبلوماسي نفسه الى أنه مع تقدير بلاده لحراجة موقف باسيل، بفعل المعطى الرئاسي اللبناني، فإن الولايات المتحدة تعتبر أن الانتخابات الرئاسية السورية تشكل “نوعا من المهزلة”، وسأل: “كيف يمكن إجراء هذه الانتخابات فقط في الأجزاء التي يسيطر عليها النظام”؟ وأكد أن المجتمع الدولي لن يعترف بنتائجها، برغم انشغاله بملفات دولية وإقليمية أخرى في هذه المرحلة.

وردا على سؤال، كشف الديبلوماسي الأميركي لـ”السفير” أن وزير الخارجية جبران باسيل طلب موعدا لزيارة واشنطن للقاء نظيره الأميركي جون كيري، في إطار جولة ينوي القيام بها وتشمل عدداً من عواصم الدول الكبرى، وقال ان الادارة الأميركية تفضل التريث وعدم حصول الزيارة في هذا التوقيت، خصوصا أن باسيل ينتمي الى تيار سياسي يرأسه مرشح لرئاسة الجمهورية، “الأمر الذي يمكن أن يعطي زيارته في هذه المرحلة تفسيرات وأبعاداً ليست في محلها”.

وردا على سؤال بشأن الاتصالات الدولية والاقليمية المتصلة بالاستحقاق الرئاسي، قال الديبلوماسي الأميركي ان باريس “تتولى في هذه المرحلة إدارة الملف الرئاسي اللبناني، وقد علمنا أن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند طلب من الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط أن يلعب دوراً محورياً في سبيل إنجاز تسوية تضمن الإتيان برئيس توافقي مقبول من جميع الأطراف”.

وأضاف الديبلوماسي الأميركي نفسه أن بلاده تمنت على الحكومة الفرنسية، في إطار المشاورات التي تجريها مع الدول الاقليمية الفاعلة لضمان تسهيل إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، عدم استفزاز السعوديين في الملف الرئاسي اللبناني.

وفهم أن الفرنسيين أبلغوا الأميركيين في الآونة الأخيرة، أن المشاورات التي أجروها مع طهران بيّنت لهم أن الايرانيين و”حزب الله” لا يسعون بأي شكل من الأشكال للوصول الى الفراغ الرئاسي، بل هم يحبّذون إجراء الانتخابات في موعدها لأن من شأن ذلك تعزيز الاستقرار اللبناني.

وقال الديبلوماسي الأميركي: “انطباعنا مختلف في هذا المجال عن الفرنسيين. نحن نعتقد أن الايرانيين لن يسهلوا إجراء الانتخابات الرئاسية.. والدليل أنهم أجابوا على استفسارات عدة بأنهم أعطوا لـ”حزب الله” الحق بأن يقول الكلمة الأولى والأخيرة في الشأن الرئاسي”.

وحول نتائج زيارة السفير الأميركي ديفيد هيل الى الرياض، قال المسؤول الأميركي: “لقد فهمنا من السعوديين مجددا أنهم ليسوا مستعدين حتى الآن للتواصل مع الايرانيين في الملف الرئاسي اللبناني وفي ملفات اقليمية أخرى، برغم الاشارات التي أعطاها لهم الرئيس باراك أوباما حول المضي قدما في التوصل الى تفاهم نووي نهائي بين ايران ومجموعة الدول الست”.

“السلسلة”: الى المواجهة

الى ذلك، رفعت اللجنة النيابية المعنية الصيغة النهائية لمشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب الى الرئيس نبيه بري، وذلك بكلفة تبلغ 1742 مليار ليرة، ومن دون مفعول رجعي. وقد أحال بري نسخة منها الى رئيس الحكومة تمام سلام، وكذلك الى وزارة المال والى “هيئة التنسيق النقابية” لدراستها، على أن يُبنى على الشيء مقتضاه في ما خص تحديد موعد انعقاد الهيئة العامة لمجلس النواب، للبت بالسلسلة في ضوء الملاحظات التي ستوضع على المشروع، وخاصة من قبل القطاعات النقابية.

وفي هذا السياق، تعكف “هيئة التنسيق النقابية” على دراسة المشروع اعتبارا من اليوم، على ان تحدد موقفها وخريطة تحركها في الساعات المقبلة. وقال رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي حنا غريب لـ”السفير”: “السلسلة كما أعدوها، هي بمثابة إعلان حرب. لقد تجاوزوا السلسلة، ليضعوا مشروعا أقل ما يقال فيه انه مشروع تصفية آخر ما تبقى من القطاع العام، فقد فرطوا السلسلة وضربوا نظام التقاعد والتقديمات الاجتماعية وحقوق الاساتذة والدرجات وأوقفوا التوظيف، وعززوا نظام التعاقد، وأقصى ما قدموه للاساتذة من زيادة لا يزيد عن 10 في المئة بينما المطلوب 121 في المئة”.

وردا على سؤال قال غريب: “لا شيء عندنا نخسره. هم أرادوها حربا، فلتكن”.

وبحسب مقاربة عدد من الخبراء، فإن المثير للتساؤل هو الغموض الذي يعتري المشروع المعدل، فكل المقاربة العقارية وردت ملتبسة، وتعطي هامشا واسعا للتهرب من الضرائب، وهي وان أبقت ضريبة الارباح على فوائد المصارف (7 في المئة)، فإن سمة السلسلة الجديدة هي استسهال فرض ضرائب على المواطن، اذ حذفت من الاقتراحات التصحيحية، الضرائب على أسهم الشركات المدرجة في البورصة، واستحدثت ضريبة جديدة تطال كل الناس (6000 ليرة على الاسمنت) وفرضت رسما بين 80 الف ليرة و120 الف ليرة على المستوعبات المستوردة.

ورفعت اللجنة الضريبة على القيمة المضافة من 10 في المئة الى 11 في المئة (على استهلاك الماء والكهرباء والاتصالات السلكية واللاسلكية)، والى 15في المئة على الاجهزة الخلوية، واستيراد السيارات الجديدة والمستعملة والمراكب البحرية. مع زيادة الرسم الجمركي 5 في المئة على بعض السلع، وفرض رسم مغادرة على المسافرين. ورفع رسم الطابع المالي على فواتير الهاتف، وكذلك رفع رسم السجل العدلي من 2000 الى 4000 ليرة، ومضاعفة الرسوم التي يستوفيها كتّاب العدول، وفرض غرامة على اشغال الاملاك البحرية والنهرية والبرية، ومضاعفة ضريبة اليانصيب من 10 في المئة الى 20 في المئة، وفرض رسم مسبق 2 في المئة على عقود البيع العقارية.

وبحسب مشروع اللجنة، فالايرادات المقدرة حتى نهاية 2014 تبلغ 835 مليار ليرة، والايرادات المرتقبة للعام 2015 تبلغ 1742 مليار ليرة (تفاصيل ص 2).