اللبنانيون على موعد مع الفراغ. مطلوب معجزة لانتخاب رئيس جمهورية قبل «اقفال» مجلس النواب منتصف ليل 25 أيار. لا يبدو في الأفق احتمال وقوع المعجزة. السؤال ماذا بعد 25 أيار؟!
لبنان أمام سيناريوهين. الأول، الفراغ. حكومة تمام سلام، تستمر بإدارة البلد دون أن تقع في المحرم وهو وضع يد السنة عبر رئيس الوزراء على السلطة التنفيذية. في وقت الفراغ تستمر المساعي الداخلية والخارجية للتوصل الى اسم الرئيس الوفاقي عن حق وواقع. المهمة صعبة، لكن النشاط والدعم الخارجي ينتجان التوافق. بهذا يكون الفراغ مؤقتاً، ولبنان بسلام لأنه يقطع الوقت تحت «خيمة« الاتفاق الاقليمي والدولي. وتحصر آثار «زلزال« الفراغ ضمن المعقول.
السيناريو الثاني وهو أكثر من سلبي. الفراغ قاتل لأنه ليس مفتوحاً على الوقت. الاستحقاقات الأخرى، تجعل كل يوم نوعاً من السير على «حافة السكين». في تشرين الأول تنتهي ولاية مجلس النواب الحالي وتبدأ الاستعدادات لانتخاب مجلس جديد. إذا لم ينتخب رئيس للجمهورية وتكون انتهت صلاحية مجلس النواب وربما وقعت مقاطعة مسيحية فتصبح الحكومة بحكم المستقيلة، فيقع الفراغ تحت «سقف الفوضى الشاملة». الخطوة الأولى في حال عدم انتخاب رئيس للجمهورية، التمديد لمجلس النواب الحالي، حتى إذا جاء تشرين يبدأ دورة الانعقاد العادي.
لبنان أمام امتحان مصيري طوال المئة يوم القادمة لتلافي الفراغ. عدم انتخاب الرئيس قبل فجر 26 أيار يعني أن الأفرقاء اللبنانيين، سلموا ادارة الانتخابات الى الخارج. في هذه الحالة يجب أن يتوافق عدة ناخبين كبار. وأن لا يترك الآخرون دون ترضيات، حتى يظهر الدخان الأبيض.
لا توجد ضوابط للمفاوضات في الخارج. كل طرف سيقدم مصلحته على الآخرين. لا يستطيع الناخبون اللبنانيون الاحتجاج، لأن كل واحد قدم مصلحة «معسكره« على مصالح الآخرين.
الجنرال ميشال عون. في قلب الزلازل القادمة بعد «زلزال« الفراغ. اصرار الجنرال على أن يكون «الرئيس المنتخب أو لا أحد»، أحرج حلفاءه قبل غيرهم. حتى الآن يرفض عون الاقتناع بأن انتخابه رئيساً للجمهورية يتطلب معجزتين داخلية وخارجية. في الداخل يجب أن يقتنع الجميع بأنه مرشح «وفاقي«، وفي الخارج بأنه قادر على تنفيذ شروط الوفاق بكل ما يتعلق بالداخل من العلاقة مع «حزب الله» وصولاً الى «المستقبل».
اقتناع الجنرال عون أنه لن ينتخب رئيساً للجمهورية مشكلة كبيرة. متى اقتنع بهذا، ستبدأ مرحلة جديدة. بعض الذين يتابعون عون يرون أنه سيطلب ثمناً عالياً للخروج من الفراغ وعدم الدخول في الفوضى. «سلة» المطالب العونية تشمل حصوله على قيادة الجيش، ووزارتي النفط والخارجية أولاً، وضمان تسمية عدد كبير في المديريات ومجالس الادارات له والأهم من كل ذلك صياغة قانون انتخابي على قياس طموحاته.
ما لم يتم التوصل الى حل يُسقط الفراغ، فإن المسار كله يصب في «طاحونة» إنشاء «مجلس تأسيسي«، تكون مهمته صياغة نظام جديد يلغي عملياً نظام الطائف. الأصابع كلها موجهة الى «حزب الله» بأنه وراء هذا المسار المنتج لما يطمح إليه علانية بعد أن كان سراً. المطّلعون على «مطبخ» سياسة الحزب يرون أنه لا يريد الوصول الى هذه الحالة لأنه يكون، «كمن يطلق الرصاص على رجله»، لأنه يعرف جيداً أن الاتفاق على تشكيل مجلس تأسيسي ومن ثم على نتاجه دونه «زلازل« أضخم بكثير من المتوقعة حتى الآن. منها الاحتكام الى السلاح. الذي لم يعد وارداً في استراتيجيته.
من حق اللبنانيين أن يخافوا من الفراغ. لبنان كله معلق على «شعرة».. وصل هذا الخوف الى درجة أن لبنانياً قال لأصدقائه: سأسعى للحصول على جواز سفر صومالي لأن الصومال سيخرج من حالة الدولة الفاشلة، في وقت يستعد لبنان لدخول هذه الحالة…
لم يفت الأوان للحل شرط أن ينجز قبل أيلول.