دعمت زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي لاربيل، المسيحيين في العراق، وتوّجت بالتشديد على بقائهم في وطنهم على الرغم من الاضطهاد الذي لاقوه من “داعش”، هذا التنظيم الذي قتلهم وهجّرهم من منازلهم، فهربوا الى عدد من الدول تاركين جنى العمر. وتولى مطران الكلدان في بيروت ميشال قصارجي الاهتمام بهم لجهة ايوائهم وتقديم المساعدات على اختلافها مع منظمات انسانية، ولم تتجاوب المفوضية العليا للاجئين مع دعوة قصارجي المتكررة لها لتقديم مساعدة على غرار ما تفعله للاجئين السوريين الى لبنان او لمن نزح داخل سوريا او الى أراض آمنة، او لمن بقي في منزله وهو داخل محاور القتال بين القوات النظامية من جهة و”داعش” والمعارضة السورية من جهة أخرى.
إلا ان نداء سيد بكركي الذي وجهه من عاصمة المال والاستثمار في اقليم كردستان، يرتدي دعما معنويا، والسؤال المطروح: هل تتجاوب الاسرة الدولية معه لتدافع عن الوجود المسيحي في الشرق عموما وفي سوريا خصوصاً حيث يسيطر “داعش” في مناطق تمركزه العسكري؟
رأى مصدر ديبلوماسي غربي في بيروت ردا على سؤال لـ”النهار” انه يجب عدم التقليل من أهمية نداء البطريرك الراعي الى الاسرة الدولية، فهو يلتقي في هذا المجال مع دعوة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الذي سبقه الثلثاء الى كل من بغداد واربيل، ولاقى تفهما رسميا عراقيا ومن رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني لجهة ان المسيحيين مكوّن اساسي من الشعب العراقي، ويجب حمايتهم في الاقليم، حيث يستثمر اللبنانيون ويعملون بشكل جيد، وليس هناك من تذمر او انزعاج من سلوكهم الذي هو موضع تقدير وثناء من المسؤولين في كردستان. الا ان الواقع يدل على ان هناك عجزا عسكريا عراقيا عن القيام بذلك، بدليل ما تعرض له المسيحيون في الموصل، وسبق ذلك تفجير الكنائس في بغداد منذ مدة.
ونصح بضرورة التنسيق مع العراق، المسؤول الاول عن المسيحيين في الموصل، ثم اجراء الاتصالات الرسمية بقادة تلك الدول لاستصدار قرار تحت الفصل السابع، وشن الهجوم على مواقع تمركز “داعش” والقضاء عليها، وما يشجع على ذلك هو تسابق مسؤولي بعض الدول على زيارة بغداد واربيل من أجل تأكيد رفض احتلال التنظيم الذي يصنفونه ارهابيا، ووأد كل تصرفاته المنافية لحقوق الانسان.
ولفت الى ان الدول الكبرى لا تتحرك الا بما يفيد مصالحها، والمثال على ذلك ان الرئيس الاميركي باراك اوباما لم يأمر مقاتلاته بقصف تجمعات “داعش”، الا عندما وصل مقاتلوه الى مسافة قريبة من أربيل، حيث الاستثمارات الاميركية، ولم تتصد لهؤلاء اثناء تنكيلهم بمسيحيي الموصل، ولا عندما تعرضت الكنائس في بغداد لاعمال تخريب. وذكر بأن رئيس البيت الابيض مصرّ على ان يكتفي بقصف جوي، وهو يرفض حتى الآن إعطاء أوامر للقيام بأي عمل عسكري بري تجنبا للخسائر التي مني بها جيش بلاده لدى غزوه العراق.
وانتقد موقف الرئيس الاميركي الذي لم يأخذ في الحسبان ردة فعل “داعش” الذي ذبح الصحافي الاميركي في سوريا انتقاما للقصف الجوي الاميركي الذي اعاق تقدمه، اضافة الى اطلاق النار على السفارة الاميركية في عمان الثلثاء الماضي واصابة رجلي أمن اردنيين من عناصر الحماية. وتوقع ان يبدل أوباما موقفه من ناحية التعامل العسكري مع “داعش” بعد تهديد “داعش” بمحاربة المصالح الاميركية.
وابدى مسؤول بارز انزعاجه من قول وزيرة الخارجية الايطالية فيديريكا موجيني ان لبنان على شفا حفرة من عدم الاستقرار بسبب الازمة السورية. وأعربت عن اعتقادها، في احاطة برلمانية أول من أمس امام لجنتي الخارجية والدفاع في مجلسي النواب والشيوخ الايطالي عن الوضع في العراق، ان لبنان والاردن يوشكان على السقوط في عدم الاستقرار. وسيقترح استدعاء السفير الايطالي الى قصر بسترس ليستفسر منه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل عن معلومات نظيرته الايطالية، مع التذكير بأن بلادها بذلت جهدا كبيرا لدى أميركا للانضمام الى “المجموعة الدولية لدعم لبنان” التي كانت اصلا تتألف من الدول الخمس الكبرى ذات العضوية الدائمة لدى مجلس الامن، ومهمتها الحفاظ على استقرار لبنان السياسي والامني في ظل استمرار الازمة السورية. واستغرب الموقف الايطالي المكلف برنامج المساعدات العسكرية للجيش اللبناني واستضافة أول اجتماع في حزيران الماضي، كما أن الحكومة قرّرت شراء أسلحة بمبلغ من هبة الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز بقيمة مليار دولار.