4 أيلول 2014
عشية الجلسة المقررة لمجلس الوزراء اليوم، يفرض ملف العسكريين المختطفين نفسه بندا أول على طاولة البحث مع استمرار تفاعله سلباً بفعل التهديدات المتنامية لتنظيم “داعش” من تصفية العسكريين تباعاً إذا لم تتجاوب الحكومة مع مطالبهم.
لا يخفي مرجع رسمي إنزعاجه إزاء التعاطي السياسي والاعلامي مع هذا الموضوع الذي يصفه بـ”الحساس والدقيق جداً” نظرا إلى ما يترتب عنه من أخطار تهدد لبنان في كيانه ونظامه وصيغة العيش المشترك فيه.
ويتساءل كيف يمكن القوى السياسية أن تتلهى بملفات داخلية ثانوية وفق حسابات ضيقة وأجندات خارجية فيما يعيش لبنان في هذه الايام أصعب وأخطر مرحلة من تاريخه.
لا يحمل المرجع اللوم فقط للقوى السياسية العاجزة عن تحمل مسؤولياتها التاريخية في ظروف مماثلة، بل يحمل حيزا من اللوم لبعض الاعلام الذي يستخف بمشاعر المواطنين فيما البلاد بكفة والفتنة المتربصة بكفة ثانية.
فالموضوع المطروح حساس جدا في رأيه ويتطلب عناية فائقة في التعامل. فمن جهة هناك مجموعات إرهابية تهدد وتنفذ تهديدها، وفي الجهة المقابلة هناك أهال يتحرقون على مصير أبنائهم ويطالبون الدولة بالتحرك والتفاوض لإستعادتهم، وما بين الاثنين، اصوات سياسية تحذر من مغبة التفاوض مع الارهابيين وتأثير ذلك على سيادة الدولة. وامام كل هذا المشهد المأسوي، ثمة 40 الف مواطن لبناني في عرسال يستضيفون اكثر من 100 الف نازح سوري منهم من ساهم في خلق بيئة حاضنة للمجموعات المسلحة تفوق قدرة اهالي هذه البلدة على الاحتواء او على المواجهة.
لا يخفي المرجع في المقابل قلقه من مسار الامور. فقنوات التفاوض مفتوحة وتتم، ولكنها تحتاج إلى مناخ مؤات ليوصلها الى خواتيمها السعيدة. اما المناخ اللبناني السائد، فلا يشجع على ذلك اطلاقاً. ذلك ان المشاعر الطائفية تطغى على أي تفكير بالمنطق والعقل وتؤجج الاحتقان الطائفي وتؤسس للفتنة المطلوبة اساسا للبلد. فماذا لو تم إستهداف احد المختطفين الشيعة؟ من يضمن ردود الفعل ومن يجرؤ على تحمل مسؤوليتها؟ وهل مسموح ان نعيش على وتيرة البحث عن مواضيع لإثارة وإشغال الرأي العام بها فيما البلاد على كف عفريت؟
يأسف المرجع للخفة التي يتم التعاطي فيها مع المسائل المطروحة في الامن والسياسة والاقتصاد والمال على السواء بينما تمر البلاد بمرحلة مصيرية، فبدل ان نكون في مكان نصبح في مكان آخر.
يدرك المرجع أن صرخة الالم التي يطلقها قد لا تكفي ولا تشفي إذا لم تقترن بوعي لدى جميع القوى على أخطار المرحلة وما تحمله من تغيير لوجه لبنان الذي عرفناه. وعليه، يأمل ان يتلمس هذا الوعي من خلال وقف مشهد المزايدات والاستخفاف بالاستحقاقات الداهمة
ولا يغيب هذا الموضوع المتفاعل عن الجلسة الحكومية المقررة اليوم التي يفترض أن تتناول ملف العسكريين المختطفين وما آلت اليه حركة الاتصالات الجارية على اكثر من محور سعياً لإطلاقهم.
وعلم على هذا الصعيد أن هذا الموضوع سيطرح من خارج جدول اعمال الجلسة التي تبحث في جدول اعمال من نحو 60 بندا، فيما ينتظر ان يتناول المجلس في جزء من مناقشاته الملف المالي بعد إطلاع الوزراء على تقرير وزير المال علي حسن خليل الذي قدمه في الجلسة الاخيرة للمجلس.