يستمر زعيم التيار الوطني العماد ميشال عون محافظا على الوتيرة نفسها من اظهار ثقة مطلقة بانتخابه رئيسا للجمهورية بناء على اتفاق يقول القريبون منه انه حصل مع الرئيس رفيق الحريري الى درجة انه ينقل عن وزير الخارجية جبران باسيل طمأنته للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى انه يجب الا يحمل هم شغور موقع الرئاسة الاولى لان هذا الموقع لن يشغر وان جميع الكتل ستسير في انتخاب العماد عون قبيل انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان بناء على توافق مع الرئيس سعد الحريري. هذه الاجواء تدخل في اطار حملة اعلامية متواصلة منذ انطلاق المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية قادتها وسائل 8 آذار فيما تولى سياسيون من هذه القوى الترويج لمنطق حتمية الاختيار بين انتخاب عون او مواجهة الفراغ مع تظهير رفض الحريري للفراغ مما يؤدي حتما استنتاجا الى خلاصة اختياره دعم وصول عون للرئاسة.
ولعل ادراج الامر في صيغة انتخاب عون او الفراغ وفي ظل التخويف من الفراغ في موقع الرئاسة الاولى مع ما يعنيه ذلك من احتمالات مفتوحة على المجهول يحمل كثرا على الدفع في اتجاه القبول بدعم عون او باختياره علما انه ليس خيار الافرقاء المسيحيين غير التيار العوني وليس خيارا لدى افرقاء اساسيين خصوصا اذا كان لا يقبل به المسيحيون في الاصل ويفضلون الفراغ على انتخاب عون، في الوقت الذي لم يقدم عون اي شيء من اجل الحصول على دعم المسيحيين في حين يسعى الى كسب الطائفة السنية مع الطائفة الشيعية مختصرا الطائفة المسيحية في شخصه على رغم الارباك الذي يحدثه لدى الطائفة وفي اوساطها.
وواقع الامور انه غداة بدء العد العكسي لانتهاء المهلة الدستورية في 25 الجاري، تتوزع المواقف غير المعلنة على نحو متناقض وغير حاسم وفق الاتي:
– ان هناك من يرفع الصوت حيال عدم امكان انتخاب عون وعدم امكان موافقة الحريري على دعم انتخابه على طريقة من يرفع الصوت فيما يمشي في الصحراء من اجل ان يطمئن نفسه وعدم الخوف من هذا الخيار، او من اجل دفع الحريري في حال كان الامر وارادا لديه الى عدم السير بهذا الخيار لاقتناع بأنه سرعان ما سيندم عليه فور وصول عون الى بعبدا بناء على التجارب السابقة في التعاطي مع زعيم التيار العوني فضلا عن اعتبارات كثيرة بعضها بات معروفا. ومع ان ليس ما يوحي فعلا بتحضير الاجواء لمثل هذا الاحتمال او ايضا لاحتمال وضع الجميع امام امر واقع قسري، فان ذلك يعكس خوفا من ان التطورات او ضيق هامش الخيارات او التشدد في شأنها تحت وطأة فرض فراغ لمدة طويلة ربما يدفع في هذا الاتجاه خصوصا ان ثمة من هو مقتنع بأن الاميركيين ربما ضغطوا على من يرونه مناسبا اقليميا ومحليا من اجل السير بهذا الخيار نتيجة غياب الثقة بأن واشنطن لا تدعم احدا في هذا السياق نتيجة عدم رغبتها في حصول فراغ في سدة الرئاسة الاولى من خلال قولها انها لا تدعم احدا ولا تضع فيتو على احد.
– ان ثمة من يؤكد ان العماد عون يلعب حتى اللحظة الاخيرة على وتر القول بانتظار الحريري بحيث يحمل الحريري علنا وضمنا في المرحلة اللاحقة مسؤولية الوصول الى الفراغ على رغم انه سبق لرئيس كتلة المستقبل ان اكد في غير اتجاه ولبكركي وعلنا انه ضد الفراغ خصوصا ان قوى 14 آذار شاركت في كل جلسات انتخاب الرئيس حتى الآن. وهذا يدخل في استراتيجية حشر الحريري على غرار ما يستمر في الحصول حتى الآن من خلال الايحاء بأن الحريري يمكن ان يقبل بخيار دعم عون مما يحرجه امام حلفائه وحتى داخل كتلته ويترك مجالا كبيرا من عدم الثقة بالخطوات المقبلة او بالاعداد لها في ظل غموض الموقف او ارتباكه. وثمة من يقول بأن عون يرفع الثمن لدعم اي مرشح توافقي على مستويات عدة حتى اذا توافر اي اتفاق اقليمي فانه يحصد اثمانا مرتفعة.
– تفيد معلومات موثوقة ان دولة اقليمية يسعى العماد عون الى الحصول على دعمها والى التأثير على افرقاء محليين في اتجاه دعمه لا تبدو في هذا الوارد على نحو جازم وفق ما تبلغ افرقاء كثر في هذا الاتجاه، كما ان رؤساء بعثات ديبلوماسية مؤثرة لا يرون ذلك محتملا ولا يرون اي امكان لوصول اي مرشح من فريقي 14 و آذار. كما تفيد هذه المعلومات ان هذه الدولة حضت سائليها من الافرقاء اللبنانيين عن الاتجاهات التي يمكن ان تدعمها على صعيد انتخابات الرئاسة على وجوب بدء التفكير في اسم مرشح يعتبر وفاقيا ومن الممكن قبوله من الجميع وعدم البقاء في عملية الاخذ والرد او الدوران في حلقة مفرغة حول الاحتمالات التي لا تزال يتم التداول بها. وثمة من يقول انه تم استمزاج الرأي او الموقف لدى الجميع حول اسماء مرشحين محتملين من خارج التجاذب الحاصل حول الرئاسة. وبحسب اصحاب هذه المعلومات فان من غير المرجح الا يكون تبلغ زعيم التيار العوني هذا الموقف في حين ان اشاعة اجواء مناقضة هو بمثابة اشاعة اوهام في غير محلها لاعتبارات غير معروفة وفق ما يقول هؤلاء على الاقل.