كشفَ تقرير إستخباري إسرائيلي مُسرَّب من وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة، أنَّ الولايات المُتّحدة وحلفاءها الغربيّين يستعدّون أكثر من أيّ وقت مضى لتقسيم المنطقة وفقَ مُخطّط «بلفور 2».
فبعدَ «وعد بلفور» أو مُخطّط «بلفور 1» الذي نصَّ على «ولادة كيان صهيوني» في المنطقة العربيّة، باتَ «بلفور 2» الأكثر ترجيحاً للتطبيق في المنطقة، وهو ينصُّ تحديداً على تقسيم البلاد العربيّة إلى كيانات صغيرة طائفيّة تكون خاضعة بالضرورة لـ»قوّة صهيونيّة – مُتطرِّفة» تؤمِّن مصالح الولايات المُتّحدة الأميركيّة في المنطقة.
وأوضح التقرير أنَّ «مُخطّط بلفور 2 مُستوحى إلى درجة كبيرة من مُخطّط المؤرِّخ البريطاني برنار لويس لتقسيم المنطقة، لكنّهُ يدخل في تفاصيل أكثر عُمقاً ويرسم حدود الدويلات الطائفيّة المُستضعفة بنحو أدقّ، حيث يعمل خبراء الحدود في وزارة الدفاع الأميركيّة على أدقّ التفاصيل قبلَ نشر تفاصيل بلفور 2».
وأكّد التقرير أنّ «تركيا القلقة من تقسيم العراق وإعلان استقلال دولة الأكراد، باتت تواجه الأمر الواقع، لأنّ دوائر القرار الأميركي أبلغتها بأنّ التقسيم في العراق حاصل لا محالة، لذلك فإنَّ أنقرة استقبلت قبلَ أيّام من أحداث العراق، رئيس مُحافظة نينوى أثيل النُجيفي الذي وضَعَ رئيس الإستخبارات التركية حقان فيدان في صورة ما تُعدّ له «داعش» في العراق».
وأشار التقرير إلى أنَّ «واشنطن مُستمرّة في دعم الدولة الإسلاميّة في العراق والشام (داعش) بنحو غير مُباشر، من خلال غَضّ الطرف عَن نشاطاتها وتنقُّلاتها في المناطق الصحراويّة المُمتدّة بين سوريا والعراق»، لافتاً إلى أنَّ «الإدراة الأميركيّة تُراقب كُلّ التحرُّكات في المنطقة من خلال الأقمار الصناعيّة، وهي علمت مُنذ البداية بتقدُّم «داعش» لكنّها لم تتدخّل، لأنّها تسعى إلى تعاظُم قوّة المارد الداعشي، حيث إنّها ترى أنّهُ سيُحقّق مخطّطاتها لتقسيم المنطقة».
«كسر عضم»
من جهة ثانية، لفتَ التقرير الإستخباري إلى أنَّ «واشنطن لا تخوض في العراق حرب تقسيم المنطقة فحسب، بل تخوض أيضاً معركةً لوقف النفوذ الصيني في الساحة العراقيّة». وأوضح أنَّ «واشنطن أنفقت مليارات الدولارات خلال حرب العراق، لأنّها كانت تحلم بالإفادة من نفطه إلى أقصى الحدود. إلّا أنّ الإدارة الأميركيّة ترى في الآونة الأخيرة تصاعُداً للوجود الصيني في الساحة العراقيّة، حيث إنَّ بغداد وقّعت خلال زيارة وزير الخارجيّة الصينيّة لها في شباط الماضي إتّفاقات عسكريّة لتسليح الحُكومة العراقيّة بمعدّات مُتطوِّرة. وهذا ما ترى فيه واشنطن تقوية لنفوذ محور المُمانعة في المنطقة، وهي بالتالي ترفُضه قطعاً وتُصرّ على ضرورة كسره». كذلك فإنَّ المالكي يتقرّب من بكين أكثر من أيّ وقت مضى، وفقَ التقرير، حيثُ شارك في أيّار الماضي في «مؤتمر التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا»، وأجرى مُحادثات مع القادة الصينيّين لزيادة التعاون معهم.
حرب إعلاميّة
من جهته، علّقَ المُحلّل السياسي العراقي عبّاس الموسوي على ما يُحكى في الإعلام الإسرائيلي عَن خطّة «بلفور 2»، وقال لـ»الجمهورية» إنَّ «خطط تقسيم المنطقة كثيرة جدّاً على الطاولة الأميركيّة وتُغذّيها الحرب الإعلاميّة الغربيّة المُستعرة على العراق، لكنّ كلّ هذه المخطّطات فَشلت حتّى الآن»، مُستذكِراً فشل خطّة تقسيميّة وضعتها وزيرة الخارجيّة السابقة كوندوليزا رايس. واعتبر أنَّ «التقسيم ليس سهلاً مثلما يظنّ البعض، فعلى رغم الإحتقان المذهبي، إلّا أنّ الشعب العراقي ليس مُهيَّأً نفسيّاً لفكرة التقسيم الذي سيُطيح وحدة العراق التاريخيّة، وهو سيدحض كلّ الحُروب الإعلاميّة وغير الإعلاميّة التي تُشَنّ ضدّه».