بالأمس كتبنا عن واقع لبنان السياسي الذي ينطبق عليه وصف «بزرَميط»، ويبدو أنّ هذا الواقع الـ»بزرَميط» امتدّ مجدداً ليطال رمز فني لبناني كبير، هذه المرّة بعض العونيّون من فصيلة الـ»lightminded [أَرْعَن؛ طائِش]»، أو الـ»weak minded [أبْلَه؛ غَبِيّ]»، وهم مجموعة من الوقحين والغوغاء و»السفهاء»، على الأقل اقتداءً بفطاحل الشتم والسبّ من تيارهم، ظنّوا أن باستطاعتهم أن يتطاولوا على رمز لبناني آخر ظلّ على مدى أربعين عاماً، أي قبل أن يولدوا من بطون أمهاتهم، وأيام كان جنرالهم مجرّد ضابط محال على التأديب المسلكي لإطلاقه النار على المدنيين خلال تظاهرة في صيدا، يومها كانت ماجدة الرومي تفتح ذراعيها وقلبها وصوتها للبنان وتنتشله من واقع مأساوي على عتبة الحرب الأهليّة رافعة لبنان إلى السماء بقصيدة سعيد عقل «عم بحلمك يا حلم يا لبنان».
وهنا نودّ أن نسوق لهؤلاء «العونيين» الغوغاء الوقحون والساقطون أخلاقياً في ألفاظهم وتطاولهم على رمز لبناني كبير نذر صوته وفنه للإنسان والله ولبنان وحريته وسيادته واستقلاله، هؤلاء لا يعرفون تاريخ جنرالهم الذي صادر صوت ماجدة الرومي عام 1990 وألصق صورته على قصيدتها «سقط القناع» وادّعى أنها مهداة إليه من السيّدة ماجدة الرومي فيما هي مصابة بالذهول من فعلته، التي أتبعها لاحقاً أيام كان المحيطون بجنون عظمته «يزّقون» المدنيين إلى باحة قصر بعبدا وتدور سيارات الجيش لتنادي على المواطنين بأن الفنان الفلاني سيغنّي الليلة في بعبدا، وبلغت وقاحة جماعة الجنرال يومها أن أرسلوا سيارات الجيش بمكبّرات الصوت لتعلن في القرى والمناطق وبينها بلدة كفرشيما أنّ ماجدة الرومي ستغنّي الليلة في قصر بعبدا، وانتظر الناس «المزقوقون بالبواسط» طويلاً تلك الليلة، لأن ماجدة الرومي لم تأتِ ولم تغنِّ للجنرال في عزّ جبروته وجنون عظمته!!
ونودّ أن نسوق لهؤلاء «العونيّون التافهون الحاقدون» واقعة أخرى من تاريخ ماجدة الرومي، بعد فرار جنرالهم إلى منفاه المترف في فرنسا ظلّ جمهوره يظنّ أن ماجدة الرومي تؤيد جنرالهم في وقت كان ميشال عون وجمهوره يُطارد نجاح ماجدة الرومي في كل حفلاتها وفي كافة المناطق اللبنانيّة، وواحدة من «جنّوناتهم الكبرى» كانت في حفل المعهد الأنطوني في بعبدا، وكذلك على مسرح جورج الخامس كلّ ليلة، وكان المسرح كلّ ليلة يشهد مداهمات «جميل السيّد» العاتية، حتى بات الغناء في حضور هذا الجمهور وجعة رأس، وكلّما غنّت ماجدة «سقط القناع» أو «القسم» انطلقت «زمامير» هؤلاء مرددة تراتاتا.. جنرال» ثم أصابتهم حمّى اسمها «عون راجع»، حتى ضقت ذرعاً بما يسبّبونه من إرباك لغناء ماجدة التي اتخذت قراراً بالتوقف عن الغناء، وكانت تطرق برأسها محدقة في أرض المسرح حتى يفهم هؤلاء أنّ هذا حفل غنائي وأن ما يفعلونه لا يليق، ولكن «هيهات»، ذات ليلة قلت غاضبة لماجدة: «طالع عبالي بس يجنّوا الليلة أطلع من وراء الستارة وقلهن: عون مش راجع»!!
يوم غنّت ماجدة الرومي لأول مرّة في فرنسا على مسرح الأوليمبيا عام 1991 عادت من هناك تطاردها شائعة أن العلم اللبناني الذي أهدي لها خلال الحفلة موقعٌ من ميشال عون، الشائعة انتشرت كالنار في الهشيم إلى حدّ أننا وخلال جلستنا في «شمسات غرفة إبنتها نور»، فكّرت ماجدة طويلاً ثم قالت: «يا جماعة ما يكون عن جد هالعلم ممضي من عون وأنا ما انتبهت، قوموا نطلعوا من الحقيبة، وبالفعل أخرجناه وقلبناه لم يكن موقعاً من عون، ولكنّ جمهوره مغرم بالأكاذيب التي يُطلقها ثمّ يصدّقها»، ولا نريد هنا أن نتوقف عند حادثة لا تليق بمن يدّعي الزعامة عندما حاول إفشال حفلٍ لماجدة في فرنسا لحضور اللبنانية الأولى منى الهراوي حينها للحفل، بل أكثر من ذلك عندما منح الرئيس الراحل الياس الهراوي ماجدة الرومي وسام الاستحقاق، استضافها يومها ريكاردو كرم في برنامجه مرايا على قناة الـ mtv ليتهمها بأنها غيّرت خطّها السياسي ومشت مع «العهد»، ما زلت أذكر إجابة ماجدة الرومي: «هذا العهد كرّمني وكرّم أبي، وأنا ملتزمة لبنان سيّد حر مستقل ومن يجد أنه يلتقي معي على نفس الخط فأهلاً به».
نفس السؤال أعادت طرحه عليها الإعلامية جيزيل خوري في حوار العمر وبفجاجة أكبر: «هل أنت عونيّة»؟ أجابتها ماجدة: «أنا ملتزمة خط لبنان الحرّ السيد المستقل ومن يلتقي معي على هذا الخطّ فمرحباً به».
معلومة أخيرة نسوقها لـ»السوقة» الذين يتطاولون على ماجدة الرومي لأنها وضعت كرسي الرئاسة فارغاً في حفل بيت الدين، وهذا هو دور الفنان الحقيقي أن يرصد ويذكّر بالأخطار التي تتهدد الوطن الذي يدافع عنه بشرف، لمعلومات هؤلاء السوقة، عندما عاد جنرالهم من فرنسا وهو يحبّ جداً أن يستغلّ شعبيّة كبار الفنانين طالب ماجدة الرومي بالترشح على لائحته الانتخابيّة في انتخابات العام 2005 فاعتذرت بتهذيب شديد «لأنها لا تفهم في السياسة، بل تفهم في الفن»، نفس العرض أعاد عرضه الجنرال على الفنانة جوليا بطرس التي اعتذرت أيضاً بلباقة عن هذه الورطة لأنها «شغلتها الفن مش السياسة»، «فصفصف» الجنرال على ترشيح «غسان الرحباني» شاعر «إذا زعجك شيلو»، ومايسترو «عبده حابب غندورة» عبده منذر!!
ماجدة الرومي رمز لبناني وخطّ أحمر، وما يفعله بعض «غوغاء» جمهور القطيع الذي يسير وراء الكرّاز أعمى وأصم، لا يصيبها بخدش، فالرمز «مقامٌ» وهؤلاء جمهور «بطن السقاية» و»تحت الزنّار»، هؤلاء يشبهون جمهور الغوغاء في «مسرحيتي المكتوبة»: «اجتماع الحمير والمواطنين تحت الشرفة الجميلة» [قيد النشر]!!