IMLebanon

ما هي مهمة المبعوثين الغربيين إلى ليبيا؟

هل بالإمكان معرفة خطة أي مبعوث خاص للدول الغربية إلى ليبيا؟ غريب هذا القرار. لكل دولة من هؤلاء سفارة وديبلوماسيون يعملون في ليبيا. ولكن قررت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي وحتى تركيا تعيين مبعوث خاص لها في ليبيا. فما هي مهمة كل منهم؟ وما هي خطتهم لهذا البلد وهو على شفير الهاوية؟ فقد حرره الغرب والشعب الليبي من الطاغية معمر القذافي ولكن تركوه يتمزق بالأسلحة التي انتشرت أينما كان في البلد. فحرام هذه الدولة الغنية كأنها مثل العراق محكومة بهدر ثروتها النفطية. كانت ليبيا تنتج مليوناً و٦٠٠ ألف برميل من النفط في اليوم وأصبحت الآن تنتج حوالى ١٥٠ ألف برميل في اليوم حسب الشركات النفطية. وتصدر ليبيا حوالى ٦٠ إلى ٧٠ ألف برميل في اليوم من منصات الإنتاج البحرية حيث تأتي الحاملات النفطية لتحمل هذه الكميات القليلة التي بالإمكان تصديرها إلى الخارج.

ها هي الثورة الليبية التي تخلصت من القذافي تتحول إلى حرب أهلية: من جهة هناك الإسلاميون المتطرفون أنصار الشريعة وعدد من أهل مصراتة و «الإخوان المسلمون» وبعض الجهاديين، ومن جهة أخرى اللواء حفتر وحلفاؤه. إن تعيين المبعوثين الدوليين يبدو كأنه براءة ذمة لدول تدخلت بقوة لمساعدة الشعب الليبي على التخلص من القذافي ثم انسحبت وتركت شعباً خدره القذافي سياسياً واجتماعياً، فالغرب يريد أن يظهر عبر هؤلاء المبعوثين (وهم دبلوماسيون مرموقون) أنه مهتم بعودة الاستقرار إلى ليبيا. ولكن ما هي خريطة طريق هؤلاء؟ وهل يعرفون البلد أكثر من سفرائهم؟ هذا مستبعد. ولكن هناك واقع آخر غير مشجع للوضع الليبي، أن الطرف العربي المعني بليبيا منقسم لسوء الحظ بين من يؤيد حفتر ومن يؤيد الإسلاميين وأنصار الشريعة. فهذا أيضاً يعقد الأمور الداخلية المتدهورة، فعلى الصعيد السياسي هناك رئيسان للحكومة، أحمد معيتيق والمستقيل عبد الله الثني الذي اعتبر معيتيق غير شرعي ومن المفروض أن تجري الانتخابات التشريعية في ٢٥ حزيران (يونيو)، ولكن كيف سيكون ذلك والحرب دائرة في بنغازي والأوضاع متدهورة.

إن مبعوث أمين عام الأمم المتحدة إلى ليبيا الوزير اللبناني السابق طارق متري من أجدر الديبلوماسيين العرب وهو شخصية تتمتع باحترام كبير دولي وعربي ولبناني حاول بذل كل الجهود من أجل جمع الأطراف المتنازعة وإيجاد حلول. ولكن الأمور داخل ليبيا تعاني من فلتان أمني ومسلح في غياب قوة سياسية تفرض نفسها بقوة لبناء دولة دمر معالمها القذافي وعوّدها على الفوضى ولكنه سيطر عليها بالقوة والقمع والإرهاب، فثروة البلد تهدر الآن ومن الصعب عودة الإنتاج النفطي إلى مستوى ١.٥ مليون برميل في اليوم كما كان بعد الثروة حسب المصادر النفطية، لأن الحقول النفطية والأنابيب والمرافئ تم تعطيلها وتخريب البعض منها، فتركت ليبيا تتخبط في انقساماتها وميليشياتها المسلحة والثورة الليبية تتحول إلى حرب أهلية يوماً بعد يوم. وساحة ليبيا فتحت منذ زمن لتنظيم «القاعدة» والإرهابيين الذين يقال عنهم جهاديين ولكن لا علاقة لهم بالدين والإسلام، فهم جماعات السرقة والاغتيالات.

هناك لليبيا ثروة من أموال مجمدة من استثمارات خارجية سابقة ولا يمكن الإفراج عنها، لأن ليست هناك جهة سياسية معينة بإمكانها أن تتصرف بها، فالأوضاع الليبية لا تسمح لليبيين بالاستفادة لا من مواردهم النفطية الحالية ولا من ثروة لهم مجمدة في الخارج. إن الشعب الليبي الآن رهينة المجموعات المسلحة بعد أن كان رهينة صاحب «الكتاب الأخضر» الذي دمر معالم الدولة وفشلت الثورة في إعادة بنائها.