IMLebanon

مسؤولون «سابقون» وحاليّون أنكروا احتمال تواجد النصرة وداعش وجميع «فروع» القاعدة في العمق اللبناني

«النائيون» الرافضون حتى لردّ العدوان الجاثم في «عقر دارهم» يتسابقون الآن لاستنكار «إنجازات» داعش

اللاعبون دور «الشياطين الخرس» تجاه وقائع الارهاب الدامغة لا يفوتهمشتم المقاومة وتحميلها مسؤولية ما جرى حتى في الموصل!

المساواة بين استهداف المقاومة للاحتلال و«داعش» من جهة وبين استهداف «داعش» للمقاومة انحياز للاحتلال والإرهاب بامتياز !

وارتكاب الاذى ورؤية جانيهغذاء تضوى به الاجسامُ!

ان يكون في الدولة الواحدة آراء مختلفة تتحاور او تتساجل حول «مصلحة» الوطن فهو امر مقبول موضوعياً ومنطقياً بل مقبولاً في نظر مختلف الايديولوجيات الدينية والدنيوية، ولكن ان نقف مذهولين ومندهشين من رؤية الخلافات على الثوابت البدهية المألوفة لكل دولة او وطن كبير او صغير او في منظور الامة، فهذا هو البلاء الاعظم، الذي يسبق اعلان فشل الدولة او الوطن والامة في الاحتفاظ بالحد الادنى من مقومات البقاء.

نقول هذا الكلام ونحن نرى رأي العين، ونلمس لمس اليد، تواتر الشواهد والادلة، والحجج الدامغة التي لا تحتاج لكبير عناء في ايراد نماذج (شتى) منها يفوق حالة الفراغ المخيفة في الاولويات الضرورية لتوفر السلطة الحقيقية عندنا على ضوء ما يجري على الساحة اللبنانية. ولولا وجود نفر صامد بين ثـنايا هذه الســلطة، لاصبحنا امام فرغ وطن وليس امام فراغ سلـطة يوشك على الزوال، بحيث يوجب اعلان «فشل الدولة» ليس بالمقاييس التي حددتها الامم المتحدة، بل بموجب مواصفات الدولة التي تستوجب التشهير امام شعبها اولا وامام البلاء العالمي كله اخيراً بانها دولة فاشلة.

واخطر مظاهر هذا الفشل الذريع ان يبدأ مسـؤولون في الدول (مخضرمون او جدد) يسلكون سبل «التنافس السلطوي» وتبادل المكائد فيما بينهم، من داخل هيكلية الدولة او بقايا هذه الهيكلية التي كانت بالاصل مهلهلة ومتهافتة..

ولو القينا نظرة سريعة او مطولة متأملة، فيما جرى عندنا في اعقاب احداث الموصل في العراق، التي جعلت حتى بلدا لا يزال يعتبر نفسه الدولة الاعظم في العالم، يتصرف على الفور دون تردد وبشكل مذعور او «متظاهر بالذعر»، والتحدث عن «داعش» وكأنها اخطر على اميركا والعالم كله من الذعر الذي يمكن ان يسود العالم فيما لو وقعت الحرب العالمية الثالثة، ويكون مد سعيها لاظهار الهلع والذعر اقوى شخص في النظام العراقي، ولدرجة الاستنجاد بقوات التحالف، التي كان رئيس الولايات المتحدة الحالي قد اعلن قبل اعادة انتخابه بانه استطاع سحبها من العراق «بالحد الادنى» من الخسائر التي قدرها حسب احصائياته بخمسة آلاف من ضحايا «الجيوش الاميركية المشتركة» ناهيك عن الجرحى والذين اصيبوا بالاعاقة وعشرات الالوف من المرضى النفسيين الذين لا تزال تغص بهم المصحات والمستشفيات الاميركية وينتهي انه بعد طلائع جولة كيري التي بدأت في مصر والعراق ووصوله الى كردستان العراق مسبوقة بتصريحات صادرة عنه في وضح النهار «وشهودها» اجهزة الاعلام العالمية وفي طليعتها الاعلامَين العربي والاميركي بمختلف الوانهما وان ما يقلق من «منجزات» داعش الاخيرة، ما بين سوريا والعراق وما يمكن ان يحدث مستقبلاً للاردن ولبنان، وما قد يؤدي تشظبه الاضــافي الى تشكيل خطر على السلامة والامن الاميركيين كما حدث عام 2001 في عقر دار اميركا نفسها، والذي افضى الى قرار مواجهة الارهاب في افغانستان والعراق. في حين لاحظ العالم كله وفي طليعته الشعب الاميركي نفســه الذي يتحمل عواقب سياسات الادارة الاميركية التي تحكمه، ان هذه الطريقة التي انبعثت منذ عهد بـــوش الثــاني ملاقاة الارهاب ومنازلته في افغنستان والعراق، بان كثافة الضحايا البشرية والنكــــبات التــدميرية الناجمة عن هذه المنازلة مع الارهاب قد تضاعفت على نحو فلكي اسطوري عما كان عليه الارهاب عندما اعلنت «قاعدة» بن لادن مسؤوليتها عما اسمته غروتيها لنيويورك وواشنطن.

ولسائل ان يسألنا : وما علاقة التآمر من داخل الدولة على تماسك الدولة وهيبتها بحيث يجعلها مرشحة للادراج في عداد «الدول الفاشلة» بما جرى في نيويورك وواشنطن عام 2001 ؟ وما علاقة اختلال الاداء السياسي اللبناني في بلد صغير كبلدنا لبنان حول مسؤولية الفراغ في قمة الدولة الناشئ عن الاخفاق في انتخاب رئيس لدولتنا في الموعد الدستوري الذي حدد للانتخاب. وماعلاقة ترشيح الرأي العام في بلادنا العربية والرأي العام العالمي، بدولة تندب نفسها لتنصيب غيرها في الدول الاخرى وخاصة في منطقتنا بقطع النظر عما اذا كانت دولاً فاشلة او ناجحة، بينما تكاد تعجز عن الجواب – اذا سألت هي نفسها – عما اذا كانت تعتبر نفـــسها دولة ناجحة او فاشلة او على الاقل ان تجزم امام نفسها وليس امام العالم كله، عناء التصنيف المتعلق بمقاييس فــشل الدولة او نجاحها على نحو يذكّر الذي يريد ان ينصح الاخرين بوجوب تجنب الوقوع في محذور مواصفات الدولة الفاشلة، بحيث يعتبر الاسهاب والتعميم عالميا، وانه يلفت هروب من تطبيق مواصفات الدولة الفاشلة قياساً على ما يجري في لبنان، ولو «على ضوء» الانفجارات العديدة التي طالت مناطق عزيزة من وطننا الصغير ولا يحتاج ابعاد مسؤولية هذه الانفـجارات لداعش الى جهد كبير فقد وفرت علينا داعش هذا الجهد، عندما تعلن «بصوت جهوزي» متوحش وبهمائي بأنها هي المسؤولة عن هذه «المنجزات» التي سبقتها انذارات كانت قد وجهتها داعش قبل هديها، كما انها لم تدع مجالا للشك او التأويل عندما اعلنت مسؤوليتها عنها، لان «من فلسفتها العزرائيلية» (ومن السهل وصفها ايضاً بالاسرائيلية من حيث طابعها وطرق تنفيذها و«حصارها» ذات قرابة قريبة تشبه «التوأمة والتماثل» مع ما قامت على اساسه «دولة» اسرائيل نفسها على مختلف عصاباتها الارهابية الهاغانا والشتيرن والارغون، بحيث تستطيع وانت مرتاح الضـمير ان تضع مكانها اسماء «النصرة» و«داعش» وانصار الشريعة وغيرها من الاسماء التي تتناحر ولكنها تصدر عن منبع واحد بجمعه استرخاص حياة الكائن البشري، الذي قبل فرد واحد مطلوب من افراده وكأنه قبل الناس جميعاً حسب ما نص عليه الدين الاسلامي الحنيف، لكي يلزم البشرية كلها بوجوب الغضب من اجله.

ويردد «فقهاء الارهاب» انفسهم هذه الاحاديث النبوية والايات القرآنية، ويضعونها في غير محلها، دون ان يروا لاي منهم حق على واحد وبعضهم رغم اللحية الكثّة والطوقية والنفطان الفولكلوري والمواصفات التي حددوها لمن يعتبرونه «مجاهداً»، وهم يعتبرونه مجرد ارتواء ما يخالفها وكأنه يقرب من الكفر والوصول مع مغيري ملامحهم درجة تشبعه للادراج في صفوف من تستباح حرمته.

واذا كنت تقول ما ورد في القرآن مثلا: «وذكر انمـــا انت مذكّر لست عليهم بمسيطر الا من تؤتى وكفر» او اذا قرأين آية اخرى يأمر فيها الله الخالــــق رسول الاسلام نفسه في احدى الايات قولها: «ويسّر ولا تعسّر» فانه يعتبر من الواجب عليه لتأكيد «ايمانه» ان يفعل العكس اي وان من حقك ان تعتبر رفضهم للتمييز بدل التعبير بانه يزايد على الله والنبي.. ولو التقى بالنبي نفسه دون ان يعرفه من قبل، وقال له النبي (ص) «يسر ولا تعسر» وذكره بمثل هذه، فانه يشكك حتى بوجود هذه الاية في القرآن لان مرشديه تجاهلوا مثل هذه الايات في القرآن او الاحاديث النبوية، بدعـــوى ان هذه الايات من شأنها ان تضعف عزيمـــة وصلابة القتلة المجاهدين. من يذكّر بهذه الايات والاحـــاديث، لأنه في نظره يتآمر للاساءة الى الروح المعنوية التي تجعل «المجاهد» يتردد في الذبح والقتل والتمثيل بالضحايا احياء وامواتاً، ولكن هذا كله يجب الا يلغي السؤال الملح الذي يوجهه كل مواطن في هذا الوطن، بل كل مواطن في العالم وخاصة في دول «الجوار» المتاخمة للبلدان التي ابتليت بداعـــش والتي تحــولت الى قواعد للارهاب، وحيث بلغ الهبوط في درجات الوعي حده الاقصى، او تلك التي وصل فيها «الناشطون السابقون» في «دروب النضال» الى الحالة التي يصحّ فيها القول: «ما بجرح يميت» اعلام الدعوة للرسالة ما يصح فيه القول : «من يهن يسهل الهوان عليه»!!

ولعل افظع ما يصل اليه الشعور بالعار والذل والاحتفاظ ان تتحقق على مدار الاحداث، «النظرية الشعبية» لمن يشارك في رسم وتنفيذ الجرائم الكبرى ويشارك بعين بلقاء وبعنجهية لغنصه تجعلك تشعر بالعار من مجرد تواجد مخلوقات من هذا النوع محسوبة في عداء الجنس البشري، وهو يأتي لذوي الضحايا والذين يحتسبون شهيدهم عند الله واحيانا يكون في البيت الواحد اكثر من شهيد، وبينما هم يكون صبر اهل الشهيد متكئا على آية تمثل قمة الشعور بالمواساة والتي تقول: «ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون»، فان بعض الوالغين في سفك دماء الشهداء، يهز اعطافه واعطاف نفوذ من يقف وراء ويعتبر نفسه تباهيا امام اشباهه ممن «يقتلون القتيل ويمشون في جنازته»، سواء كان الشهيد فرداً او في جنازة جماعية جراء مجزرة رهيبة وضحايا من الابطال المجاهـدين الحقيقيين او المواطنين الابرياء، دون ان يشعر قلبه الآثم امام من اوصلوه الى نفوذ يسترخص فيه ارواح الــعباد، مدعيا امام بني جلدته، او جراء شعوره الطائفي البغيض بانه اسهم في جعل اليد الاجرامية لعائلته الروحية، (لكي لا نقول طائفته) هي العليا والشعور بالنصرة عبر القتل واثبات الوجود، وليــبرهن لها مساندته لها سياسيا او قبول انتمائه لوطنها «ولو بعملية انتساب قيصرية»، او بمــساعدة من قوى خفية او مخفية لا تريد الظـهور بمظهر المسؤول عما يمكن ان يكون قد اقترف او سيـقترف، ولكــنه يشعر ان وجود امثاله يعزز مكانتها ولو «اجراميا» حتى لو كان متأكداً ان «الظلم مرتعه وخيم العواقب في ابهامه»!