IMLebanon

مجلس الوزراء موحداً ينتصر للجيش: لا مهادنة مع الإرهاب

مجلس الوزراء موحداً ينتصر للجيش: لا مهادنة مع الإرهاب

مجلس الأمن يدعم بالإجماع الحكومة اللبنانية .. وإطلاق النار على سيارة الرافعي في عرسال

  … في اليوم الثالث للمواجهة التي يخوضها الجيش اللبناني مع مجموعات مسلّحة في عرسال رسمت معالم مرحلة جديدة في لبنان، وأعادت المعارك الجارية ملف النازحين السوريين الى دائرة الإهتمام من زاوية التداعيات الخطيرة، إذا ما بقيت الأمور من دون ضوابط، فضلاً عن كيفية التعامل مع الحرب السورية التي تجاوزت عامها الثالث، واشتراك حزب الله في هذه الحرب، وانعكاسات ذلك على الوضع العام في لبنان.

وأكدت تطورات الأيام الثلاثة الماضية أن الأزمة المسلحة في عرسال قابلة للإحتواء، بالرغم من أن المشهد الميداني بالغ التعقيد، ولا تستبعد مصادر واسعة الإطلاع أنه من المستبعد أن تحسم الأوضاع بسرعة.

وكشفت المصادر أن الاتصالات ناشطة على أكثر من صعيد بهدف:

1- حصر النيران في عرسال، وعدم امتدادها الى مناطق أخرى، خاصة في الشمال، تجنباً لاندلاع الفتن، التي كثر الحديث عنها في الآونة الأخيرة.

2- تطوير الإجماع حول الجيش بتحريك المشاريع المحالة على مجلس النواب في إطار بروتوكول الـ 3 مليارات للإسراع بإقرارها، وتسهيل حصول الجيش على المعدات الحديثة.

ومع بدء تعزيزات الجيش اللبناني الى عرسال، علمت «اللواء» من مصادر ميدانية أن الوضع يتحسّن لمصلحة الجيش، لكن التركيز يستمر على محاصرة المسلحين، والتشديد على استعادة الجنود المفقودين، حيث ما يزال مصيرهم مجهولاً.

وبالتزامن، أعلن الرئيس تمام سلام، بعد جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية، محاطاً بكل الوزراء، الذين يمثلون كل الكتل والاتجاهات السياسية، أن «الحكومة قررت تعبئة كل مؤسسات الدولة للدفاع عن لبنان».

واتهم رئيس مجلس الوزراء المسلحين بالسعي الى «نقل ممارساتهم المريضة» الى لبنان، وأكد أن «لا حلول سياسية مع التكفيريين الذين يعبثون بمجتمعات عربية تحت عناوين دينية غريبة»، مشيراً الى أن «الحل الوحيد للمتشددين هو الانسحاب من عرسال».

وقال وزير العمل سجعان قزي لـ «اللواء» أن اجتماع مجلس الوزراء كان ترجمة للوحدة الوطنية، وليس فقط لوحدة الحكومة، وأن المناقشات التي حصلت كانت إيجابية، وشددت على أولاً: الأداء المميّز للرئيس سلام، وثانياً على المسؤولية التي تحكمت كل القوى السياسية في مواقفها حيال الجيش، وثالثاً: النأي بالنفس عن التصاريح المشككة بدور الجيش.

وشدّد على أنه كان هناك إجماع على ضرورة عدم التنازل والتسوية على حساب المؤسسة العسكرية، وأن المناقشات دارت في إطار كيفية مواجهة التحدي الجديد، وكان هناك إجماع على أن ما يحصل ليس زوبعة في فنجان إنما عاصفة حقيقية.

ولفت قزي الى أن البيان الذي صدر عن رئيس الحكومة وتجمع الوزراء حوله كان صورة معبّرة عن التضامن الحقيقي حول ما أعلنه.

وكشف عن ميثاق شرف بين الوزراء بعدم الحديث عما دار من مناقشات رغم إيجابياتها، حرصاً على وحدة الموقف، وعلى إعطاء ذريعة للمتربصين بالحكومة وبالجيش وبلبنان.

وفي السياق نفسه، وصف وزير الإعلام رمزي جريج جلسة مجلس الوزراء بـ «الممتازة»، وقال لـ «اللواء»: لقد أسفرت عن موقف موحد لدعم الجيش والمؤسسات الدستورية التي تتولى أمر الدفاع عن لبنان الى جانب المؤسسة العسكرية، كما أسفرت عن كلام يتجاوز دعم الجيش، وكان تأكيد على عدم التفاوض والتساهل مع المجرمين التكفيريين.

ولفت الى أنه لم يبرز أي أمر داخل الجلسة يعكر صفو الأجواء أو وحدة الموقف، مؤكداً أن مناخ النقاش اتسم بالإيجابية منذ البداية حتى النهاية.

واعتبر أن البيان الذي تلاه رئيس مجلس الوزراء تمام سلام في أعقاب الجلسة كان ممتازاً، كما كانت اللهجة قوية، حيث ذكّر الرئيس سلام بالمسلّمات الوطنية.

وحول طرح وزراء حزب الكتائب لتطوير نطاق القرار 1701، قال الوزير جريج: «سبق لمجلس الأمن أن تدخل أكثر من مرّة في ما خص إصدار قرارات بشأن لبنان ساهمت في الدفاع عن سيادته، وانه عند الضرورة في الإمكان اللجوء إلى المجلس بهدف اتخاذ القرارات المناسبة، وهو فعل ذلك عندما تعرض لبنان لاعتداء من مجموعات مسلحة على السيادة اللبنانية، اما في ما خص توسيع نطاق عمل القرار 1701 اليوم، فهناك افكار في الامكان اللجوء إليها بهذا الخصوص، لكن موقفنا اليوم موحّد عبّر عنه البيان الذي تلاه الرئيس سلام.

ورأى وزير الثقافة روني عريجي لـ «اللواء» أن أجواء من التضامن سادت الجلسة وأن هناك استنفاراً لمواكبة مجريات التطورات في عرسال.

وفي ردّ على سؤال لفت إلى أن ما قاله قبيل انعقاد جلسة مجلس الوزراء لم يكن القصد منه الرد على الوزير اشرف ريفي، نافياً حصول سجال بين الوزراء على خلفية بعض المواقف التي أطلقت.

وكشفت مصادر وزارية لـ «اللواء» أن وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس وعدداً من الوزراء اثاروا ملف النازحين السوريين حيث أكدوا أن ما نراه اليوم هو حصاد لسياسة التجاهل والإنكار لهذا الملف على مدى السنوات الثلاث الماضية، وفهم أن الوزير درباس كان اول المتحدثين معلناً أهمية حاجته إلى عناية. وقالت المصادر أن الحكومة لم تناقشه بشكل مفصل وبالتالي ما من شيء ملموس بهذا الشأن سوى التأكيد على أهمية المعالجة.

وأكّد الوزير درباس لـ «اللواء» انه في الأساس ما من قرار سياسي متفق عليه بشأن إقامة المخيمات للنازحين السوريين.

إلى ذلك، تردّد أن مجلس الوزراء على اتم الاستعداد لعقد أكثر من جلسة حكومية بهدف متابعة الأوضاع في عرسال أو إذا اقتضت الحاجة ذلك، وسيجتمع مجلس الوزراء بعد غد الخميس في جلسة عادية، قد تكون هذه الاوضاع بنداً رئيسياً على جدول الأعمال.

وقف نار إنساني؟

 على صعيد المساعي التي تبذلها هيئة العلماء المسلمين من أجل وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، لم يتم الالتزام بالاتفاق المبدئي على وقف النار، بعد تجدد الاشتباكات في الوقت المحدد لسريانه، لكن وفد الهيئة برئاسة الشيخ مالك جديدة، وعضو الهيئة الشيخ سالم الرافعي وصل إلى عرسال بعيد العاشرة ليلاً.

وليلاً، أفيد عن تعرض وفد العلماء لاطلاق نار داخل عرسال ما ادى إلى اصابة الشيخ سالم الرافعي داخل سيارته وشخص اخر نقلا على الاثر إلى احد المستشفيات في عرسال.

وكانت مهمة تثبيت وقف النار تعثرت على خلفية رفض العناصر المسلحة تقديم أية معلومات أو ضمانات بتسليم العسكريين المحتجزين لوفد الهيئة.

وانطلقت التحضيرات لهذا الاتفاق من السراي الكبير، باتجاه اليرزة، وشارك فيها ممثّل رئيس الحكومة اللواء محمّد خير، والنائب جمال الجراح والشيخ سالم الرافعي والمفتي خليل الميس، بالتنسيق مع الوزير نهاد المشنوق واشرف ريفي واشراف الرئيس سلام.

وكان وفد المبادرة زار اليرزة والتقى قائد الجيش العماد جان قهوجي.

وعلمت «اللواء» أن الوضع الإنساني الضاغط، لجهة فقدان الأغذية والأدوية وبقاء الجثث على الأرض وسقوط عشرات الجرحى، حرّك المساعي لوقف النار، كخطوة لا بد منها لمعرفة مصير العسكريين المفقودين، والتأسيس لمحاولة إنهاء الوضع من دون مزيد من الدماء والدمار.

وتخوف مصدر مطلع من أن يؤدي التباطؤ في تلبية مطلب الجيش باستعادة المفقودين إلى تفاقم الوضع الإنساني، بعد اصرار العناصر المسلحة على منع الاهالي من الخروج من البلدة.

ووفقاً لمصادر ميدانية، فان المعركة ستشتد بعد خروج أهالي عرسال منها، حيث وضعت الخطط للحسم ميدانياً، ولو تأخرت العملية، ما لم تنجح المفاوضات باخراج المسلحين السوريين من عرسال وإعادتهم إلى داخل الحدود السورية.

الوضع الميداني

 ميدانياً، ولليوم الثالث، دارت معارك عنيفة منذ الصباح، وتولت مدفعية الجيش قصف التلال المحيطة بعرسال، وعززت وحدات الجيش سيطرتها على مهنية البلدة، كما عزّز الجيش مواقعه في مرتفعات «الثكنة 88».

وفي هذا الإطار، حضر فوج المغاوير إلى عرسال لمحاولة استعادة نقطة وادي الحصن التي سيطر عليها المسلحون منذ يومين، وافيد أن الجيش حشد قواته وآلياته العسكرية وهاجم تلة الحصن مدعوماً بالقصف المدفعي من تلة المهنية، موقعاً قتلى في صفوف المسلحين. وانضمت قوة من فوج التدخل الخامس في الجيش مؤلفة من اكثر من 40 ملالة، إلى فوج المجوقل والمغاوير للمشاركة في العمليات العسكرية. وبعد الظهر، تحدثت معلومات عن نجاح الجيش في طرد المسلحين من حي السرج في عرسال المحاذي للمهنية، وافيد ان المسلحين اعدموا المواطن حسين الحجيري واثنين من أبنائه قبل الانسحاب من رأس السرج.

وارتفع عدد شهداء الجيش من 10 إلى 14،  فيما ذكر مصدر عن سقوط 16 شهيداً للجيش، وإصابة 86 عسكرياً بجروح وفقدان الاتصال مع 22 آخرين. وقال الجيش اللبناني انه قتل بالمقابل «عشرات المسلحين».

ونسبت وكالة «رويترز» إلى مسؤول أمني لبناني عثر أثناء تقدمه على جثث 50 مسلحاً متشدداً.

واشار مسؤول في المفوضية «لفرانس برس» ان المعلومات شحيحة عن وضع عشرات آلاف اللجئين السوريين في عرسال، في ظل تقارير عن اندلاع حريق في احد المخيمات العشوائية بسبب سقوط قذيفة. واشار الى ان المقيمين في المخيمات لجأوا الى مبان في عرسال. وتستضيف البلدة عشرات آلاف النازحين من اصل اكثر من مليون سوري هربوا الى لبنان بسبب النزاع الذي اودى بأكثر من 170 ألف شخص.

وقال محمد فليطي البالغ من العمر 25 عاماً وهو من عرسال بينما كان يجلس في ظل شجرة قرب محطة للوقود على الطريق من عرسال «ماذا نتوقع. بيوتنا تتدمر الله وحده يعلم اذا كانت عائلاتنا على قيد الحياة وبصحة جيدة او قتلوا».

وادانت الحكومة السورية «ما يتعرض له الجيش اللبناني من اعتداءات ارهابية مخطط لها تنفذها المجموعات الارهابية وعلى رأسها اذرع تنظيم القاعدة منها ما يسمى تنظيم دولة العراق والشام وجبهة النصرة بهدف زعزعة امن واستقرار لبنان الشقيق».

ونقلت الوكالة العربية السورية للانباء (سانا) عن بيان للخارجية السورية قوله «إن ما تشهده بلدة عرسال اللبنانية وجرودها من اعتداءات وجرائم ارهابية ضد المدنيين وحواجز ومقرات الجيش اللبناني يستوجب تقديم الدعم والوقوف مع الجيش اللبناني صفاً واحداً في معركته ضد الارهاب التكفيري المتطرف.

تحرش ومداهمات

 وفي شأن متصل، اقدم مجهولون في الجنوب، على اطلاق صواريخ من نقطة في الجرمق، على انها مواجهة ضد اسرائيل، الا انها سقطت في خراج بلدة ارنون التي تقع جنوب الجرمق.

وفي النبطية، وحي اللجى في بيروت، داهمت قوى الامن، وعناصر مسلحة، اماكن تواجد اللاجئين السوريين، بحثاً عن «عناصر مشتبه بها»، وكإجراء احترازي، بعد التطورات الحاصلة في عرسال وجرودها.

مجلس  الامن

 وفجر اليوم دان مجلس الامن الدولي الهجمات التي تشنها «مجموعات متطرفة» على الجيش اللبناني في عرسال معربا عن دعمه «للجهود التي تبذلها القوات المسلحة اللبنانية لمكافحة الارهاب».

وفي بيان رئاسي صدر باجماع اعضائه الـ15، جدد مجلس الامن ايضا «دعمه الكامل للحكومة اللبنانية»، مطالبا مجلس النواب اللبناني «بالعمل على ان تجري الانتخابات الرئاسية بدون مزيد من التأخير».

ودعا اعضاء المجلس «كل الاطراف اللبنانية الى الحفاظ على الوحدة الوطنية في مواجهة محاولات زعزعة استقرار» البلاد، مشددين على ضرورة ان يعمد جميع اللبنانيين الى «احترام سياسة لبنان في النأي بالنفس» عن النزاع الدائر في سوريا و«الامتناع عن اي تورط في الازمة السورية».