تتلى في بعض المدارس اللبنانية خُطب دينية مرتجلة، خصوصاً في المدارس التي تديرها جمعيات دينية وهي مدارس مجانية خاصة، تحرض التلامذة على العنف وكره أبناء الطوائف الأخرى، وتحضّ المراهقين منهم على الجهاد. أما التعليم الديني في بعض المدارس الخاصة، فيتضمن كتباً دينية مؤلفة وفق مذهب معين من دون الأخذ بآراء المذاهب الأخرى، ما يزيد من عملية الاختلاف في الصف الواحد والمدرسة. وفي المدرسة الرسمية، يسير التعليم وفق المناطق والمذاهب، قبل أن يخرج التلميذ بعد دوامه الى صف التدريس الديني الخاص لدى الهيئات الشرعية وجمعياتها.
ووفق احصاءات، هناك مئات المدارس الخاصة المجانية الدينية، جزء منها متطرف، تدرس عشرات ألوف التلامذة بمنهاج خاص، الى جانب الرسمي، وما يمارس فيها أصبح مادة للتنبيه الدائم على الاختلاف بين أبناء المدرسة الواحدة والصفِّ الواحد، فيخرجها عن دورها الذي نالت على أساسه ترخيصها كمركز تعليمي. وما زاد من حدة الخطاب الديني المتطرف في هذه المدارس وغيرها، لجوء التلامذة السوريين الى لبنان، والذين تلقفتهم جمعيات في مدارسها، وبدات تلقنهم على طريقتها التي ترفض الآخر، بالإضافة الى جلسات التعليم الديني الخاصة التي تحض على العنف والجهاد. وليس الكلام عما يحصل، استنتاج بأن التعليم في لبنان يتهاوى أو ينحدر الى مسار خطير، لكن ما يراكمه هذا النوع من التعليم في خطابه المتطرف، ينشئ جيلاً لبنانياً، أقل ما يقال عنه لخطورته “داعشياً”، لأنه يفتح الطريق على تأثر المؤسسات التعليمية بهذا الواقع، ويدفع الى مزيد من الإصطفاف المذهبي، ويؤسس لحالة لن يكون سهلاً مواجهتها.
وكي لا نختبئ خلف تبريرات واهية، يجب الاعتراف أن جزءاً من تلامذتنا، يخضعون لتعليم جماعات أصولية متطرفة، أكثر تخلفاً من تعليم “الكتاتيب” الذي ساد قبل نشوء الدولة. هذا يحصل في لبنان، إنما على نطاق محدود أو ضيق حتى الآن، إذا كان البعض يقارن بما يحصل في العراق وسوريا من فرض نظام تعليم وعادات في المناطق التي تسيطر عليها “داعش” وفرق اسلامية أخرى ترفض الآخر وتقتل المسيحيين. لكن ملامح خطيرة بدأت تظهر في لبنان، اقله حلول خطب دينية رديئة الصياغة، مليئة بإشارات تحرض على القتل والمذهبية، وأحياناً التنكّر للعلم الذي بات “بدعة” تهدف إلى النيل من قيم الدين وتعاليمه، وينظر في هذه الخطب معلمون جدد غالبيتهم رجال دين.
وقبل أن يتحول هذا الواقع نموذجاً تعليمياً خطيراً على الأولاد، يؤهلهم نفسياً للعنف، عبر سيطرة “هيئات شرعية” خطبها تقوم على ان “الناس مقسومين الى بشر عاديين، ونصارى وروافض ودروز، وان الصراع بين الطرفين هو لإرساء اصول الدين في مواجهة الكفار”. هذا كلام يقال في بعض المدارس، والمشكلة أن التعليم الديني في لبنان ادى الى نتائج سلبية، لأن الدولة لا تملك سلطة تقرير مادته.