IMLebanon

مخاوف لبنانية من انعكاسات التجاذب القطري ـ الخليجي

الدوحة تنقل قيادات «الإخوان» إلى السودان!

مخاوف لبنانية من انعكاسات التجاذب القطري ـ الخليجي

«تتمركز قطر في الموقع الإقليمي الخطأ بما يؤدي الى أضرار هائلة في دول الخليج وفي مصر ولبنان».

هذا النّقد العلني الذي يطلقه ديبلوماسي خليجي زار لبنان مؤخراً، يظهر مدى الخلاف الحادّ بين دول مجلس التعاون الخليجي، خصوصا بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة وقطر من جهة ثانية، والذي لم يتوقّف عند حدّ سحب هذه الدول سفراءها من الدوحة في آذار الفائت، بل تدرّج تصاعدّيا، وهو ما سيتظهّر بصورة جليّة في اجتماع وزراء الدول الثلاث في جدّة غدا الأحد المخصّص لمناقشة رفض قطر التوقيع على التقرير النهائي للجنة المكلفة متابعة تنفيذ اتفاق الرياض، عندما جاءت نتيجته عدم جدّية الدوحة في تنفيذ الاتفاق الذي وقعته الدّول الخليجية السّت في نيسان الفائت.

هذا الخلاف المحتدم يشغل الوسط السياسي في أكثر من بلد يرتبط مصيره بمدى الوئام في البيت الخليجي من مصر الى لبنان مرورا بالإمارات.

ويشير الديبلوماسي الى أنّ «أيدي قطر تطال لبنان كما مصر، حيث تلعب على التناقضات لإثبات ذاتها لاعبا قويا ومنافسا للسعودية وللإمارات ولدول الخليج كافّة، وقد تظهّر دور قطر في لبنان في أكثر من ملفّ، من مخطوفي أعزاز الى راهبات معلولا وصولا الى معركة عرسال الأخيرة، ما يشير الى دور قطري مشبوه بالتعاون والتكافل مع تركيا، بحيث ترتبط الدولتان بحلف متين في مواجهة القوى الإقليمية الأخرى. هذا الحلف بين أنقرة والدوحة هو أول عامل شقّ صفوف مجلس التعاون، وهو جزء من لعب الدوحة على التناقضات لفرض ذاتها لاعبا إقليميا أول مع أنقرة في مواجهة الرياض وأبو ظبي».

وإذا كان لبنان يتلقى جرعات طفيفة من السياسة القطرية، «المشبوهة» بنظر دول مجلس التعاون الباقية، فإنّ تداعيات السياسة القطرية على مصر هي أيضا الشغل الشاغل لهذه الدول.

وهنا تعود المخاوف إلى لبنان من أن يؤدي التجاذب القطري ـ الخليجي إلى ترجمة نفسه في الساحة اللبنانية في أكثر من عنوان، خصوصاً العنوان الأمني الذي كان أحد أبرز تجليات ذلك التجاذب في المراحل السابقة.

يقول الديبلوماسي الخليجي إنّ مصر والسعودية واعيتان للتحركات القطرية المريبة على الساحة المصريّة. ويشرح بأنّ جماعة «الإخوان المسلمين» تخترق النظام السياسي والديني في قطر على أعلى المستويات.

يتوجّس الخليجيون من نظرة قطر الى «الإخوان» واعتبارهم «طرفا شعبيّا مهمّا»، وإيمانها بأنه لا يمكن الرهان على «حكم العسكر» في مصر وعملها المتواصل لإعادة الإخوان المسلمين الى السلطة في اللحظة السانحة.

ويكشف الديبلوماسي الخليجي عن «تحرك إخواني مصري ضخم يقضي بنقل كلّ القيادات الإخوانية والقوة والتنظيم الى السودان، بمساعدة المليارات القطرية التي تهدف الى تدعيم السودان من منطلق أن أفضل مكان للقيادات الإخوانية التي غادرت مصر هو الخرطوم لا الدّوحة، وذلك ليكونوا قريبين من المشهد المصري على أمل أن يعودوا بعد عام أو عامين الى مواقعهم».

هذا الرهان القطري على «الإخوان» هو حاليا جوهر الخلاف مع السعودية والإمارات، وهو خلاف غير مسبوق في النظرة الإستراتيجية للعدوّ المشترك للدول الخليجية.

ففي حين أعلنت السعودية الإخوان المسلمين جماعة إرهابيّة، وأعلنتهم الإمارات تهديدا إستراتيجيا لها، تبقى قطر الدّاعم المالي والإعلامي الأوّل لهم.

ولعلّ الشقّ الأصعب في خلاف قطر مع أخواتها، هو مع الإمارات «وهو أعمق مما هو مع السعوديّة بعشرات المرّات»، بحسب الديبلوماسي المذكور، إذ لا يزال التوجه الإعلامي القطري ضدّ الإمارات قائماً بقوّة، وقد طلبت أبو ظبي وفق الاتفاقية الأمنية تحديد من هو العدوّ المشترك في اللحظة السياسيّة الرّاهنة، ومن هو الصديق، والإماراتيون واضحون جدّا بأنّ الإخوان المسلمين هم الخطر الإستراتيجي والتهديد الأكبر لاستقرار دول الخليج، في حين يرى فيهم القطريون رصيدا إستراتيجيّا وحليفا في آن واحد. وليس صدفة أن يصدر رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان قانونا جديدا مشددا لمكافحة الجرائم الإرهابية يتضمن عقوبة الإعدام على من يعتدي على رئيس الدولة وحكام الإمارات أو يؤسس تنظيما إرهابيا. وتتساءل الدول الخليجية الباقية في ما بينها، بحسب ما ينقل الديبلوماسي الخليجي «كيف تمكن مناقشة قضايانا الأمنية والإستراتيجية مع قطر وهي مخترقة بهذه الطريقة؟».

ويعتبر الديبلوماسي الخليجي أنّ ثمّة توجّهاً لدى دول مجلس التعاون لعدم عقد قمّة مجلس التعاون الخليجي المزمعة في كانون الأول المقبل في الدوحة ونقلها الى الرياض، لافتا الى أنّ ذلك سيشكّل ضربة سياسية مهمة لقطر التي تحاول تجنّب ذلك قدر الإمكان، وليست زيارة وزير الحرس الوطني في السعودية الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز للدوحة وزيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني للرياض، إلا من أجل احتواء الخلاف وتداركا لعدم فشل القمة، وهو «وارد جدّا» بحسب تعبير الديبلوماسي الخليجي.