رغم وجوده في المغرب منذ فترة للاستجمام في الدار البيضاء، وجد النائب سعد الحريري وقتاً للسياسة. استغل حدث الانتخابات السورية لتكرار نغمة الثورة التي راهن عليها ودعمها، فأتت نتائجها على عكس ما اشتهى. رهان الحريري الخاسر في السياسة، لا يوازيه سوى رهانه الخاسر في مجال «البزنس». لذا قرر الالتحاق بحاشية الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز في رحلته الى المغرب، علّه يحظى بـ«مكرمة» تتيح له ترتيب أوضاع شركة «سعودي أوجيه» التي تتفاقم أزمتها المالية يوماً بعد يوم.
منذ ثلاث سنوات، لا يتعب الرجل من الحديث عن حرية الشعب السوري وحقّه في الديموقراطية. الحريري الذي صدر باسمه أمس بيان علّق فيه على الانتخابات السورية وفوز الرئيس بشار الأسد بها، لا يزال في المغرب، حيث انضم إلى حاشية الملك. ورأى من صاغ البيان أن «ما من انتخابات في تاريخ البشرية تعرّضت للأوصاف والنعوت المهينة كالانتخابات التي منحت بشار الأسد ولاية جديدة على الشعب السوري»، معتبراً أنها «انتخابات هزيلة وسوداء وحقيرة ومفبركة ودموية وساقطة ومقيتة». كما رأى أن «قلة في هذا العالم احتفلت بتتويج بشار على عرش الجريمة المستمرة، وأن هناك إجماعاً غير مسبوق، على أن العالم شهد أسوأ تجربة ديموقراطية في التاريخ، بل إن العالم كان شاهداً على أكذوبة ديموقراطية لا مثيل لها حتى في أعتى الأنظمة الديكتاتورية». يقضي الحريري وقته، بحسب مصدر مطلع، «منتظراً دوره كغيره ممن الذين يرافقون الملك في رحلته، إلى حين يجد الأخير وقتاً لاستقبالهم». لكن رئيس أكبر الكتل النيابية في لبنان وصاحب لقب رئيس الوزراء السابق لا ييأس. «ينضم الحريري إلى جلسات الحاشية، ليستمع إلى عدد من المشاريع التي يحاول أعضاؤها إقناع الملك بها»، على ما يقول المصدر.
كل حراك الحريريمنذ فترة بين الرياض وباريس زاد الطين بلة
طبعاً لسفر الحريري إلى المغرب ضمن حاشية الملك «أهداف أكبر من تقطيع الوقت». فالرجل «يعاني أزمة مالية حقيقية تتفاقم منذ أن سحبت المملكة العقود الممنوحة لشركة أوجيه التي يملكها، لعدم التزامها بمواعيد التنفيذ، ولزّمتها إلى مجموعة بن لادن، وهي أزمة يحاول الحريري التغطية عليها من دون جدوى». وما يفعله الحريري في المغرب هو «محاولة لتبييض صفحة الشركة عند الملك، سبقتها محاولة أخرى قام بها مع شقيقه بهاء بعدما نجحا منذ فترة في إصلاح العلاقة التي أفسدتها الأعمال». لكن بهاء، ورغم «المصالحة العائلية، رفض عودة الشراكة التي كانت قائمة بينهما، بعدما صارت شركاته تعمل بشكل منفصل عن شركات سعد»، وهي «شراكة طالب بها الأخير لتحسين وضعه المالي». مشكلة الزعيم الشاب المالية وانشغاله بها ليست جديدة، وعادة ما كان ينعكس الهم المالي الذي يحمله الرجل على ظهره تقصيراً كبيراً داخل تياره السياسي. يقول أحد نواب كتلته ممن ينشغلون في «لملمة» المشاكل الداخلية في التيار إن «كل الحراك السياسي الذي يقوم به الحريري منذ فترة بين الرياض وباريس لم ينعكس إيجاباً على وضعنا، بل زاد الطين بلة».
رغم ذلك، يصرّ الحريري على لعب دور أكبر من طاقته. وبعد إغراقه الشمال السوري بالحليب والبطانيات، ها هو يعطي النصائح الغاضبة لدول العالم، بهدف حثها على «اقتلاع ظاهرة بشار من الوجود السياسي»، بحسب البيان الصادر باسمه أمس.