IMLebanon

مبادرة الرئيس الجميل جيدة ولكن…

مباشرة الرئيس امين الجميل تحركا في اتجاه ثلاثة من الاقطاب الموارنة الاربعة الذين جرى تصنيفهم “فئة أولى” في بكركي، أمر جيد. ومبادرته المؤلفة من خمس نقاط تصب من حيث الهدف المعلن في اتجاه فتح أفق جديد في الاستحقاق الرئاسي المغلق بسبب إحجام أحد الاقطاب عن الترشح ومنعه مع الفريق المتحالف معه، مجلس النواب من الانعقاد لإتمام الانتخاب. لكن ما ينقص مبادرة الرئيس امين الجميل الجيدة هو ملاقاة اثنين من زملائه “الاقطاب” المبادرة والاقلاع عن دفع الاستحقاق الرئاسي نحو حائط مسدود. هذه مسؤولية تاريخية تقع على عاتق من يقولون انهم “اقطاب” طائفة ما فتئت تتراجع عاما بعد عام في التركيبة اللبنانية بسبب تعرضها لضغوط الآخرين، وبسبب سوء تدبير “اقطابها” السياسي في احدى أشد المراحل دقة، حيث يشهد لبنان لأسباب شتى إعادة صياغة للتركيبة اللبنانية. وأداء “الاقطاب الموارنة” هذا يفترض بالكنيسة ان تكون على مستوى المرحلة، وان تدرك ان الآخرين ليسوا في وارد الدفاع عن موقع المسيحيين، خصوصا الموارنة.
بناء على ما تقدّم، لا يمكن فهم سلوك “المرشح الشبح” سوى أنه شخصاني لا يصب في اتجاه تقوية واقع طائفته في التركيبة اللبنانية. صحيح ان منصب الرئاسة الاولى وطني، وأنه يخص جميع اللبنانيين أسوة بالمسيحيين، ولكنه يبقى آخر موقع مسيحي في هذا الشرق يحمل رمزية البقاء والتمسك بأرض تتحول يوماً بعد يوم الى أرض صراع دموي انحطاطي بين المسلمين، ونتائجه على بقية مكونات هذا الشرق الدينية والطائفية والإثنية المتنوعة دراماتيكية، ويؤسس الأمر لحقائق لا عودة عنها.
نحن لا ندعو المسيحيين الى التقوقع، لكننا ندعوهم الى تغليب العقلنة أولا في شؤونهم، وثانيا في الشأن العام. وندعوهم الى ان يعوا انهم يمرون في مرحلة تراجع على كل الصعد.
نقول هذا بناء على حقيقة بسيطة يعرفها الجميع: ففي ما يتعلق بالرئاسة الثانية التي هي من نصيب الشيعة، فإن “الاجماع” الشيعي الراهن يفرض رئيساً لمجلس النواب حتى لو عارضته أكثرية نيابية. أما الرئاسة الثالثة، فبعد تجربة “تعيين” الشيعة لرئيس مجلس الوزراء السني وفرضه بالقوة لثلاثة أعوام، انهارت البلاد، وفشل هذا الاخير في ترسيخ شرعية سنية متمكنة، وعادت الامور الى معادلة “شرعية دم رفيق الحريري” حتى إشعار آخر . فلا شرعية سنية راهنة خارج “شرعية دم رفيق الحريري”. أما الباقون فهامشيون. في الطرف المسيحي الأمور أقل وضوحاً بسبب تشتت في القوة التمثيلية، وبالتالي وجب على “الاقطاب” ان يبتدعوا وسيلة للتفاهم على شخص رئيس يقدمونه ممثلا لهم في التركيبة ويفرضونه على الآخرين، قد يكون أحدهم او أي شخصية مستقلة يتفقون على تسميتها، ما دامت التركيبة على ما هي راهنا. فليتحركوا.