IMLebanon

ما هي أسباب تعطيل انتخابات الرئاسة؟ وقائع من الماضي السياسي حول “الرئيس القوي”

الأسباب التي حالت دون اجراء الانتخابات الرائاسية ضمن المهلة الدستورية لا تزال على حالها. ومن منع انتخاب رئيس للجمهورية قبل 25 ايار لم يفعل لكي يسمح بذلك في 26 منه! واذا كان صحيحا ان عدم الانتخاب كان نتيجة “عدم توافر الظروف المؤاتية” للفريق الذي قاطع ومنع اكتمال نصاب الجلسات المتتالية التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهذه “الظروف” تعني، وفق الفريق المقاطع، عدم تأمين انتخاب مرشحه “غير المعلن” رئيس تكتل التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون، فلماذا لم يسع هذا الفريق الى توفير تلك الظروف قبل انتهاء المهلة الدستورية؟

واذا كان صحيحا ان فريق 14 آذار قد تبنى ترشيح رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع لكي يحول دون اجراء الانتخابات، لكونه يدرك ان انتخابه غير ممكن كما تقول مصادر فريق 8 آذار، فان امتناع هذا الفريق عن تقديم مرشحه والاقتراع له في الجلسة الاولى للانتخاب التي اكتمل نصابها، جعله “مشاركا” في منع الانتخاب، كما تقول مصادر في فريق 14 آذار، مؤكدة ان فريق 8 آذار لا يريد الانتخاب إلا على طريقة “اما من اريده واما لا انتخابات”. وكل ذلك اذا كان صحيحا ان تعطيل الانتخابات كان لغايات محلية بحتة، “ولكن العكس هو الصحيح”، على ما يرى وزير ينتمي الى تكتل وسطي، اذ يلفت الى ان “الملف اللبناني لا يشكل بندا اساسيا في جدول اعمال القوى الاقليمية والدولية المؤثرة، وتحديدا اميركا وايران، والذي يمتد من العراق الى ايران الى سوريا الى البحرين الى اليمن”. المسألة طويلة على ما يبدو، ولا سيما اذا كان “الملف اللبناني” قد زجّ في جدول اعمال الخارج وربط مصيره بكل تلك الملفات!

واما “الرئيس القوي” فله مفهوم آخر عند مَن لا يوافقون على حصره بواحد من اربعة هم، الى عون وجعجع، الرئيس امين الجميل والنائب سليمان فرنجيه. ففي رأي هؤلاء ان “تجربة الرئيس القوي تاريخيا لم تكن مشجعة، ويضربون امثلة: الرؤساء كميل شمعون وسليمان فرنجيه وامين الجميل كان يعدون من الاقوياء بالمفهوم السياسي اللبناني، ومع ذلك بدوا ضعفاء اذ انتهت عهودهم باضطرابات وثورات”. ويرى هؤلاء ان “القوي هو مَن لا يخاف شعبه او قسما منه، وهو مَن يستطيع ان يحاور الجميع”. ويضربون امثلة ايضا: “الوزيران السابقان دميانوس قطار وزياد بارود على سبيل المثال لا الحصر، اثبتا حضورا قويا في فترة قياسية، وانضما الى المرشحين الجديين. جان عبيد بمواصفاته المعروفة وصداقاته الواسعة محليا وخارجيا، يمكن ان يكون رئيسا قويا، ولا يزايدن عليه احد، فهو رفض الرئاسة عام 1988 برفضه دخول الجيش السوري لاجبار العماد عون على اخلاء القصر الجمهوري الذي اقام فيه دون مسوغ قانوني او دستوري، ورفض تسليمه لرئيسين منتخبين، وقد ابلغ عبيد رفضه للرئيس السوري الراحل حافظ الاسد مقترحا ان يعالج الجيش اللبناني الامر، فعوقب بحرمانه الرئاسة قبل ا نتخاب الياس الهراوي وبعد اغتيال الرئيس رينيه معوض”.

وفي رأي سياسي مخضرم “اننا احوج ما نكون الى رجال دولة”. ويروي ان “حميد فرنجيه نام رئيسا عام 1952 بعد اجتماع ضم الاكثرية في منزل يوسف سالم، وفي اليوم الثالث انقلبت الأجواء لمصلحة كميل شمعون، إذ قرر نواب طرابلس التصويت لـ”فتى العروبة الاغر”، فما كان من فرنجية الا ان علق بالقول لشمعون قبل الانتخاب: “مبروك فخامة الرئيس”، وذلك على الرغم من الخصومة السياسية بينهما، وكل ذلك منعا لشغور سدة الرئاسة وتجنبا للفراغ”.

ويروي السياسي نفسه انه عام 1970، وبعدما قرر كمال جنبلاط السير بسليمان فرنجيه رئيسا (يقال بتمنّ من السوفيات) بعد فترة الحكم الشهابية (فؤاد شهاب وشارل حلو)، كان المرشح المحتمل واحدا من اركان الحلف الثلاثي: شمعون، ريمون اده، بيار الجميل. وخلال اجتماع في منزل الرئيس صائب سلام كان بين من حضره فرنجيه وكامل الاسعد وجوزف سكاف ونسيم مجدلاني، اجريت عملية “بوانتاج” وجاءت لمصلحة فرنجيه. يومها اتصل سكاف بخطار حدثي طالبا منه مرافقته لزيارة شمعون في السعديات لاعلانه بالنتائج، وكانت 50 لفرنجيه، و42 لاده و46 حدا اقصى لشمعون الذي قال لسكاف وحدثي بعدما اطلع على “البوانتاج”: “معكما حق” وانسحب لمصلحة فرنجيه. وبعد اجتماع آخر في منزل كاظم الخليل في عاليه تم ايفاد حبيب كيروز والياس الهراوي ليبلغا اده نتائج البوانتاج فلم يتردد بتأييد فرنجيه الذي فاز بالرئاسة”.

ويتذكر السياسي المخضرم ما اعلن بعد اتفاق الموفد الاميركي ريتشارد مورفي والرئيس السوري حافظ الاسد والذي انتهى الى عنوان شهير “اما الضاهر واما الفوضى” في اشارة الى انتخاب مخايل الضاهر الذي نام رئيسا ايضا، تم تعطيل الانتخابات، وفي رأيه “ان المسيحيين يا للأسف اختاروا الفوضى” في غمز واضح من قناة العماد عون الذي كلف ترؤس حكومة انتقالية استقال نصف اعضائها فور تشكيلها في اليوم التالي. وخلال عشاء في منزل النائب الياس الهراوي حضره النائب رينيه معوض والسفير الاميركي جون كيلي وخطار حدثي (ابن اخت الهراوي وعديله والناشط سياسيا) يومها قال معوض الشهابي والخصم السياسي لشمعون مخاطباً مورفي: “ما احوجنا اليوم الى الكبار، لو كان شمعون حيا لانتخب مخايل الضاهر وتجنب الفراغ والفوضى”!