تستمر الخروق السورية للسيادة اللبنانية والقصف على الاراضي اللبنانية، على الرغم من موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، الداعي الى وقفها والطلب الى وزارة الخارجية النظر في ما يمكن فعله ازاءها.
مصادر ديبلوماسية، تقول انه يمكن للبنان ان يتعامل مع الخروق السورية، كما يتعامل مع الخروق الاسرائيلية، حيث يتم توثيقها وارسالها الى الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي لابلاغهما بها. انما هناك انقسام لبناني بين 14 آذار و8 آذار، حيث الاخيرة لا تريد الشكوى على سوريا ولو كان حتى للعلم والخبر، لانها تتجنب حصول ادانة دولية لها. لكن المصادر تطرح تساؤلات عما يمنع طرح الموضوع على مجلس الوزراء، وهكذا يتخذ قرار موحد، ويتم تلافي احراج وزير معين، ويتحمل الجميع مسؤولياتهم حيال المسألة الحدودية وطريقة دفاع لبنان عن سيادته.
تركيا أسقطت طائرة للنظام عندما اقتربت من حدودها، وهناك تحذير تركي من انه لدى الاقتراب من نقاط معينة سيتم ضرب الطيران فوراً. والحدود السورية مع الاردن لا تواجه مثل هذه المشاكل كون المعارضة السورية تسيطر على غالبية الحدود مع الاردن.
النظام السوري يستهدف لبنان معتبراً ان اطرافاً من المعارضة توفر لنفسها التموين والدعم عبر لبنان، وبعض القصف السوري يأتي من بعض الكتائب الاسلامية المعارضة للنظام في الداخل، وهي متهمة ايضاً بالقيام بتفجيرات داخل الاراضي اللبنانية، ويفترض بلبنان ان يوثق ما يقوم به الطرفان السوريان. ويمكنه بالتالي تقديم رسالة شكوى الى الامم المتحدة كما يمكنه ان يطلب تعميمها على كل الدول الاعضاء. وارفع طلب هو دعوة مجلس الامن الى الاجتماع لبحث الشكوى. لبنان لم يطلب ولا مرة من المجلس الاجتماع لبحث الشكوى، كما انه في الاساس يجب ان يكون ضامناً لمواقف الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في المجلس لا سيما حيال اسرائيل، اذ ان هناك «الفيتو» الاميركي، اما حيال سوريا فقد يتحرك «الفيتو» الروسي في ما خص قصف النظام، في حين انه حيال الخروق الاسرائيلية يقدم لبنان دائماً شكاوى في اطار رسالة ويطلب تعميمها على كل الدول الاعضاء.
السلطة او السطوة السورية على لبنان خفت وتراجعت لا سيما على اجهزة الدولة، بعد انسحاب القوات السورية من لبنان وبعد الحرب السورية، لكن المشكلة ان اللبنانيين منقسمون بين مؤيد للمعارضة ومؤيد وداعم للنظام ويقاتل الى جانبه، فضلاً عن ان الانقسام السوري بدوره يؤثر في الوضع اللبناني. الا ان مصادر ديبلوماسية اخرى، تفيد ان استهداف سوريا للاراضي اللبنانية خلال حربها الداخلية يحتاج الى ردة فعل… الا ان اي طرف لبناني قريب من النظام ومولج بالقيام برد الفعل لن يقوم بذلك على الاطلاق، ويفترض بحسب القانون الدولي، ان يقوم رد الفعل على 3 مراحل:
أولاها: توجيه انذار مكتوم الى السلطات السورية عبر استدعاء السفير وابلاغه الامر بصورة سرية.
وثانيتها: اذا لم تأخذ سوريا في الاعتبار الموقف اللبناني، يتم توجيه انذار علني واحتجاج عبر استدعاء السفير مجدداً واعلان ذلك عبر وسائل الاعلام.
وثالثها: اعادة ابلاغ سوريا اذا استمر استهداف الاراضي اللبنانية، بأن هناك تنسيقاً لبنانياً سورياً، ولا يمكن لسوريا ان تخرق السيادة اللبنانية لتقوم بأي عمل نيابة عن السلطات اللبنانية، وان لبنان لن يقبل ولن يتهاون، وبهذا الموقف يظهر لبنان انه حريص على الحفاظ على السيادة، والا قد تعمد سوريا الى ملاحقة اشخاص سوريين في العمق اللبناني، ولن يقتصر خرق السيادة على الحدود. وهنا الخوف، لذلك المرحلة الثالثة تتطلب اما الرد على مصادر القصف او الاحتجاج على الخرق الى الامم المتحدة.
الفارق في مصدر الخرق للسيادة بين سوريا واسرائيل، هو ان لبنان يقاطع اسرائيل وهناك حالة عداء وحرب معها. لذلك لدى حصول اي عدوان او خرق للسيادة اللبنانية من جانب اسرائيل، يتوجه دائماً وفوراً الى الامم المتحدة، بينما بالنسبة الى سوريا وبحكم انها دولة عربية وجارة وهناك تواصل وتنسيق لا سيما على المستوى الامني، وهناك تبادل سفراء، يفترض ان يكون هناك تعبير عن ما لا يرضي لبنان، وان يقطع هذا التعبير بمراحل عديدة لان التعامل ليس مع عدو مثل اسرائيل، ولكي لا يقال ان هناك تعاملاً مشابهاً للتعامل مع العدو. الا ان الكرامة اللبنانية هي في الدرجة الأولى، حتى ولو انزعج الطرف الآخر من الحديث معه عن ضرورة وقف القصف والخروق وقتل المدنيين اللبنانيين الابرياء. المهم ان يكون هناك مسؤولون مستعدون للتصرف من دون التفكير بالانعكاسات الاقليمية على مراكزهم، وان انزعج الطرف الآخر، المهم ألا تتكرر الخروق.