IMLebanon

مبادرة 14 آذار موجهة الى بري ونصرالله وجنبلاط

لم تحمل بداية الاسبوع معها مؤشرات توحي بانفراجات على اي من مستويات الازمات المتراكمة سياسيا وامنيا واجتماعيا، اذ بقيت الامور تراوح مكانها عند المربع الاول، حتى ان جلسة الانتخاب الرئاسي الحادية عشرة تقول مصادر سياسية متابعة لم تشكل موضع اهتمام بعدما اعتاد الجميع المشهد، رغم رسمها اطارا جديدا لمسار الاستحقاق، ليس في مضمونها الذي لم يخرج عن المألوف، انما في ما اعقبها من محطات ومواقف ابرزها اطلاق قوى 14 اذار مبادرة، فيما باتت المنطقة بأكملها منهمكة في البحث عن سبل مواجهة الاكتساح «الداعشي» لبلدانها ومناطقها الحساسة التي لا يبدو لبنان في منأى عنها.

فالمشاورات الجارية في الداخل والخارج تدل الى ان الفرج الرئاسي ما زال بعيدا، رغم ان مبادرة الرابع عشر من آذار جاءت على خلفية «جوجلة» النتائج التي وصلت اليها الاتصالات الخارجية لهذا الفريق والتي افضت الى ان قرارا دوليا واضحا اتخذ بدعم وصول رئيس توافقي الى بعبدا يحظى بثقة جميع الاطراف السياسية.

مصادر في قوى الرابع عشر من آذار ادرجت المبادرة في اطار استكمال خريطة الطريق التي كان رسمها الرئيس سعد الحريري ، مؤكدة انها موجهة للثلاثي بري – جنبلاط – نصر الله، اكثر مما هي موجهة للعماد عون، على اعتبار ان الثلاثي يطرح نفسه كباحث عن حلول ومخارج وبدائل للازمة الرئاسية، مشيرة الى ان الهدف الاساس، تحقق حيث بات واضحا ان فريق 8 اذار يعرقل الانتخابات الرئاسية بأمر عمليات اقليمي، تارة بذريعة ترشح العماد عون وطورا بعدم حصول توافق سياسي، حاصرا الخيارات بين القبول بمرشحهم الفعلي والا مواجهة الرابية وحل العقد معها، مشيرة الى ان قياداتها بانتظار تبلغ الرد الرسمي العلني من الحزب واعتبرت المصادر ان المبادرة حددت مواصفات الرئيس ايا كان الاسم، اذ عليه ان يكون جامعا، حكيما، عادلا، مؤمنا بصيغة الطائف ويحترم الدستور، يتمتع بالرؤية السياسية الثاقبة والصفات القيادية والقدرات الحوارية وجذب جميع اللبنانيين الى نقاط الالتقاء في ما بينهم.

قوى الرابع عشر من اذار التي بدأت تحضيرات لتسويق مبادرتها، في الشكل، عبر لجنة نيابية ستجول على المسؤولين لشرحها، اكدت مصادرها عن وجود خطين مفتوحين الاول عبر مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري مع حزب الله عبر مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا، تحضيرا لعقد لقاء رفيع بين مسؤولين من الطرفين، فيما يتولى العمل على خط عين التينة الرئيس فؤاد السنيورة، بينما ترك امر الاتصالات بالعماد عون لرئيس «جبهة النضال الوطني» بحسب ما اتفق عليه في الكواليس خلال اللقاء الذي عقد بين الحريري وجنبلاط. في الموازاة اشارت المصادر الى تحرك تعتزم القيام به باتجاه بكركي لحض البطريرك الماروني على القيام بتحركات قد تبدأ بسلسلة لقاءات دبلوماسية تعقد في الخارج وتمر عبر حراك للمطارنة والرهبانيات والرعايا بايعاز من بكركي، وصولا الى توجيه تحركات في الشارع تحت سقف القانون ومن باب الضغط المعنوي.

في تحليلها للمبادرة تبدي مصادر وزارية في الثامن من آذار تشاؤما، معتبرة انها لم تقدم في المضمون جديدا، الا انها خطوة يمكن البناء عليها، «فاهميتها تبقى في طرحها الجماعي من قبل الفريق ككل»، رغم انها هدفت الى احراج 8 آذار للتخلي عن الجنرال من جهة، ضاربة مسعى جنبلاط – بري من جهة ثانية، قارئة في دلالاتها ان لا ضغوط اقليمية او دولية جدية قد مورست حتى الساعة على فريق 14 آذار لحمله على تغيير موقفه، حيث ربط ترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية بالحصول على ثمن، كما انها جاءت لتكرس فشل المفاوضات التي كانت قائمة بين الوطني الحر والمستقبل ، فضلا عن انها بينت بوضوح عدم تآثر الساحة الداخلية بالمعطيات الاقليمية.

اوساط قريبة من 14 آذار رأت ان الاسباب الموجبة للمبادرة، انطلقت من الحاجة لكسر المأزق الرئاسي، بعدما بلغت الدينامية السياسية التي أطلقتها، من خلال ترشيح جعجع واعلان برنامجه الرئاسي ومواظبة نوابها على حضور جلسات البرلمان، طريقاً مسدوداً بفعل قدرة تحالف حزب الله والتيار الوطني الحر على تعطيل انتخاب الرئيس، ملاحظة ان صياغة المبادرة خصوصا الفقرة التي تتمسك بترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية ،اتسمت بالحنكة والدهاء السياسي، بحيث تجنب هذا الفريق الخلاف بين بعض اطرافه ممن كانوا يترقبون سحب جعجع لمطالبة الحلفاء بتبني ترشيحهم بناء على اتفاق مسبق ، دون ان تطرح في المقابل اي اسم توافقي ، كاشفة في هذا الاطار ان التفاهم على بنود المبادرة الذي حصل في اجتماع ضمّ السنيورة جعجع ونادر الحريري، جوبه باشتراط من الرئيس امين الجميل الذي رأى انه لابد من تبني ترشيحه للرئاسة في حال أخفقت المبادرة في التوصل الى مرشح تسوية مع الطرف الاخر، قبل ان يعود ويتراجع عن رفضه خصوصاً ان من شأن طرحه إضعاف الورقة التفاوضية مع «8 آذار» اضافة الى ان ترشيحه لن يضيف اي معطيات على تلك التي كونها ترشح جعجع.

في الظاهر لن يختلف مصير المبادرة الجديدة عن سابقاتها، اذ انها لعب في الوقت الضائع وتقطيع له، فالمكتوب يقرأ من عنوانه، والعنوان الرابية، التي رفضتها حتى قبل ان تولد، في انتظار تغيير حقيقي في واقع التوازنات القائمة او في تسوية دولية – اقليمية تفرض فرضا على الجميع، رغم ان اللاعبين مقتنعون بخطورة استمرار الوضع على ما هو عليه اليوم خاصة على الصعيد الامني.

فهل تحرك المياه الراكدة في مسار الاستحقاق الذي طال انتظاره؟ ام انها ستبقى صرخة في وادي تعنت قوى الثامن من اذار التي ترفع شعار انها مع مرشحها غير المعلن او لا احد.