IMLebanon

ما دون نشر «اليونيفيل» رغبات وتوافقات

 

تطرح بعض القوى الاساسية في البلاد، مثل 14 آذار، أن تطالب الحكومة اللبنانية، الأمم المتحدة، بالعمل على نشر القوة الدولية العاملة في الجنوب بموجب القرار 1701 «اليونيفيل» على الحدود الشرقية الشمالية مع سوريا في ظل التهديد الامني هناك، وعلى خلفية العدوان على الجيش اللبناني في منطقة عرسال.

فهل مثل هذا الطرح ممكن التطبيق؟ وما الذي يتطلبه في المبدأ من إجراءات ديبلوماسية وسياسية؟

مصادر ديبلوماسية، أشارت إلى أن الموضوع لم يتم التداول به على مستوى العلاقة بين لبنان والامم المتحدة. لكن ليس هناك من موانع حقيقية قد تقف حجر عثرة امام نشر «اليونيفيل» على تلك الحدود، فكل شيء معقول اذا توافرت هناك مسألتان: الاولى رغبة داخلية وتوافق لبناني على ان تطلب الحكومة نتيجة اجماع الافرقاء اللبنانيين على هذا الحل، والثانية توافق دولي اميركي روسي تحديداً على مثل هذه الاجراءات اذا كانت هناك رغبة دولية فعلية بتحييد لبنان عن حوادث المنطقة وتداعياتها، اي اذا كان الامر يهم الولايات المتحدة في مجال اهتمامها باستقرار لبنان، واذا كان الامر يهم روسيا ايضا بحيث لا تضع «فيتو» على الموضوع في مجلس الامن، فيكون الامر بالنسبة الى لبنان انجازاً كبيراً، بحيث ترسل قوات دولية هدفها المراقبة وتحمي لبنان والحدود، لا سيما وانه عبر تاريخ لبنان المستقل، فان ثلاثة ارباع المشاكل هناك أتت من هذه الحدود وان كانت الحدود الاخرى الجنوبية لديها معاناتها مع الاحتلال الاسرائيلي واعتداءاته. وبلد صغير مثل لبنان، تحيط حدوده من كل الجهات مراقبة دولية تضبط الوضع وتراقبه من التعديات، فهذا في حد ذاته يوفر الاستقرار الذي تطلبه الدول من لبنان، والذي يرغب به اللبنانيون لأنفسهم.

وتلفت هذه المصادر، الى انه بموجب القرار الاخير لمجلس الامن حول المساعدات الانسانية في مناطق المعارضة السورية، جرى اقامة نقاط لقوات مراقبة دولية على بعض المعابر التي تصل تركيا بسوريا، والاردن بسوريا، والعراق بسوريا، وهذه النقاط موجودة في مناطق تسيطر عليها المعارضة السورية، وعلى الرغم من المخاطر السورية جرى اقرار النقاط الدولية للمراقبة واقامتها. وكان النظام رافضاً لذلك، لان الحاجة هي لإذن من الدولة، انما قدمت ضمانات حول ان الهدف ادخال مساعدات الى مناطق المعارضة، ومراقبة دخول اسلحة وضبطها في حال جرى ذلك. ما يعني ان ليس ما يمنع من وجود قوة دولية مراقبة على الرغم من تنوع اطياف المعارضة لا سيما المتطرفين منها.

غير ان مصادر ديبلوماسية اخرى، تستبعد ان يكون هناك اجماع في مجلس الامن حول وجود قوات دولية مراقبة في منطقة قريبة من «داعش» والتنظيمات الارهابية المتطرفة. كما تستبعد ان يكون هناك قبول من دول العالم بأن ترسل قواتها في اطار قوة دولية الى مناطق خطرة كتلك القريبة من «داعش» خوفاً من تعرض جنودها للخطر. في الجولان السوري المحتل، لم يعد هناك اي قوة اوروبية في اطار القوة الدولية العاملة هناك. فقط القوة الهندية على الغالب هي التي بقيت، ثم ان قوات حفظ السلام، ليست قوات حفظ حدود، انما هم مراقبون يراقبون ماذا يحصل ومن المعتدي والمعتدى عليه وتفاصيل ذلك. وبالتالي، الطرح ليس عملياً، فضلاً عن انه يجب تعديل مهمة «اليونيفيل» الموجودة حتى الآن في القرار 1701، اي لتصبح قوة عسكرية على الحدود، الموضوع صعب التنفيذ وليس عملياً. حدود لبنان طويلة، من الشمال شرقاً حتى الجنوب، اي مئات الكيلومترات. والحل الطبيعي هو عبر تسليح الجيش اللبناني وتقوية دور افواج الحدود، وتطويع مزيد من العسكريين، وهناك صعوبة في ان ترسل الدول الى لبنان جنوداً ساعة يريد.

وتفيد هذه المصادر، ان كل الدول الغربية لا سيما الاوروبية تقوم بخفض موازنات الدفاع لديها، كما ان «اليونيفيل» بدأت اجراءات لخفض التكاليف وخفض استخدام القوة البشرية في اطارها. والولايات المتحدة لا تقبل بالتدخل في اماكن ملتهبة من جراء الارهاب في المنطقة، هذا ما ينطبق على الاوروبيين، لان هذه الاماكن فيها صراع كبير يجري تعريض الجنود للخطر، حيث التعرض يومياً للهجمات الارهابية من المجموعات المسلحة.

تفضل الدول، بحسب المصادر، ارسال جنودها الى مواقع جرى التفاهم السياسي حولها مثل الجنوب، حيث ظروف تواجدهم يعد مريحاً الى حد ما، نظراً لان الطرفين المتنازعين اي «حزب الله» واسرائيل، استطاعا ضبط الامور، وهناك قرار من الفريقين بعدم خوض حرب. وهنا «اليونيفيل» تبقى في مراكزها، تسهل التواصل بين الاطراف وتتمتع بدور المراقب والوسيط في آن معاً. وتبعاً لذلك، اي مهمة جديدة لـ «اليونيفيل» تحتم قراراً دولياً من مجلس الامن لتغيير المهمة وتوسيعها، والتمديد لمهمة «اليونيفيل» الذي يجري سنوياً قبل نهاية آب، يحصل بدقة تامة.