قهوجي إلى السعودية.. ولا تعيينات للمجلس العسكري
مبارزة رئاسية بين “الجنرالين” من الرابية إلى اليرزة!
تحل اليوم الذكرى الحادية والثلاثون لاتفاق “17 أيار” المشؤوم، الذي كاد ينتزع لبنان من موقعه العربي ويحوّله قاعدة إسرائيلية، لولا سواعد أولئك “المغامرين” الذين أطلقوا شرارة المقاومة من بيروت وجعلوها نموذجا بتحريرهم عاصمة العرب بلا قيد أو شرط، وتوّجوا مسارها بالانتصار الوطني والعربي الكبير في 25 ايار 2000.
هذا الانتصار سيسلط الضوء عليه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، في احتفال عيد المقاومة والتحرير الرابع عشر، الخامسة والنصف من عصر الأحد في 25 أيار في بنت جبيل، وذلك بعنوان “وطن هويته مقاومة”.
وفيما يعقد مجلس الدفاع الأعلى جلسة له يوم غد لدراسة بعض القضايا الأمنية المستجدة، ومتابعة الخطوات المنجزة في معظم المناطق، دخلت الهبة السعودية بقيمة ثلاثة مليارات دولار أميركي لتسليح الجيش اللبنانية مرحلة العد التنازلي لبدء تسييلها، حيث تلقى قائد الجيش العماد جان قهوجي دعوة رسمية لزيارة الرياض لتوقيع بروتوكول الهبة، ورجحت مصادر واسعة الاطلاع أن يلبّي قهوجي هذه الزيارة على رأس وفد عسكري كبير قبل نهاية الشهر الحالي.
وليس بعيدا عن مجريات الاستحقاق الرئاسي، تدور مبارزة حادة على حلبة المجلس العسكري بين الرابية واليرزة، أدت الى تأجيل بند تعيين ثلاثة أعضاء في المجلس العسكري والى نقل جلسة مجلس الوزراء، أمس، من بعبدا الى السرايا الكبيرة.
وعُلم أن وزير الدفاع سمير مقبل تلقى نصائح من الرئيس سعد الحريري وقيادة “حزب الله” بتفادي تفجير لغم المجلس العسكري في ضوء “الفيتو” الذي وضعه العماد ميشال عون على التعيينات، وهو الموقف الذي أبلغه الوزير جبران باسيل الى الرئيس ميشال سليمان، معتبرا أن الأولى تعيين قائد جديد للجيش بدل قائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي الذي مُدّد له بصورة غير شرعية وغير قانونية، وفق رسالة عون الى سليمان، آخذاً بالتالي على قائد الجيش الحالي أنه يحاول أن يلزم خلفه المقبل بتركيبة مجلس عسكري، وهذا مخالف للأصول والتقاليد العسكرية.
وبالفعل، سحب بند تعيين أعضاء المجلس العسكري الثلاثة من جدول أعمال مجلس الوزراء، علما ان الأسماء المطروحة للتعيين هي: العميد الركن عبد الكريم يونس (شيعي) مديراً عاماً للإدارة، وهو يشغل حاليا منصب النائب الاول لمدير المخابرات، والعميد الركن غسان سالم (ارثوذوكس) مفتشاً عاماً، وهو يشغل حالياً منصب مدير الغرفة العسكرية (يُحال على التقاعد في منتصف الشهر المقبل)، والعميد الركن سليم الحداد (كاثوليكي) عضواً متفرغاً.
ويأتي هذا الرفض استكمالا للمعركة التي يخوضها عون ضد التمديد مجدداً لقهوجي، معتبراً أن هذا التمديد غير قانوني، وألحق ذلك برسالة وجهها الى رئيس الجمهورية قبل فترة وطلب فيها استبدال قائد الجيش قبل انتهاء الولاية الرئاسية، وتردد أنه رشح العميد شامل روكز لهذا المركز.
يذكر أن المجلس العسكري يقتصر حاليا على ثلاثة أعضاء هم قائد الجيش العماد قهوجي، رئيس الاركان اللواء وليد سلمان (درزي مُدّد له بقرار من وزير الدفاع) واللواء محمد خير (سني).
ويواجه المجلس شغورا في مراكز سائر الأعضاء منذ 2 ايار 2013 بعد إحالة المفتش العام اللواء ميشال منيّر والعضو المتفرّغ نقولا مزهر على التقاعد، ولحق بهما، في 24 من الشهر نفسه، مدير الادارة اللواء عبد الرحمن شحيتلي، فيما تم تأجيل التسريح سنتين لقائد الجيش الذي كان سيتقاعد في ايلول الماضي وكذلك لرئيس الاركان الذي كان سيتقاعد قبله بشهر.
وقد خضع مصير المجلس للبحث الجدي قبيل استقالة حكومة نجيب ميقاتي بوقت قصير، ما أفضى في جلستها الأخيرة قبل إعلان ميقاتي استقالته الى تعيين اللواء محمد خير أميناً عاماً للمجلس الاعلى للدفاع وعضواً في المجلس العسكري.
ويعني تجميد ملف المجلس العسكري، إقحامه في خضم الملف الرئاسي، علما أن عدم التعيين لا يشكل مشكلة لقائد الجيش بالنظر الى التفويض الذي ينيط به وحده صلاحيات المجلس باتخاذ القرارات.
عسيري و”حزب الله” في بكركي
سياسياً، تدخل ولاية الرئيس ميشال سليمان أسبوعها الأخير، من دون أن تظهر في الأفق السياسي بشائر تسويات تنقذ الاستحقاق الرئاسي وتجنب البلاد كأس الفراغ الحتمي، لا بل ان الأمور “ما زالت مقفلة نهائيا” على حد تعبير النائب وليد جنبلاط الذي سيكون اليوم الى جانب رئيس الجمهورية والبطريرك الماروني بشارة الراعي خلال رعايتهما مصالحة قرية بريح الشوفية، التي يعول الزعيم الدرزي عليها “لإقفال آخر جرح من جروح حرب الجبل” على حد تعبيره، على أن تتوّج باستقبال يقيمه جنبلاط على شرف سليمان والراعي في المختارة.
وفيما وجه رئيس الجمهورية، أمس، رسالة الى المجلس النيابي داعياً لاستكمال الاستحقاق الدستوري تفادياً للمحاذير والمخاطر التي قد تنشأ جراء عدم انتخاب رئيس قبل 25 أيار، لبى السفير السعودي علي عواض عسيري دعوة البطريرك الراعي الى بكركي وأعلن وقوف السعودية مع أي توافق لبناني لبناني بامتياز ومباركتها أي توافق سياسي لانتخاب رئيس الجمهورية، وكان لافتا للانتباه قوله ان “هذا الاستحقاق يقع على عاتق المسيحيين في الدرجة الاولى، وان التوافق المسيحي ـ المسيحي اللبناني ـ اللبناني، بالشراكة مع كل القوى السياسية عليه أن ينتج شيئا”.
وعلمت “السفير” أن عسيري كان متفقاً مع الراعي على وجوب تفادي الفراغ، ونفى أن تكون السعودية قد باركت أي ترشيح، وقال ان المهم أن يتوصل اللبنانيون الى مرشح توافقي لا يكون محسوباً على هذه الجهة السياسية أو تلك، وهي النقطة التي وافق عليها الراعي الذي قال انه لا يتصور أننا سنصل الى 25 أيار ولا يكون هناك رئيس جديد للبنان، وأبدى استياءه الشديد من المنحى التعطيلي لمجلس النواب.
وكان لافتا للانتباه أن وصول عسيري الى بكركي، جاء بعد وقت قصير من مغادرة وفد “حزب الله” برئاسة رئيس مجلسه السياسي السيد ابراهيم أمين السيد للصرح البطريركي.
وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ”السفير” إن وفد “حزب الله” حاول ثني الراعي عن القيام بزيارة القدس المحتلة مقدماً كل ما يعتقد أنها أسباب وطنية موجبة لتأكيد وجهة نظره، من دون أي تشكيك بخلفيات الراعي ونياته، “بل لمس الوفد تشكيكا بطريركيا بنيات الاسرائيليين لجهة محاولتهم توظيف الزيارة والاستفادة منها”.
وبحسب المصادر نفسها، خاطب وفد الحزب الراعي بالقول: “غبطتك زرت كل لبنان، واستطعت بناء جسور التلاقي مع كل اللبنانيين، وبالتالي هذه الزيارة يمكن أن يستفيد منها العدو، وفي الوقت ذاته يمكن أن تخلق التباسات لدى اللبنانيين، وخصوصا أولئك الذين لديهم رأي آخر ولا يحبذون الزيارة”.
في المقابل، أبلغ الراعي وفد “حزب الله” أن الزيارة دينية، “وأنا لا أزور القدس للتطبيع، بل ذاهب للقاء رعيتي المسحوقة وللقول إن القدس لنا وليست لهم، وان اسرائيل هي عدو لبنان ومصدر الشرور كلها، أنا ذاهب لكي أشجع المسيحيين على الثبات في أرضهم”.
وأكد الوفد ان “حزب الله” يؤيد انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن وضمن المهلة الدستورية، إلا أنه أشار في الوقت ذاته الى أن بعض المكونات السياسية ليست جاهزة بعد لإجراء الانتخابات(ص3).
يذكر أن عجلة التفاهمات السياسية التي تحكم مسار حكومة تمام سلام، أنتجت، أمس، دفعة جديدة من التعيينات الإدارية، ولو أن مجلس الوزراء شهد نقاشا سياسيا تقنيا حول تخفيض تعرفة التخابر على الهاتف الثابت والانترنت، وكذلك على الهاتف الخلوي، لأكثر من ثلاث ساعات ونصف ساعة، قبل أن يحسم بالتصويت، حيث أقرت التعرفة الجديدة بأكثرية 12 صوتا مقابل 11 صوتا ضدها. وأبلغ رئيس الحكومة مجلس الوزراء أنه سيزور السعودية الاثنين والثلاثاء المقبلين(ص2).