IMLebanon

ما هكذا تورد الإبل يا أشرف

أحدث طلب وزير العدل أشرف ريفي من المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود ملاحقة وتوقيف من أحرقوا راية «داعش» في الأشرفية، قبل أيام، صدمة في طرابلس وخارجها، لم يخفف منها طلبه الاستلحاقي من حمود أيضاً ملاحقة من أحرقوا صلباناً في إطار الرد على إحراق الراية، فيما استفاق أهالي الشمال أمس على شعارات حملت عبارة «الدولة الإسلامية قادمة»، كُتبت على جدران كنيستَي مارمخايل في القبة والسريان في الميناء.

مصادر سياسية متابعة أوضحت لـ«الأخبار» أن «مقاربة ريفي لموضوع إحراق الراية»، وتساءلت: «لماذا يتدخّل اليوم في هذه القضية، فيما لم يحرّك ساكناً في السجال الذي دار قبل أسبوعين بين كاهن رعية الشياح شربل مخلوف وخطيب مسجد طينال الشيخ عبد القادر عبدو، وما تضمنه سجالهما من عبارات تحريض طائفي وتحقير ديني؟». ورأت المصادر أن ريفي «ورّط نفسه والدولة بموقف نافر، إذ يبدو كأنه يتحدث فقط مع جمهور محدود لا يفهم إلا هذه اللغة. وهو لا يتصرف، للأسف، على أنه وزير عدل مسؤول في حكومة جامعة». ولفتت المصادر إلى أنه «بدلاً من أن يطلب ريفي ملاحقة من أحرقوا راية داعش وتوقيفهم، كان عليه، ملاحقة وتوقيف من يرفعون هذه الراية في طرابلس وغيرها من المناطق، لكون هذا التنظيم انتهك السيادة اللبنانية، وقتل مواطنين لبنانيين وأسر آخرين، من بينهم جنود في الجيش وعناصر في قوى الأمن الداخلي».

واللافت أن أوساطاً إسلامية رأت أن ريفي «تعاطى مع موضوع إحراق راية داعش من وجهة نظر سياسية بحتة، لا انطلاقاً من رأي الشرع الإسلامي، الذي ليس من اختصاصه». وأشارت هذه الأوساط، وهي متنوعة في الانتماء السياسي والديني، إلى أن «أغلب التيارات والحركات والأحزاب الإسلامية تضع على راياتها شعارات إسلامية، مثل الشهادتين أو آيات قرآنية، وأن التعرض لهذه الرايات، وهو مرفوض من حيث المبدأ والشكل، لا يعني مطلقاً التعرض للدين الإسلامي، وإن حاول كثيرون التذرع بذلك والتلطي وراءه». ورأت أن «رايات الجماعة الإسلامية وحركة التوحيد الإسلامي وحزب التحرير والقاعدة والنصرة وداعش وسواها، تتضمن شعارات إسلامية. فهل التعرض لإحدى هذه الرايات بسبب خلاف سياسي، يعني التعرض للدين ككل؟ ولماذا لم يتحرك ريفي عند إحراق راية حزب الله، التي تحمل اسم الجلالة وآية قرآنية؟».

كما كان لافتاً أن أحداً من القوى السياسية أو الدينية في طرابلس لم يجار ريفي في موقفه. فمفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار تطرق إليه من باب احتواء ما حصل، برغم أنه معني بالأمر أكثر من غيره، إذ أشار في بيان صادر عن مكتبه الى أنه «أجرى اتصالات بالمعنيين، وتبين أن هذا التصرف كان فردياً ولا يحمل أي خلفية سياسية». وأهاب «بالجميع أن يغلّبوا لغة العقل ومصلحة البلد على العواطف والنوازع النفسية، وأن يتركوا الأمور للمسؤولين المعنيين والمؤسسات الرسمية والقضائية التي تعمل على معالجة مثل هذه المشكلات، ضمن إطار القانون وحفظ الانتظام العام».

غير أن أخطر ما في الأمر الاستعدادات التي جرت أمس، قبل مسيرة جرت في جامع حربا في منطقة باب التبانة، تنديداً بحرق راية «داعش»، وإعلان المنظمين أنهم سيرفعونها في مسيرتهم، ما ينذر بأن الأمر قد يتطور لاحقاً الى رفع هذه الراية في شوارع طرابلس وعلى شرفات منازلها، من باب نصرة الدين. وعندها كيف سيجيب ريفي من سيسأله: «هل حقاً أصبحت طرابلس تشبه قندهار؟!».