اذا كانت السلطة الأمنية اللبنانية قد بدأت بتشديد الاجراءات المعتمدة خصوصاً مع العاملين الاجانب في المنظمات غير الحكومية، وفي منظمات الاغاثة الانسانية التي تنشط في لبنان كما اوردت مجلة «الايكونوميست»، فان هذا التشدد يأتي في مكانه الصحيح وان جاء متأخراً، ولعل اللافت في التقرير الذي ورد في المجلة المذكورة الانزعاج الغربي من التدابير التي باتت تخضع لها هذه المنظمات وفي طليعتها ان السلطات اللبنانية المختصة بدأت تطلب منها تقديم لوائح باسماء موظفيها وتحرص على حصول هؤلاء على اقامات واجازات عمل رسمية وتقوم بترحيل كل من لا يملكها، وكأن استباحة الاراضي اللبنانية من قبل المنظمات دون رقيب أو حسيب مطلب شرعي، خصوصاً وان هذه المنظمات او بالاحرى التنظيمات تعمل تحت عباءة الامم المتحدة وفق الاوساط المواكبة لهذا الملف، وتكمن خلف المهمات المعلنة لديها والمبطنة عشرات من علامات الاستفهام والاسئلة تتعلق بهويتها الحقيقية اولاً وبالاهداف المرسومة التي تسعى الى تحقيقها ثانياً تحت ستار ما يسمى بالعمل الانساني.
وتقول الاوساط ان اثارة «الايكونوميست» هذا الملف وفي التوقيت الراهن، هدفه الضغط على السلطة اللبنانية للتراجع عن تطبيقها القانون، كون اهداف هذه المنظمات لم تتحقق كما هو مطلوب منها حتى الآن، ولعل المضحك ـ المبكي تقديم المجلة نموذجاً عن ذلك من خلال ما تعرضت له موظفه تحمل الجنسية المكسيكية وتعمل في منظمة غير حكومية في بيروت، فبعد انتهاء تأشيرة الدخول السياحية التي تعطى للاجانب وفق المجلة نفسها من دون مقابل لدى دخولهم الى لبنان والتي مدتها شهران، وبعد فشل مدير المنظمة التي تعمل فيها من تأمين اجازة عمل واقامة لها، اضطرت هذه الموظفة للمغادرة الى قبرص في نيسان الماضي على امل العودة الى لبنان مجدداً فوجئت لدى وصولها الى دائرة الجمارك بأنه لا يحق لها العودة الى لبنان، واستناداً الى التقرير فان هذه الموظفة لم تستطع الحصول على اقامة واجازة عمل رغم تقديم مدير المنظمة التي تعمل لديها الاوراق المطلوبة بسبب بيروقراطية الاجهزة اللبنانية والمماطلة والتأخير.
وتشير الاوساط الى ان اثارة ملف العاملين في منظمات الاغاثة من قبل «الايكونوميست» ان دلّ على شيء فعلى ان الاجهزة اللبنانية المختصة تتجمع لديها معطيات ومعلومات تتعلق بالعمل الحقيقي لها، لا سيما وانها جزء لا يتجزأ من المجريات في المنطقة وان في طليعة اهدافها توطين النازحين السوريين في لبنان وتغيير التركيبة الديموغرافية للبلد برمته حيث ان معظم البلدات التي آوت النازحين تحول سكانها الى اقلية قياساً بحجم من لجأ اليها وعرسال على سبيل المثال احد النماذج وكذلك وادي خالد وبعض البلدات العكارية.
وتروي الاوساط نفسها ان محافظة عكار شهدت هجمة من المنظمات العاملة في حقول الاغاثة قبل عام من اندلاع الاقتتال في سوريا اي في 2010، حيث تكثفت زيارة هؤلاء لمراكز «الانعاش الاجتماعي» في حلبا والبيرة ووادي خالد طالبين من موظفيها المساعدة لاستئجار عشرات من المستودعات لتخزين فرش وحرامات وبعض المواد الغذائية، ولدى سؤال هؤلاء العاملين الاجانب عن السبب فكان الرد: انه اجراء لاحتمال ان تتعرض المنطقة لنكبات طبيعية كالزلزال والفيضانات، وقد سخر موظفو الانعاش الاجتماعي التابعين لوزارة الشؤون الاجتماعية من الامر متهمين زوارهم بالجنون الغربي، ولكن ما افرزته المجريات ان المنظمات المذكورة كانت جزءا من منظومة تدمير سوريا والمنطقة وكانت مهمتها بدء التحضير لاقامة مخيمات للنازحين السوريين والذين سخروا من المنظمات آنذاك سخروا من انفسهم اثر اندلاع «الفوضى البناءة» وبروز الدور المشبوه للمنظمات التي تعمل تحت ستار انساني.
ولعل اللافت وفق الاوساط ان الموظفين المستخدمين لديها من اللبنانيين من سائقين ومرافقين يمنع عليهم طرح اي سؤال او الكلام عن المهمات التي يقومون بها او وجهة سيرهم ومن يخالف هذه الشروط يطرد فوراً من العمل.