إذا كانت “تغريدة” على موقع “تويتر” باسم وهمي هددت المسيحيين وكنائسهم في البقاع شغلت البلاد امس وأشاعت أجواء القلق تحسبا لجدية التهديد، فإن ذلك لم يكن سوى انعكاس للمخاوف المتصاعدة على الوضع الامني على رغم التأهب الواسع للقوى الامنية والعسكرية لمواجهة أي استهدافات ارهابية جديدة.
والوجه الجديد لمحاولات ترهيب اللبنانيين والذي أثار امكان توظيف جهات خارجية او داخلية لأجواء القلق الامني السائدة في البلاد تمثل في “حرب الكترونية” بدأت أجهزة أمنية لبنانية بترصدها وتعقب من يقف وراءها، سواء أكان جهة منظمة حقيقية أم وهمية أم افراداً. وبرز هذا الوجه الجديد مع استعمال اسم “لواء أحرار السنة – بعلبك” الذي بات يتردد الكترونيا واعلاميا منذ فترة غير قصيرة متلازما مع عمليات تفجير او استهدافات ارهابية وهذه المرة في تهديد المسيحيين من خلال تغريدات على موقع “تويتر” للتواصل الاجتماعي معلنا انه “أوكل مجموعة خاصة من المجاهدين الاحرار لتطهير امارة البقاع الاسلامية في شكل خاص ولبنان في شكل عام من كنائس الشرك” ومتوعدا باستهداف “الصليبيين”.
وأفادت معلومات ان مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية في صدد التحرك لكشف هوية محركي هذه الحسابات الالكترونية ومشغليها ومن يقف وراءهم . وقال مصدر أمني بارز لـ”النهار” إنه بدا من خلال متابعة هذا الموضوع ان التهديد لا يوحي بأي جدية او صدقية مع استبعاد وجود مجموعة منظمة وراءه. وأضاف: “نحن متأكدون من انها منظمة وهمية، ولكن لا يمكننا ان نهمل أي بيانات او تهديدات من هذا النوع، وسنقوم تاليا بالاجراءات الاحترازية حول الاهداف التي وردت في البيان لاننا لا نهمل أي أمر حتى لو كنا متيقنين من عدم جديته نظرا الى حساسية الاوضاع التي نمر فيها”.
150 مرسوما!
في غضون ذلك، شكلت جلسة مجلس الوزراء امس الخطوة الاولى العملية في ترجمة التفاهم الحكومي على منهجية توقيع المراسيم والقرارات الصادرة عن المجلس بوكالته عن رئيس الجمهورية مع تعديل أساسي في التفاهم تمثل في انخراط جميع الوزراء في التوقيع بدل لجنة تواقيع الى جانب رئيس مجلس الوزراء تمام سلام والوزراء المختصين. وفي الجلسة التي استمرت خمس ساعات أصدر المجلس بصفته مكلفا صلاحيات رئاسة الجمهورية وكالة نحو 150 مرسوما متراكما كما أقر اكثر من نصف جدول أعماله البالغ 119 بندا . وأجمل وزير الاعلام رمزي جريج خلاصة الجلسة بقوله: “كان الجو جيدا وقد عدنا الى عمل طبيعي في الجلسات ويبقى همنا الاول ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت”. لكن المجلس لم يقر ملفي التفرغ في الجامعة اللبنانية وتعيين العمداء فيها الذي أرجئ الى الاسبوع المقبل في ظل اعتراضات وزراء حزب الكتائب على عدم اطلاعهم على الملفين ومطالبتهم وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب بتقديم تقرير مفصل عن الملفين في الجلسة المقبلة.
الملف الجامعي
وخلال طرح موضوع الجامعة اللبنانية استمع مجلس الوزراء الى مداخلة من الوزير بوصعب تطرّق فيها الى تصريح احد الوزراء وفيه تضخيم لعدد الاساتذة المطلوب تفريغهم. فرد عليه الوزير سجعان قزي بأن زميله يقصده باعتباره هو من أدلى بهذا التصريح، وطالب بوصعب بأن يقول ما هو عدد الاساتذة المطلوب تفريغهم. فأجاب الاخير بأن العدد هو 1100 أستاذ. وكشف قزي ان مرجعية روحية اتصلت به عشية الجلسة طالبة منه ان يسهّل اقرار خطوة التفريغ لأن 49 في المئة من الاساتذة المطلوب تفريغهم مسيحيون، فأبلغه قزي ان المهم ليس التوازن الطائفي بل المستوى الاكاديمي. وطالب قزي وزير التربية بعرض ما لديه على الوزراء وليس على المرجعيات. وقد انضم الى قزي في مطلبه الوزراء بطرس حرب وميشال فرعون ووائل ابو فاعور وحسين الحاج حسن وعلي حسن خليل ومحمد المشنوق.
وأفادت أوساط وزارية ان التهديدات الامنية التي تصاعدت امس قد أخذت في الاعتبار. وقد أكد وزير الداخلية في هذا المجال ان الاجهزة الامنية تسيطر بنسبة كبيرة على الوضع في مواجهة التهديدات الارهابية.
كليات
وعلمت “النهار” ان جهات نيابية معنية راجعت وزير التربية في شأن مبررات إنشاء ست كليات صيدلة جديدة في لبنان والسماح للذين زوّروا كولوكيوم الصيدلة بالتقدم الى الامتحانات مجددا. فكان جواب الوزير بوصعب ان موضوع انشاء كليات صيدلة يستند الى القانون. أما في ما يتعلق بمزوّري الكولوكيوم فالامر مرهون بالقضاء الذي لم يصدر حكمه بعد، وتاليا فإن نتائج الامتحانات الجديدة ستبقى في تصرفه الى حين صدور القرار القضائي للعمل بمقتضاه.
في المقابل، قالت هذه الجهات لـ”النهار” إن لبنان يعاني تخمة في قطاع الصيدلة، فبالاضافة الى وجود 750 صيدلية في لبنان هناك الكثير من الصيادلة الذين هم الان عاطلون عن العمل. كما ان 85 في المئة من خريجي الصيدلة حصلوا على شهاداتهم من لبنان وتاليا لا مبرر للقول إن الكليات الجديدة هي لتسهيل أمور طلاب الصيدلة بعدم السفر الى الخارج. ورأت ان لبنان في حاجة ماسة الى انشاء كليات تمريض نظرا الى عدم وجود العدد المطلوب من الممرضين والممرضات.
وعلق رئيس مجلس النواب نبيه بري على ملف تفرغ أساتذة الجامعة اللبنانية امام زواره بقوله: “بدأ العدد427 استاذا ووصل الى 1200 استاذ. المطلوب حصر هذا الملف بالجهة المختصة وعلى مجلس الوزراء ان يكتفي بتعيين مجلس الجامعة الذي يقوم بدوره وبحسب اختصاصه في بت وانهاء هذا الملف، وليس من حق مجلس الوزراء التدخل في هذا الملف لانه يعرض الجامعة اللبنانية للتسييس وتقاسم الحصص. وهذا الامر مرفوض وغير مقبول ان نعرض هذه المؤسسة الوطنية الجامعة للتقاسم والمحاصصة”.
من جهة اخرى قال بري: “ان لا شيء جديدا في موضوع رئاسة الجمهورية ولا في سواها من الملفات، ومن أجل الحفاظ على البلد واللبنانيين ووحدتهم الداخلية ليس لدينا الا الاستثمار في الامن والجيش”.
اللاجئون
الى ذلك، كشف وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ”النهار” ان خلية الازمة الوزارية الخاصة بموضوع اللاجئين السوريين ستعقد قريبا اجتماعا لها في السرايا برئاسة الرئيس سلام، والتي تضم في عضويتها وزراء الداخلية والخارجية والشؤون. ولفت الى التقرير الذي أذاعته امس الامم المتحدة وقدّر ان يتجاوز عدد اللاجئين السوريين في لبنان مع نهاية السنة الجارية مليونا ونصف مليون، اي أكثر من ثلث السكان، موضحا ان الرقم يستند الى مقاييس تتعلق بملف اللاجئين منذ نشوئه. وأضاف ان العمل الان هو على خفض هذا الرقم بعدما أصبح اللجوء من المناطق السورية المتاخمة للبنان صفرا نظرا الى غياب المعارك فيها، مما يفسح في المجال للعمل وفق استراتيجية تقوم على انشاء مراكز ايواء في المنطقة الفاصلة بين لبنان وسوريا وخصوصا بين نقطة المصنع وجديدة يابوس أي داخل الاراضي اللبنانية. وسيجري لبنان الاتصالات العربية اللازمة لتغطية كلفة انشاء هذه المراكز، كما سيجري الاتصالات مع منظمات الامم المتحدة المعنية ولا سيما المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من أجل ادارة هذه المراكز. وأشار الى ان وزير الخارجية جبران باسيل خلال جلسة مجلس الوزراء امس، أوضح ان السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي أبلغه رفض حكومته اقامة مخيمات على الاراضي السورية بل هي تطالب بعودة اللاجئين الى ديارهم. واضاف ان الوزير باسيل طلب اتخاذ اجراءات تتعلق بتسهيل الاقامات التي تستوجب من السوريين المقيمين في لبنان دفع رسوم بما يسمح لهم بالعودة الى وطنهم، فكان تجاوب من مجلس الوزراء على هذا الصعيد على ان تتخذ الخطوة المطلوبة في الاطار القانوني اللازم.
وعلمت “النهار” ان موضوع اللاجئين السوريين استحوذ على قسم من مناقشات مجلس الوزراء امس. ولفت وزير الداخلية نهاد المشنوق الى ان لبنان لا يمكن ان يقيم حوارا مع النظام السوري ويتجاهل المعارضة السورية التي لا يمكن تحديدها الان وعليه يكون من الاسلم استمرار العمل بسياسة النأي بالنفس. وكشف انه أعطى منظمات الاغاثة أسماء نحو 50 الف سوري يدخلون يوميا الى لبنان ويخرجون منه بما يسقط عنهم صفة اللجوء. وتحدث عن اجراءات جديدة تتيح مراقبة الحدود على هذ الصعيد.