IMLebanon

ما الجدوى من اتصالات تجريها 14 آذار بعدما سبقتها مواقف رافضة لمبادرتها؟

ماذا يمكن ان يسفر عن اتصالات قوى 14 آذار بكل القوى السياسية الاساسية في البلاد بعدما سبقتها مواقف رافضة للمبادرة وحتى لمجرد البحث فيها بدأها “تكتل التغيير والاصلاح”، وقد تكتمل هذه المواقف عندما تصدر عن كل مكونات قوى 8 آذار إفرادياً أو جماعياً ولا سيما عن “حزب الله”، وما الذي ستفعله قوى 14 آذار إذا لم يتم التجاوب مع مبادرتها لأسباب مختلفة ولم يتم التوصل إلى اتفاق على مرشح تسوية أو وفاق للرئاسة الأولى؟

بات واضحاً للجميع أن الثنائي عون – نصرالله يمتلك حق “الفيتو” في كل شأن داخلي وخارجي مذ عام 2005 توصلاً إلى ما يريد، فحال دون إجراء انتخابات نيابية على أساس قانون الستين وطرح ما عُرف بالمشروع الارثوذكسي، ومرت أشهر من دون التوصل إلى اتفاق على مشروع قانون جديد للانتخابات، فصار أمام مجلس النواب مشاريع عدة لم يطرح أي منها على الهيئة العامة للموافقة على واحد منها. وحال هذا الثنائي دون تشكيل اي حكومة الا اذا كان ممثلاً فيها بالحجم الذي يريد وأسندت اليه الحقائب التي يريد، ويفرض على الحكومات البيانات الوزارية التي يريد ويخالف احيانا بعض ما فيها كما حصل مع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عندما قرر “حزب الله” التدخل عسكرياً في الحرب السورية ولم يسأل عن السياسة التي حددها البيان الوزاري والتي تقول بـ”النأي بالنفس”. وكان هذا الثنائي قد حال ايضاً دون عقد اجتماعات لمجلس الوزراء ما لم يبحث في ملف شهود الزور، كما حال بسبب هذا الملف دون استمرار عقد اجتماعات هيئة الحوار لمتابعة البحث في مشروع الاستراتيجية الدفاعية كي يتهرب “حزب الله” من إعلان موقف من المشروع الموضوعي الذي اقترحه الرئيس السابق ميشال سليمان لأن الحزب يرفض أي مشروع لا يبقي سلاحه تحت إمرته.

وبعدما فعل الثنائي عون – نصرالله هذا تحوّل نحو الانتخابات الرئاسية مهدداً بتعطيلها إذا لم ينتخب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية ليس ممثلاً لقوى 8 آذار إنما لكل القوى السياسية الأساسية في البلاد باعتباره “وفاقياً”… ليسد به طريق وصول أي مرشح آخر للرئاسة لا يكون مع الخط السياسي للحزب ومع المحور الإيراني. وعندما رشحت قوى 14 آذار الدكتور سمير جعجع للرئاسة الأولى قال “حزب الله” ومن معه إنه يرفض مرشحي الاستفزاز، واقترح بلسان نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم البحث عن مرشح وفاقي. وعندما ضمّنت قوى 14 آذار مبادرتها هذا الاقتراح، هل يصبح هذا المرشح مرفوضا وذلك استكمالاً لمخطط إحداث فراغ شامل في البلاد؟ وإذا وافق الحزب خلافاً لرأي عون على البحث في مرشح وفاقي او توافقي فإنه قد يفتعل خلافاً حول اختيار اسم المرشح فيكون هذا الخلاف سبباً لاستمرار الشغور الرئاسي وبعده الفراغ المجلسي إذا لم يتم الاتفاق على التمديد. وهذا موقف غريب إذ إن على من يرفض التمديد أن يسهّل إجراء انتخابات رئاسية لا أن يعرقل إجراءها ثم يرفض التمديد للمجلس بحجة أنه لم يتمكن من انتخاب رئيس مع أن الحزب ومن معه هم السبب.

تعتقد أوساط سياسية أن “حزب الله” قد لا يرفض البحث عن مرشح توافقي كي لا يتهم بالتعجيز بل يطرح اسم مرشح مرفوض من الطرف الآخر، محاولاً أن يكون لتأمين نصاب جلسة الانتخاب ثمن، وهذا الثمن هو انتخاب العماد عون رئيساً، أو انتخاب من يسميه عون والحزب لضمان الحفاظ على المقاومة وسلاحها وعلى خط الممانعة، ويكون مؤيداً التفاهم والتعاون مع نظام الرئيس الاسد. وإلا فليكن رئيس لبنان من صنع تفاهم سعودي – إيراني – أميركي بدأ تطبيقه في العراق، ولا بد من انتظار مدى نجاحه هناك للانتقال الى تطبيق تفاهم مماثل في سوريا ولبنان.

فكما ان “حزب الله” لا يتنازل عن ورقة رئاسة الجمهورية اذا كان الرئيس يصنع في لبنان كونه يملك مع حليفه عون حق “الفيتو” والقدرة على تعطيل نصاب كل جلسة للانتخاب، فإنه يطلب قبض الثمن رئيساً مقبولاً منه، وإلا انتقلت هذه الورقة إلى ايران لتكون ورقة ضغط ومساومة عند البحث في وضع سوريا وفي وضع لبنان وربما في وضع اليمن ايضا. فإذا كان التفاهم في العراق أبعد رئيس الوزراء نوري المالكي وجاء بخلف له يحاول تشكيل حكومة “وحدة وطنية” فهل يتم التفاهم ايضا في سوريا وكيف، حتى إذا ما تعطل في سوريا ظل معطلاً في لبنان لأن بين البلدين ما يشبه وحدة المسار والمصير، وهي وحدة كانت قائمة لمواجهة اسرائيل وينبغي ان تبقى الآن، في رأي الحزب، لمواجهة تنظيم “داعش” وامتداداته.

هل تكون مبادرة قوى 14 آذار هي الاخيرة للخروج من أزمة الانتخابات الرئاسية، وماذا بعد إذا ما رفضها “حزب الله” ومن معه، هل يتأكد عندئذ ان البلاد تسير نحو الفراغ الشامل وإلى الكارثة التي لا خروج منها الا بلبنان آخر… لبنان الحياد او لبنان المقسّم فيديراليا؟