IMLebanon

مخاوف من “الصوملة”.. لكن المظلّة الدولية باقية فوق لبنان

الدول العربية تدرك أنّ “من يلعب بالنار تحرقه”

مخاوف من “الصوملة”.. لكن المظلّة الدولية باقية فوق لبنان

فائض الحرارة في المشرق كان لا بدّ من وصول وهجه الى لبنان عبر الحدود المفتوحة على الجبهات المتصارعة، وخصوصا في سوريا، والخوف ماثل من ألا يتمّ ضبط ميزان الحرارة اللبناني على درجة مقبولة فيتجه البلد الى حال طويلة الأمد من “الصوملة”، بمعنى أن تحافظ الدولة على علمها وسفرائها المعتمدين، لكنها تكون مفككة في الدّاخل، على غرار الصومال، حيث كلّ طرف يسيطر على منطقة.

هذه القراءة يقدمها ديبلوماسي عربي في جامعة الدول العربية متوقعا أنّه “في حال استمرار حالة صدام الوعي الهويّاتي ما دون الدّولة، فإن الصوملة ستتعمّم في المشرق، وفي لبنان أيضا الذي قد يشهد حال صوملة خفيفة أو قوية في انتظار تفاهم دولي يدفع باتجاه التفاهم الداخلي”.

ويلفت الديبلوماسي الى أنّ ما حدث في لبنان، وتحديدا في عرسال وطرابلس، مردّه الى نجاح “الدولة الإسلامية” (داعش) بمحو الحدود بين العراق وسوريا، ما شجّعها على محاولة التمدّد في كافّة الاتجاهات المتاحة، ومنها الساحة اللبنانية.

طموح هذه الجماعة الراديكالية ليس قابلا للتحقق “إذا استطاعت السلطات اللبنانية إمساك الأرض. لكن في الوهن الحاصل ووسط التفكّك والصراعات الطوائفية والمذهبية، من المحتمل أن تفيد هذه الجماعات من البيئة الخصبة لوجودها فتتمدّد أو تثير قلاقل متنقلة”.

ويقول الديبلوماسي العربي إنّ المظلّة الدولية للاستقرار لا تزال منبسطة فوق لبنان، والدليل الدفع السعودي والإقليمي باتجاه عودة الرئيس سعد الحريري لكي يعود ويضبط القاعدة السنية التي باتت عرضة للخطف من قبل الجماعات المتطرّفة، منتقدا جنوح بعض اللبنانيين نحو نظريّة المؤامرة المرسومة للبنان قائلا: “المؤامرات لا تنفّذ إلا بوجود بيئة خصبة يوفّرها أهل البلد، فهل كان ممكنا قبل أربعين عاما التهيئة لسيناريو صراع بين السنة والشيعة؟”.

يضيف: “الصراع مستمر في العراق وسوريا وهو يمتدّ من بغداد الى بيروت والجميع غطس فيه، ولبنان جزء من المسرح، لكنّ التوافق الدّولي ما زال قائما لإبقائه خارج هذا المسرح، وهذا الأمر ثابت لسبب جوهري يكمن في عدم قدرة لبنان على التغيير في التوازنات القائمة كما العراق وسوريا، فتركيبة لبنان لا تسمح بأن يحسم طرف ضد طرف آخر”.

ويلفت الديبلوماسي الى أنّ “الأولويّة اللبنانية اليوم يجب أنّ تنصبّ على هدف مكافحة الإرهاب عسكريا وأمنيا وفكريا، وخصوصا وسط احتدام الصراع الدولي في المنطقة وعدم وجود توقيت معين للمصالح بين إيران وأميركا أولا والسعودية وإيران ثانيا”.

يقول إنّ “المرحلة المقبلة، ما بعد القتال الدّائر، يجب أن تتصف بالحكمة والوعي في رصد المشاكل العميقة للمشرق العربي، وهي التي أحدثت صراع هويات، مما يمهّد الطريق للبحث في عملية الوفاق الوطني وإقامة فضاء سياسي خارج المذهبيات لطمأنة هذه الهويات في صيغة معينة”.

لكنّ الديبلوماسي يعترف بأنّ هذه المرحلة ستكون متأخرة “لذا فمن باب الأولويات التفكير الإستراتيجي بكيفية مكافحة الإرهاب عسكريا وأمنيا وفكرياً، وتمتين تعاون الأجهزة الأمنية اللبنانية والعربية، كما هو حاصل حاليا، ما يضاعف قدراتها في إطفاء الحريق الإرهابي”.

ولفت الى أن المستجدّ عربيا هو وجود وعي عربي جامع حول ضرورة مكافحة الإرهاب، وهذا يتناغم مع الحالة اللبنانية. ولفت الى أنّ هذا الوعي العربي “هو شرط للنجاح في المعركة ضدّ الإرهاب المتمدّد، ما يدفع لتفاهمات مشتركة بين الدّول العربية التي اكتشفت بأنّ هذا الحريق يطال الجميع”.

ويفسّر الديبلوماسي العربي محو “داعش” للحدود بين العراق وسوريا ومحاولة تمدّدها الى الأراضي اللبناني بأن “جميع الدول التي دعمت التيارات الراديكالية إبّان الحرب السورية لم تتوقع أن تخرج هذه التيارات بمتطرفيها عن سيطرتها وتطالها في أرضها”.

وأشار الى أن “داعش هي راديكالية خطرة جدّا لأنها تشكّل قطيعة مع الجميع، لذا تثير الخوف لدى بعض الدول العربية والإقليمية. وليس السلوك المستجد لهذه الدول في صدّ الإرهاب عبر وسائل مختلفة إلا اتعاظا متأخرا لها بأنّ من يلعب بالنار لا تلبث أن تحرقه”.