لا نعرف كيف يتصرّف الاميركي ازاء «داعش»، ولكن في الأساس ازاء النظام السوري… وإذا كان المحللون الاميركيون يجمعون على أنّ رئيسهم متردّد فإنّ سياسته المتردّدة تبلغ ذروتها في سوريا.
إنّ أوباما هو المسؤول عن بقاء النظام السوري المجرم الذي يمعن في قتل شعبه وفي تدمير بلده، والتقرير الاممي المنشور في هذا العدد يكشف تفاصيل مرعبة عما يرتكبه النظام في سوريا حيث نصف الشعب السوري نازح واللاجئون بالملايين، ناهيك بالخراب والدمار… وطبعاً ناهيك بالمئتي ألف قتيل ونصف مليون جريح، فالقصف بالبراميل واستخدام السلاح الكيماوي من وسائل هذا النظام المجرم الذي غضّ العالم الطرف عنه.
وجراء ذلك الإجرام غير المسبوق وما ترتب عليه من تداعيات أبرزها غياب الدولة بكل ما للكلمة من معنى، وعدم توافر أي فرصة للعمل، فيما الدم يسيل في الشوارع والمنازل تدك على رؤوس الناس… فكان أنّ وجد ملايين الناس أنفسهم في الشارع عاجزين تائهين، فلجأوا الى أوّل ملاذ أمامهم… التطرّف!
وهذا ما أسهم في خلق «داعش»… أي أنّ النظام، بإجرامه، هو الذي أوجد البيئة الملائمة لـ«داعش»… البيئة التي ينمو فيها الفقر… الجهل… اليأس من القدرة على تغيير النظام…
ففي بداية الأحداث بقي المتظاهرون ستة أشهر في الشارع لا يصدر عنهم سوى الهتافات المطالبة بالحرية والديموقراطية والانتخابات النزيهة… وكان النظام يرد بإطلاق النار على المتظاهرين العُزل من أي سلاح.
إذاً، في البداية لم يكن هناك تطرّف ولا متطرّفون، وطبعاً لم يكن هناك سلاح ولا مسلحون.
فماذا كان الموقف الاميركي – الغربي – الدولي؟ لا شيء سوى الكلام الذي لا يقدم ولا يؤخر…
ثم أطلق النظام المتطرّفين من سجونه، كما فعل النظام العراقي أيضاً… فكان طبيعياً أن ينشأ التطرّف، وأن يتصاعد بعدما أصاب اليأس الجميع لأنّ العالم صمّ آذانه عن سماع صرخاتهم.
وبكل بساطة، يمكن أن يطرح العالم كله هذا السؤال: لماذا لم يكن في أيّام صدّام في العراق أي وجه من أوجه التطرّف: لا «قاعدة»، ولا «داعش» طبعاً…؟
باختصار، انّ من أوجد «داعش»، هو ممارسات النظام، والموقف الاميركي المتردّد الذي سمح للنظام أن يبقى في الحكم وكأنّه يعطيه إجازة لقتل الناس ولتدمير سوريا!