بريطانيا بلد المطر والسماء السوداء بالغيوم اصبحت مركزاً اوروبياً مهماً للمستثمرين في الطاقة الشمسية. فكانت قدرة الطاقة الشمسية فيها قليلة في عام ٢٠١٠ وكافية لتوليد الكهرباء في منازل قرية صغيرة فيها. فكان انتاجها اقل من مئة ميغاوات اما الآن فهناك في بريطانيا قدرة انتاجية من الطاقة الشمسية بين ٣،٢ الى ٤ جيغاوات gigawatts وهي على وشك ان تسبق ألمانيا التي هي اكبر مركز للوحات الطاقة الشمسية في اوروبا.
والغريب أن الدول الأوروبية تطور إنتاج الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء وهي دول باردة لا تتمتع بالطقس الذي تتمتع به دول الشرق الاوسط. صحيح ان عدداً من الدول العربية لديها ما يكفيها من النفط والغاز. الا ان هناك دولاً اخرى مثل مصر ولبنان والأردن وتونس والمغرب وغيرها تتمتع بشمس ساطعة طوال السنة وينبغي ان تطور بسرعة هذه الطاقة التي تشهد انخفاضاً تدريجياً في كلفة الاستثمار في تقنية تطويرها. ان بلداً مثل لبنان الذي يعاني من نقص كبير في التيار الكهربائي ينبغي ان يهتم بالطاقة الشمسية، لكن المسؤولين السياسيين فيه يتصارعون على مستقبل التنقيب وإنتاج الغاز علماً ان لا احد يعرف بعد ما هو متوافر منه طالما لم يتم حفر بئر واحد على الاقل.
يقول خبراء الجيولوجيا ان وجود غاز ونفط في منطقة قريبة ومشابهة في حوض المتوسط لا يعني بالتأكيد ان المكامن مماثلة في كل مواقع الحوض وأن حفر الآبار وحده يؤكد مضمون المكمن. فمن مصلحة عدد من الدول العربية ان تبدأ بالاهتمام بالطاقة الشمسية وتطويرها خصوصاً ان اسعار تقنياتها يشهد انخفاضاً سريعاً. ويقول فيليب بواسو رئيس شركة «توتال» لقسم الطاقة البديلة لـ «الحياة» انه منذ حوالى خمس سنوات كانت هنالك تقنيات مختلفة لتطوير الطاقة الشمسية والآن هناك تقنية انتاجية انخفضت بشكل سريع واستثنائي لأنها تقنيات قريبة من تقنيات chip للكمبيوتر التي تشهد انخفاضاً مستمراً في اسعارها. ويضيف ان كلفة انتاج «سان باور» انخفضت خمسة اضعاف منذ خمس سنوات، وهذه شركة اميركية اشترتها «توتال». كما يكشف انه في عام ٢٠١١ بدأت الصين تغرق الاسواق بتقنياتها لإنتاج الطاقة الشمسية مع دعم من الحكومة الصينية بعشرات بلايين الدولارات لإتاحة المجال للشركات الصينية ان تبيع الطاقة الشمسية بأقل كلفة ما ادى الى انخفاض سعر هذه الطاقة خلال سنتين. وأثناء هذه الفترة لم تتمكن الشركات الأوروبية والأميركية لبناء اللوحات الشمسية من انتاج هذه الطاقة بكلفة منافسة للصينيين. واليوم اصبح انتاج الطاقة الشمسية مجدياً في ١٧ دولة حول العالم.
والسؤال: لماذا لا تركز الدول العربية على خطة تطوير الطاقة الشمسية التي تمتلك منها ما يسمح لها بالاسراع في الاعتماد عليها خصوصاً ان كلفة انتاجها تنخفض بسرعة؟
ان دولاً نفطية كبرى مثل السعودية تقيم بحوثاً لتطوير الطاقة الشمسية علماً ان لديها ما يكفي من النفط لعقود عديدة ولكنها تبحث عن توفير استهلاكها الباهظ المحلي من النفط لتوليد الكهرباء. فالطاقة الشمسية ينبغي الا تكون فقط في متناول الدول الغنية والدول العربية النفطية بل من المهم ان تبدأ الدول العربية غير النفطية في التفكير جدياً بالتقدم في تطوير انتاج هذه الطاقة. ولدى مصر والاردن القليل من المناطق التجريبية لاستخدام الطاقة الشمسية وهناك بعض التجارب القليلة في لبنان ولكن الشمس التي تتمتع بها هذه الدول تستحق اهتماماً كبيراً لتوفير الطاقة الكهربائية مستقبلاً نظراً الى انخفاض كلفة تقنياتها.